للعذاب نوعان.. جسديّ، ونفسيّ..النوع الأول، هو قطعا صاحب أكبر ضرر، كونه لا يتوقف عند التسبب في آلام وجروح وآهات في جسد.. وإنما يخلقها في العقل كذلك الأمر.
الدماغ منيع في جمجمة، فإن أردت الوصول إليه لتدمير صاحبه، فما عليك سوى كسرها، أو كسر صاحبها.
أطياف من الرعب والألم تلاحقك إثر ألم موجع أو صفعة صفعك إياها الزمان، ولو حتى بعد مئات من السنين..
إلا أن السبيل الذي بات يعتمده العصر الحديث، في كل بيت، وفي كل عائلة.. في كل مدرسة، وفي كل دائرة من الدوائر الاجتماعية.. أسهلها وصولا وأكثرها فعالية..
الكلمات.. الكره.. الأوهام.. التخويف.. الترهيب.. الابتزاز..
جميعها أمست محط تنفس للعالم، بل للبشرية جمعاء.. بات الضغط النفسي واحدا من أساليب المعيشة، ويمكنك الإدراك بلا أدنى ريب، أن البشرية المعتبرة أذكى كائن على وجه الأرض.. تفتك نفسها بنفسها..
إنه ولمن المعيب أن تحرم إنسانا، أو طفلا لليلة وربما ليال بسبب كلمات، ثقبت بها عميقا في قلبه، من ثم تذهب لعيش حياتك غير مدرك لحجم معاناة تسببتها بنزوة منك، أو لحظة فقدان لوعيك.
إنه لمن المعيب عندما تكونين معلمة، أو معلم وظيفته بناء أجيال، فتصيبه الحيرة في أي وسيلة، أو عدد الطلاب الذين سيحطمهم في الحصة الواحدة التي منحت له في كل صف، سواء كان يتضمن ذلك الكلمات، أم أساليب التدريس، أم امتحانتاتهم ناثرا تعبهم طوال تلك السنين مع التراب دون أن يتحرك ساكن في قلبك!
الاستماع إلى ابنك يوميا، أو إلى شكاوي طالبك، أو مرؤوسك يوميا دون توبيخه، والاحتجاج عليه قد تصنع يومه!
فقط دون تحقيق أي من ما يقوله.. الاستماع، والكلمات الجميلة.. فقد باتت كحيوانات بريئة لا ذنب لها، مهددة بالانقراض!
***
تطالع شاشة حاسوبها وسط الظلام الذي اعتادت غرفتها على الغرق فيه بشكل يومي، تتنقل عينيها تارة إلى هاتفها، وتارة إلى الحاسوب تزم شفتيها بقلق وتوتر اجتاح رأسها إثر الاتصالات والرسائل التهديدية التي باتت أحد أجزاء يومها الذي لا يكتمل إلا بها، هذا في جانب عدا التعليقات السلبية التي سلطت عليها في مواقع التواصل الاجتماعي من كل حدب وصوب، وتطبيق وموقع، استثمروهم جميعا في مهاجمتها دون توفير طريقة واحدة للطعن بها.
وهذا كله منذ حادثة غرفة المقابلة..
منذ أيام أمضتها حبيسة غرفتها، توصد وتقفل كل طريق يمكن أحدا من الوصول إليها، تحرم نفسها من الطعام أو الشراب فقط لكي لا تخرج من غرفتها، وسبب هذا كله التهديدات بالقتل التي استمرت بالتهافت إلى رقم هاتفها، دون أن تدري من الشخص الذي وصل إلى رقم هاتفها الخصوصي، الذي لا يعلم بشأنه سوى أفراد عائلتها..

أنت تقرأ
𝑁𝑂𝑇 𝑊𝐻𝐴𝑇 𝑌𝑂𝑈 𝑇𝐻𝐼𝑁𝐾 ~ 𝐿.𝑀𝐻
Lãng mạnعندَما التقيتُ بك.. قلتُ لو كانتْ تِلكَ الفتاةُ لي.. اعذريني كانَ يجِبُ أن أقول.. صعبَة! ~~ رُوينْ ياسنو "لي مينهو". يم فانسوا.