Part 1

5K 102 7
                                    

(سندس)

كنت واقفة امام النافذة حتى شعرت بيد محمد تحوطني. شعرت بأنفاسه على رقبتي, انزلت يداي ولامست يداه والابتسامة لم تفارق شفتاي. كنت أشعر بسعادة تغمرني وانا بين يديه كما لو أن تلك الانفاس الخارجة منه قد كتبت لتحوطني فقط ولا تبعث لاحد غيري.
كالعطر تماما عندما يشعلل بداخلك ذاك الشعور ويجتاح دواخلك لانه معني لشخص واحد فقط وليس لغيره. شعور غير مفسر لكن كان الصمت كفيل بأن يبدأ قصة كاملة جديدة قد تستمر لفترة طويلة ولا يعلم اي منا من هو مخدوعا بالاخر!
كنت انظر لبرج ايفل من النافذة وهو بجانبي, همس في اذني, "تردين نبقة هنا؟"
نعم كنت اتمنى ان تستمر هذه الايام لكن دائما هناك اشياء توقفك رغما عنك من متابعة تلك الايام الجميلة, "ودانة شون؟"
صمت قليلا وشعرت بشفاه على رقبتي وشعره يلامس وجنتي. لم يقل شيء في بادئ الامر في الوقت الذي كنت انتظر منه مبادرة جميلة لكنه اكتفى بتقبيلي من هناك.
قلت له اخيرا, "اوكي احضر الجنط."
قبل ان اجرد نفسي من بين يديه قال لي, "انعيدها وعيونج."
ابتسمت له لانني اعلم بصدق كلماته واعلم بأن هذه الايام الجميلة لابد ان تنتهي لذا رفعت احدى يداه نحو شفتي وقمت بتقبيلها مغمضة عيناي. بعد لحظات قليلة قد مرت جردت نفسي منه وذهبت الى خزانة الملابس كي اقوم بجمع حاجياتنا لكنه سحبني من يدي.
ضحكت له بدلع قائلة, "مراح الحك حياتي."
رن هاتفي في هذه الاثناء. حاولت ان افلت يدي من محمد كي ارى من المتصل لكنه منعني بتحويطه لي وارجاعي على الحائط وتقبيلي بشغف لدرجة انني لم استطع ان اقاوم تلك القبلة كي ابتعد عنه للحظة حتى انتهى بي المطاف معه على السرير واصبحت أشعر بأن هذا العالم مختلف وجميل لدرجة ان جماله اجمل بكثير من ذاك المنظر الذي كنت اناظره وانا امام النافذة مع ذاك الضوء الجميل بجانب ضوء القمر.
أستيقظت في صباح اليوم التالي وانا عارية الثياب حتى اطلت النظر اليه وهو مغمض العينين. سحبت الشرشف من فوقه حتى أرتعش بسبب نسمة الهواء الباردة التي حوطت جسده. فتح عينيه وهو يناظرني بينما انا وضعت الشرشف حول جسدي بسرعة.
قال بصوته المخملي الناعس, "حبيبي وين رايحة؟"
نحنيت وقبلت وجنته, "دا اكوم احضر الجنط مبقة شي للطيارة يلا كوم اغسل."
أبتسم لي وعاد الى نومه بينما انا ارتديت قميصه الذي كان مرمي على الارض ووضعت الشرشف فوقه ثم توجهت كي اقوم بحزم امتعتنا.
بعد ان انتهيت استيقظ محمد حتى انهينا كل شيء. غيرنا ثيابنا وتوجهنا الى المطار.
لحسن الحظ وصلنا في الوقت المناسب بعد ان اتممنا الاجراءات اللازمة وقمنا بأخذ الطائرة المتوجهة الى البحرين ثم الى قطر.
قبل ان تبدأ الطائرة بالاقلاع اخرجت هاتفي من الحقيبة حتى صدمت بعدد الاتصالات التي اتت لي من الخادمة. كانت ما يقارب اكثر من مئة اتصال من مساء امس. شعرت بألاختناق فلابد ان شيئا حدث وهي تتصل بي عدة مرات بينما انا كنت مشغولة مع محمد.
"بيج شي حبيبي؟"
"ما اعرف بس ميري داكة علية هواية من البارحة اكيد صاير شي لازم اتصل بيها."
بدأت الطائرة بالاقلاع حتى لم يتبقى الوقت لدي للاتصال بها. سقطت دمعتي غير قادرة على منعها. شعرت بيد محمد تحوطني, "حبيبي اكيد ماكو شي. يمكن دانة رادت تحجي وياج."
شعرت بالامان وانا بين يديه واجبرت بأن اصدق كلماته لانه الوحيد الذي يبعث في داخلي ذاك الشعور الجميل لذا حاولت طرد تلك الافكار من رأسي وخلدت الى النوم في احظانه.
بعد مرور فترة من الوقت استيقظت على صوته وهو يهمس لي, "يلا حبيبي وصلنة."
أجبته بحماس, "لقطر؟"
"لا حياتي للبحرين."
ترجلنا من الطائرة وجلسنا في أحد المطاعم التي كانت توجد في المطار منتظرين طائرتنا المتوجهه الى قطر.
بينما طلب محمد الطعام لنا لانني لم أأكل في الطائرة كانت الافكار متربعة في رأسي وانا افكر حول تلك الاتصالات التي وصلتني من الخادمة. شيء في داخلي اخبرني بأن هناك شيء حدث كما لو ان هناك غصة في داخل قلبي تخبرني بأن اتوجه الى المنزل في أسرع وقت.
كنت احرك الطعام في الشوكة غير قادرة على الاكل حتى قطع سلسلة افكاري محمد وهو يخبرني, "حبيبي ليش متاكلين؟"
"بالي يم دانة."
قام من مكانه, "ثواني هسة ارجع."
بعد لحظات من الانتظار وانا اجهل ذهابه المفاجئ عاد لي محمد وبيده شريحة للاتصالات. ناولنياها وهو مبتسما حتى اخبرني قائلا, "اتصلي بيها حياتي."
غيرت شريحة هاتفي بسرعة وقمت بطلب رقم هاتف المنزل. بعد محاولات عديدة قد باءت بالفشل أحسست بأن المكان قد ضاق من حولي وغير قادرة على التنفس.
بعد ان لاحظ محمد حالتي سحب الهاتف من يدي, "انطيني احاول."
رأيته وهو يتصل على الرقم لعدة مرات لكن لا من مجيب حتى قال لي, "محد ديجاوب." استرسل بسرعة, "اكيد نايمين مبقة شي ونوصل."
حاولت ان اصفي رأسي من تلك الافكار التي اجتاحت دواخلي وبدى الوقت طويلا جدا كما لو ان الساعة لا تعمل وانا اراقب حركة عقاربها لعلها تتحرك وتأخذني الى منزلي بسرعة.
فحتى لو كان محمد يحاول ان يهدء من نفسي لكن لم استطع ان اشعر بذاك الامان هذه المرة فقد اصبح كل شيئا مخيف. "فالذاكرة هي ايضا في حاجة الى من يرتب فوضاها." #محمود درويش, بينما هي كانت الوحيدة التي تستطيع ان تنهي ذاك الصراع الذي يحدث في رأسي.
بعد مرور وقت طويل قد مر توجهنا الى الطائرة التي سوف تبدأ بالاقلاع نحو دولة قطر وانا غير مصدقة.
كنت جالسة في الطائرة وانا ادعي الله بأن كل شيء سوف يكون على ما يرام وبأنها سوف تكون بخير. بأن هذه الاتصالات التي قمت بأستقبالها لم تكن الا اتصالات ليس لها اسباب وانها اشتاقت لي كما افعل انا. كان محمد بجانبي وهو يمسك يداي يحاول ان يوقف ذاك الارتعاش الذي اصابني. فمشاعر مبعثرة كثيرة كما لو انها خوف, شوق, واكثرها توتر.
عندما حطت الطائرة في مطار حمد الدولي اخيرا قمت من مكاني بسرعة لكن استوقفني محمد, "حبيبي انتظري شوية بعد. اتأكدي كل شي راح يكون بخير."
نظرت في عينيه قائلة له من غير حول ولا قوة وانا اتمنى بأن كلماته صحيحة, "ان شاء الله."
بعد ان حطت الطائرة تماما وقاموا بفتح الابواب خرجنا بسرعة اخذين امتعتنا ومتوجهين الى الخارج. كان احد اصدقاء محمد في المشفى ينتظروننا في الخارج حتى احتظنه بقوة, "مبروك يا ريال عسى كل ايامك عسل."
ابتسم له قائلا, "مشكور يوم الى الك."
ضحك صديقه دون ان يقول كلمة حتى وجه الكلام لي, "مبروك يالعروسة."
"الله يبارك بيك."
كنت أود ان نتحرك بسرعة كي أصل الى المنزل. بينما كان محمد يتبادل الحديث مع فايز. قاطعتهم قائلة بنبرة توتر, "محمد بسرعة."
"اي حبيبي يلا."
بادر فايز, "انا اسف حياج." فتح الباب لي ووضعوا الحقائب في علبة السيارة ثم تحركنا من هناك بعدما شعرت بأن قدماي لم تعد تحملاني.
كان محمد وفايز مشغولين في الحديث حول امور المشفى بينما انا كنت احاول الاتصال بدانة حتى اصبح الهاتف مغلق.
عند وصولنا أخيرا ترجلت من السيارة بسرعة ووقفت امام الباب وانا اطرقه بقوة لعل دانة او الخادمة يقوموا بفتحه. اصبحت افتش حقيبتي لاجد المفتاح, شعرت بيد محمد على كتفي, "حبيبي هدي يمكن نايمة هسة افتحة."
أبعدني قليلا بيده كي يقوم بفتح باب المنزل.
تانيت ع الباب واحس قلبي بعد ميتاني
ع النار منتظرك واون يا حبيبي ميت اني
كل ساعة قلبي ينجرح يتخيل الباب انفتح
شفت الفراك شكد صعب مثل الطفل بجاني. #حسام الرسام
بعد ان قام محمد بفتح الباب, دخلت بسرعة الى الداخل دافعته بيدي. اصبحت انادي, "دانة, دانة." لعلها تجيب لكن لم اسمع لها صوتا, "ميري."
توجهت الى غرفة دانة وانا على امل ان اراها لكن تفاجئت برؤية ميري وهي طريحة على الارض وكل شيء مبعثر في الغرفة. نظرت يمينا ويسارا ولا وجود لدانة!
صرخت بكل ما اوتيت, "دانة."
ذهبت بجانب ميري وجلست على الارض محاولة ان اجعلها تستعيد الوعي لمعرفة ما حدث, "ميري, ميري."
أتى محمد من هناك ووقف بقرب الباب وهو ينظر لي حتى رأى الدموع تنهمر من عيني وتفاجئ كما تفاجئت انا بعد رؤيتنا لما حدث في الغرفة ووجود الخادمة طريحة على الارض.
أتى بجانبي وجلس بسرعة محاول ان يجعلني اهدء قليلا بينما هو كان ينظر يمينا ويسارا. "سندس على كيفج. اهدي حبيبي."
حوطني بيديه لكن بدأت بدفعه بقوة, "كلة منك لو مجاوبة البارحة." أصبحت ابكي بقوة لكنه احتظنني محاولا جعلي اثبت بين يديه.
"هسة اروح المركز الشرطي ونلكاها."
بعد بكاء طويل وانا بين يدي محمد لاحظت بأن ميري ما زالت طريحة على الارض ولم تنطق بكلمة او تحرك ساكنا حتى جردت نفسي من بين يديه ماسحة رأسها وانا احادثها, "ميري! ميري تسمعيني. الله يخليج جاوبي."
وضع محمد يده على رقبتها قائلا, "ماكو تنفس."
دفعها بخفة لانها كانت طريحة على بطنها حتى فوجئنا برؤية الدم من هناك كما لو ان احدا طعنها من مكان بطنها. لم استطع ان لا اصرخ وانا ارى كل هذا امامي. وضعت يداي على وجهي وبدأت بالصراخ والخوف على دانة اكثر ان حدث لها شيء.
سمعت محمد وهو يصرخ على فايز بأسمه مخبره ان يأتي الى الاعلى.
فكل شيء اصبح صعبا بعد ظنوني التي كانت تتمركز حول الحفاظ على من احببت لكن ذاك الفشل الذي تربع في داخلي جعلني افقد كل شيء في لحظة ولا اود اي شيء غيرها!
حزن, الم, تعب, يجعلك تحاول الصراخ والابتعاد وربما حتى الاصابة بالجنون لكن لكل شيء ثمن وكل خدعة قد تكشف في وقت ما فأكثر المظاهر خداعة واكثر العيون كاذبة ووحدها الحقيقة التي تنتصر في النهاية!
"أكثر ما المني هو اني كنت مؤمنة بقدرتي على النجاح, و طار هذا الايمان مع الرياح ... حزينة جدا لاني تيقنت ان ابسط احلامي لن تكون حقيقة." #هنوف الجاسر

رواية خدعة المظاهرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن