Part 10

1.4K 47 9
                                    

(محمد)

تفاجئت بوجودها كثيرا لكن برغم هذا بعد أن استعدت نفسي وكانت هي صامتة منتظرة مني كلمة ناظرتها بحذر وهي تجلس أمامي هكذا بثقتها الكبيرة وأبتسامتها العريضة.
قلت بأرتباك, "ليش انتي هنا؟؟"
ذهبت أبتسامتها تلك وسألت بحذر, "ليش خطفت البنت؟"
ناظرتها وانا لا اصدق, "مدا افتهم!"
"شنهو الي موب فاهمة؟ العيال الي احتجزتهم عندي خبروني انك سرقت السيارة حكي وخطفت البنت."
"اني؟"
"شفيك محمد؟ لعبة يديدة بس هالمرة شوي غير عن قبل."
صرخت وقمت من مكاني قائلا, "اي لعبة شبيج؟ ومخطفت اي احد اني!"
اجابت ببرود, "طيب هدي! هدي يا دكتور محمد."
عدت بالجلوس على الكرسي وانا اشعر بأن تلك الاصفاد ليست محوطة يداي فقط وانما محوطة عنقي فقد كدت أصاب بالاختناق حتى عادت لي تلك الذكريات القديمة من جديد!! "ليكون انتي مسويتها مثل مردتي تورطيني بالاول بعد انفصالنا!"
أبتسمت مستفزتني, "ليكون فاهم للحين انا احبك عشان بسوي جي؟"
"ما اعرف ومو مهم اذا بعدج تحبيني بس كليلي ليش رجعتي من اميركا؟ ليش صار اختطاف دانة بعد رجعتج؟"
تغيرت ملامح وجهها واصبحت تناظرني بغضب, "محمد حاسب كلامك. انت تفهم شقاعد تقول؟"
"اي قاعد اقول الي ديصير يا ست علا."
قامت من مكانها مودة الرحيل, "انا غلطانة ييت هني بس يمكن القدر قاعد يلعب لعبتة وياخذ حكي منك بعد ما حبيتك وانت هديتني ورحت. شفت يا محمد خبرتك انا انه بيي يوم وشوفك قاعد تتعذب وباين هالايام ياية."
"علا اصحي الي دتسوي غلط ودنحجي على اختطاف ومحاولة خطف اعضاء وجريمة قتل يعني اعدام."
"الي مكتوب على الجبين لازم تشوفة العين يا دكتور محمد."
توجهت نحو الباب وهي تود فتحه. صرخت عليها, "علا!"
"حاسب على عمرك."
خرجت من هناك وأغلقت الباب خلفها بينما كنت انا ما ازال اجلس هناك لوحدي غير فاهم مالذي كان يحدث ولماذا توجه لي تهمة كهذه.
لا أعلم كما لو ان ذاكرتي اعادتني الى عدة سنوات الى الوراء وأنا اذكر ذاك الماضي.
خطأ واحد يجعلك تيقن بأن هذا الزمن لا يعاش لان المخاوف سوف تلاحقك لا محالة.
ذاك الشك يبقى يلاحقك مهما فعلت لانك تعلم بأنهم هم الوحيدون الذين يريدون أن يجعلوا تلك الدموع تسقط من عينيك ليس غيرهم.
هم الوحيدون الذين يريدون أن يروك محطم لذا تأسف على حبا قد مضى لزمن حتى لو كان من الماضي البعيد.
تقتلهم بغبائك ويصوبوا نحوك السهم في الوقت المناسب بعد أن تظن بأن ما مضى قد مضى بالفعل لكن تكون مخطئا لان الضربة تأتيك بعد عقدا من الزمن لانهم لم ينسوا ما فعلته من حماقة كما ظننت.
فبرغم هذا ظننت بأن هذا الحب قد ذبل كما تذبل تلك الزهور لكن كنت مخطئا فحتى بحماقاتها وقلبها القاسي جردتني من حاضر وكبلتني بذاك الماضي فكنت كما قال #فاروق جويدة, "قد غبت عنا زمانا ... فقل لي بربك من يرجعك؟ فعشقك ذنب ... وهجرك ذنب .. أسافر عنك ... وقلبي معك."

(سندس)
كنت جالسة بعد أن ذهب وليد والافكار تقتحمني بينما كانت دانة تتناول الفطور. بعد أن انتهت سألتها قائلة, "دانة حبيبتي!"
"نعم ماما؟"
"حبيبتي عادي اذا عمو وليد ...." لم أستطع ان اكمل الحديث وفضلت الصمت. لا أعلم كيف سأفاتحها في الموضوع وهي ما زالت كزهرة صغيرة جدا خائفة مما حدث لها وهي تنظر بتلك النظرة التي تقتلتني منذ عودتها الى الان.
قالت بصوتها الناعم, "شبي عمو وليد؟"
"ولا شي حبيبتي. امشي نطلع."
فكرت قليلا وقررت بأن أترك الامر له فلم أستطع أن أجلب لها الموضوع ربما هو سوف يعلم كيف فعل هذا.
خرجنا من المنزل بعد أن قمنا بتغيير ثيابنا لانني اردت مقابلة محمد في تلك اللحظة. أردت منه أن يقوم بتقديم تفسير واحد لي عما حدث برغم انني لن استطع مسامحته عما حدث لي انا وابنتي.
عند وصولنا الى المخفر أردت التوجه الى غرفة نايف لكن صادفني وليد وقد بدى عليه بأنه تفاجئ لرؤيتنا كما تفاجئت انا ايضا بوجوده هناك لكن أبتسم بعدها وهو عاقد حاجبيه.
قلت له, "وليد؟ توقعت استقاليت."
"رديت اليوم!"
"مبروك هسة ارتاحيت لان مثل متعرف ...."
قاطعني قائلا وهو يشير الى مكتبه, "حياكم الله نور الدار."
ذهبنا الى هناك وجلسنا على الاريكة الموجودة انا ودانة وجلس هو أمامنا منتظر مني ان اتحدث حتى اخبرته, "أريد اشوف محمد اذا ممكن."
تغيرت ملامح وجهه في الحال وذهبت تلك الابتسامة التي ارتسمت على شفاه قبل وقت قصير. "بس الحين قاعدين نحقق معاه."
"انت الي كمشت القضية؟"
"هية عشان جي رديت."
"طيب خليني اشوفة اذا الموضوع بيدك محد راح يعارض صح؟"
"اكيد بس مابي تضايقين عمرج."
في هذه الاثناء طرق الباب. قال وليد, "ادخل."
دخلت امرأة وبدأت تناظرني بحذر. بادلته تلك النظرات لكن برغم هذا انني لم اكن اعلم من تكون وعلى ما يبدو انها لم تكن تعلم في المخفر فقد كانت ترتدي ملابس لا يمكن العمل بها في مكانا كهذا.
قال وليد وهو يقوم من مكانه, "انا الحين ياي اكلمج. عن اذنج سندس."
استوقفته بكلماتها وهي تخبره, "مافي داعي بس كنت ابي اشكرك عشان سمحت اشوف محمد. مشكور وايد."
تصنمت في مكاني فمن تكون هذه المرأة لتراه. ناظرت وليد حتى قال لها بتلعثم, "مافي داعي. الله معاج."
ذهبت هي بينما كنت انتظر منه تفسيرا حتى أبعد عيناه عني وهو ينظر الى اوراقا مبعثرة أمامه حتى قال أخيرا, "هذي علا الي خبرتج عنها."
سألت دانة, "ماما منو علا؟"
أخبرتها قائلة, "حبيبتي صديقة عمو محمد بالشغل جتي تساعدة." بعدها وجهت الكلام الى وليد, "ممكن اعرف شنو الي ديصير؟ قبل شوية اكلك اريد اشوفة تكلي تحقيقات وما اعرف شنو."
"خبرتج انا ونايف نبي نشوف شلي بيصير ونتأكد."
"وتأكدتوا من شنو؟"
"الحين نبي نسمع التسجيل. يمكن تكون لعبة عشان اكيد بيكونوا يعرفوا ان كلامهم بيتسجل بس في امل ان الحوار الي دار بينهم بيوصلنة لشي."
قمت من مكاني قائلة له, "اوكي بين متسمعون التسجيل انت ونايف اريد اشوف زوجي."
امسكت دانة بيدي. قال لي وليد, "تم طال عمرج بس بيكون احسن لو دانة تم هني عشان اكلمها."
ناظرت دانة ثم ناظرته مخبرته, "متأكد هذا الشي الصحيح؟"
"ثقي فيني لا تحاتين. هذا الحل الوحيد عشان نوصل للحقيقة."
"طيب خليني هنا ومن تخلصون اشوف محمد."
"بيكون احسن لو بنتم بروحنا." وجه ناظره الى دانة وهو مبتسم, "الحين انا ودانة ندردش شوي."
بادلته دانة الابتسامة. جلست امامها مقبلة خدها. "حبيبتي ابقي يم عمو وليد واني شوية وارجع."
"اوكي ماما."
أخذت نفسا عميقا بعدها وقفت قائلة لوليد دون النظر اليه, "ممكن!"
كنت أشعر بنظراته نحوي لكن لم أستطع تفسيرها حتى شعرت بأنها شفقة منه وهو يراني اذهب الى النار بقدمي.
"تعالي معاي." وجه الكلام الى دانة, "حبيبتي نطريني هني شوي وراد لج."
جلست دانة على الاريكة حتى خرجنا انا ووليد وهو يدلني الى الغرفة التي محتجز بها محمد.
وقفنا امام الباب. قال لي قبل ان يقوم بفتحه, "مانج مجبورة!"
"محتاجة على الاقل تفسير واحد للي ديصير."
"وتهكين ان سمعتي هالشي بيريحج؟"
"يمكن يأذيني اكثر بس لازم اسمعة."
"الي تبينة." أراد فتح الباب لكن استوقفته قائلة ودقات قلبي تتزايد في سرعتها, "لحظة."
"فيج شي؟"
"علا!"
"شفيها؟"
"وجودها هنا ومقابلتها لمحمد؟"
"بعد ما اشوف دانة بنسمع انا ونايف كلامهم وبخبرج كل شي لا تحاتين."
صمت ولم أقل شيء في الوقت الذي كنت اود أن أسأله الكثير حتى قال لي, "خبريني!"
ناظرته متعجبة, "شنو؟"
"قولي الي تبي. حاس في كلام تبين تقولينة بس مو قادرة."
ناظرت الارض وانا اسأله, "تتوقع اكو علاقة بينهم حاليا؟"
بالرغم من احمر الشفاه الذي رأيته على قميصه ووجودها هنا لكن كل ربما أردت أن يخبرني بأنه لا يوجد شيء بينهم ولا اعلم أن سؤالي له بدى انكساري اكثر ام لا.
قال لي كما لو انه يود ان ينهي حديث كلانا نعلم اجابته, "سندس تبين ادشين؟ ولا وقت ثاني؟"
أخذت نفسا عميقا, "عرفت الجواب! لا ادخل هسة احسن وقت اذا اجلتها مراح اكدر اشوفة بعد."
فتح الباب لي. كانت عيناي موجهة الى الارض. دخلت الى الداخل بخطى مرتبكة في الوقت التي وددت أن تكون واثقة.
لن أود ان اظهر انكساري امامه. أردت ان اكون شامخة في الوقت الذي اراد ان يراني محطمة.
كلمات ربما قد تكون جميعها اكاذيب وهو ينطق بها لكن خدعة نلاحقها فقط لنتعدى جزء من حقيقة قد اوجعتنا لحد الهلاك.
نرمي اوجاعنا على القدر والاخرى على حظ قد شتتنا ولا يود ان نصادف ماهو جميل حتى تأتي مقولة #رضوى عاشور في رأسي لتكمل صورة مهشمة, "أحيانا أقول ان الحياة تقسو بلا معنى ولا ضرورة, وأحيانا أقول حظنا منها, وأن ساء, أقل قسوة من الاخرين, أقل بكثير." فلولا حظي ذاك لما جعلني التقي به منذ البداية ليرمي لي بتلك القسوة التي جعلتني حطام ولا اعلم ان كنت سوف اعود كما كنت ام لا.
وقفت هناك بعد ان اغلق الباب وليد. لم أستطع ان ارفع عيني لاراه فلم تكن لدي الشجاعة الكافية وللحظة واحدة شعرت بأن وجودي هناك كان خاطئ تماما.
قال لي وقد بدى على صوته التعجب, "سندس!"
سمعت صوت الكرسي كما لو انه قام من مكانه. رفعت رأسي بسرعة تلافيا لقربه مني, "اكعد الله يخليك."
توجهت نحو الكرسي الذي يوجد امامه كما أنه جلس أيضا بعدما ادراك غضبي منه. قال وهو يتلافى النظر الى عيني, "همة اتصلوا بيج؟"
"ليش جان المفروض يتصلون بية؟"
"طلبت منهم اشوفج بس كالوا تحقيقات ميصير."
"اي كلولي بس وليد كامش القضية وخلاني اشوفك."
قال بحذر, "وليد؟؟"
قلت غير مبالية لكلامه, "ليش هيج سويت؟"
"شنو؟ ليكون مصدكة اني الي ورة خطف دانة."
قلت ببساطة, "وبرأيك ليش ما صدك؟ اصلا ما اعرف ليش ازوجتني وانت عندك عشيقة!"
ضحك قائلا, "عشيقة؟"
أجبته بتحدي, "علا مايد العلي."
أتسع بؤبؤ عيناه وهو يناظرني. أسترسلت, "ادري وشفتها وهي طالعة منا. سبحان الله اول متعرف احتجزوك جتي الك ركضت."
"ماكو شي بينا."
ضحكت مستهزئة, "اي بس طبعت الحمرة مالتها على قميصك. عادي!"
أراد ان يمسك يدي وهو مكبل الايدي. سحبت يدي من على الطاولة بسرعة. اعاد قائلا وهو يؤكد كلامه, "سندس دا اكلج ماكو شي بينا. علا ماضي."
قلت له بتحدي, "وماضيك ميهمني." ثم اضفت, "ولا الحاضر مالتك! وجيت لهنا اريد اعرف ليش هيج سويت وياية ودانة؟ ليش؟ شنو الذنب الي ارتكبتة حتى تتصرف بهالطريقة؟"
"سندس اني مسويت هالشي ومستحيل اخطف دانة بس الموضوع كلة مترتب جان."
"ومنو الة مصلحة يسوي هيج؟"
لم يقل شيء. قمت من مكاني, "مثل متوقعت ما عندك جواب."
قال بتحدي, "لا اكو جواب! بس ..."
صرخت قائلة, "بس شنو؟ كلي بس شنو؟"
ناظرني ولم يقل شيء كما لو انه صام عن الكلام. استرسلت بذات غضبي, "تخطف بنتي وتخوني. ليش كل هذا؟ كسرتني يا محمد دتسمع؟ كسرتني انت لو مشفتك هواية احسن. المشكلة ممرتاحة واني اشوفك هيج وبنفس الوقت بنتي برة كاعدة نخطفت ورادت تروح مني. دتشوف بيا نار خليتني؟ وكملتها كلها وانت تخوني وية وحدة ثانية وهسة تكلي الموضوع مترتب!" شعرت بوجنتاي قد ابتلت. شعرت بأن تلك الكلمات قد خرجت من فمي من دون وعي.
قال لي بصوت قد بدى غائبا, "دانة اني مخطفتها والي سوة هالشي يريد يورطني."
صرخت قائلة, "منو؟"
أجاب بذات النبرة, "علا!"
بدأت بالسير يمينا ويسارا وانا اكاد ان اصاب بالجنون, "علا؟ ليش؟"
"شي متعلق بالماضي!"
وقفت وناظرته قليلا, "ماضي؟ دتحسسني الي كدامي شخص ما اعرفة."
"سندس بس ثقي بية ارجوج."
توجهت نحو الباب ووضعت يدي على قبضته ودون النظر اليه قلت له بصوتي المبحوح, "اسفة محمد صعب."
تركته وخرجت من هناك وأنا أشعر بأن نار قلبي كادت ان تحرقني. لم أستطع ان اصدقه ولا اعلم مالذي كان يحدث.
شعرت بأن كلامه لم يكن الا اكاذيب قد رتبت ولا اعلم لماذا كان الماضي معلق بحاضره هذا فيكفي بأن جميع ما يحدث لي الان بسببه.

رواية خدعة المظاهرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن