Part 2

2.4K 78 15
                                    

(سندس)

لم اكن اعلم ما كان يحدث من حولي فكل شيء قد بدى مظلما ومتعب في ذات الوقت. ففي كل مرة كنت استيقظ من ذاك الكابوس لاستيقظ على كابوس حقيقي اكثر لعله ينتهي لكن اكون مخطئة فملامح محمد كانت تخبرني الكثير وتجعلني ايقن بأن دانة ما زالت في مكان اجهله وان الشاهد الوحيد قد قتل امامها ربما.
شيء مخيف وانت لا تعلم مالذي يدور حولك وانك خسرت من تحب حتى لا تعلم متى سوف تراه كأنه خدعة قد تخيفك ولا تثق بذاك الساحر الذي امامك فيصوب السهم نحوك وتكون انت من قتل قبل ان يقتل هو بتصديقه لامور لطالما قام بتصديقها فكم موجعة تلك الخدعة, تخدع بمظاهر من حولك وتكون انت المتوجع الوحيد في هذا كله.
"في حياة كل امرئ منا, خيط رفيع يربطه بالحياة ... ما ان ينقطع هذا الخيط حتى نفقد الرغبة بالتنفس والاستيقاظ والتفكير والعيش! .. وهي الخيط الذي يبقيني حيا فكيف امارس الحياة بلا رابط يربطني بها؟!" #اثير عبدالله النشمي.
لا اعلم كم مرت من الايام وانا اصارع هذه اللحظات بتلك الطريقة...
أستيقظت في احد الايام ورأيت الطبيب المختص على حالتي واقف امامي. أًصبحت متعبة من الصراخ والبكاء حتى انهم لم يقوموا بأعطائي منوم كما يفعلون في كل مرة.
قلت بصوت متعب جدا وربما قد بدى له غائبا لانه لم يسمعني من اول مرة, "دكتور!" اعدت كلامي اليه حتى لاحظ استيقاظي, "دكتور! دكتور!"
"سندس! لتعبين روحج."
التفت يمينا ويسارا بصعوبة لعلي ارى محمد لكنه لم يكن هنا, "محمد! وينة؟"
"محمد كال عندة شغلة ويرجع شوية."
سألته بخوف, "لكيتوا دانة؟"
اجابني قائلا مزيد خوفي و توتري, "ماعندي علم بالموضوع بس اكيد محمد من يجي يكلج شو صار."
في هذه الاثناء اتت الممرضة مخبرة الطبيب, "دكتور الضابط وليد قاعد يسأل ان كانت المدام سندس صحت ولة لا! يبي يكلمها؟"
بادرت بتسائل, "الضابط وليد؟"
قال الطبيب, "هو المسؤول عن الحادث الي صار وديدور على دانة!" ثم وجه الكلام الى الممرضة, "كليلة تعبانة متكدر."
قلت بسرعة قبل خروجها, "لا انتظري اريد اشوفة!"
أجاب الطبيب, "متكدرين."
"ليش؟"
"هذا الي كالة محمد قبل ليروح. كال هو الوحيد الي يحجي وياه وبما انه اني المسؤول عن حالتج ما اكدر اكسر كلام الدكتور محمد."
قلت غاضبة محاولة ان استجمع طاقتي, "كتلك اريد اشوفها دكتور ومحمد معلي مو هو ابوها حتى يقرر."
ناظرني للحظات بينما كانت الممرضة تنتظر قرار الطبيب لتخبر وليد ما عليها قوله حتى اخبرها اخيرا, "اوكي خلي يدخل."
كنت مازلت مستلقية على الفراش بسبب تسببي بالتعب من كل ماحدث وطاقتي التي فقدتها. بعد لحظات دخل رجل طويل القامة, اسمر البشرة وهو يناظرني بعيناه السوداوتان و كان بعض من شعره الاسود على جبيته. كان يرتدي بنطال اسود و"تي شيرت" بذات اللون حتى بانت تقاسيم يديه.
بادرت بسرعة, "عرفتوا وين مكان دانة؟"
ناظرني بقلق عاقدا حاجبه, "للحين جاري البحث."
لا اعلم ماذا دهاني وعادت دموعي تصب من عيني بغزارة لكن بدون ان ابدي اي صوت. اتى وجلس على الكرسي الموجود بجانب السرير, "لا تحاتين اكيد بنلقاها. انا من امس طرشت صورها للصحف والتلفزيون. واظن محمد خبرني انه نشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعي." لم انطق بكلمة. استرسل, "انا وليد حمد من المخفر القريب من داركم."
قلت بصوت خافت جدا, "هلا والله. اني سندس."
"طيب سندس تبين الحين نتكلم ولا وقت ثاني؟"
"شنو تحب نحجي بي؟ اي شي يرجع بنتي اكيد راح اسوي."
"اول شي ابي اعرف ان كان في شي موب طبيعي مؤخرا يعني يمكن تكون اهربت عشانج تزوجتي!"
رفعت حاجبي له قائلة بتعب, "اكيد لا مستحيل. هي تحب محمد كلش."
"يمكن ما حبت تضايكج عشان جي نطرت للوقت المناسب."
قلت متلعثمة, "بس هي بصراحة اتصلت بية عدة مرات قبل وصولنا ومجاوبت اني!"
"ليش ما رديتي؟"
ناظرته في حيرة لا اعلم ما علي قوله حتى اجبت, "منتبهت جنت مشغولة وثاني يوم شفت متصلة كومة ومن رجعت اخابر محد رد."
اكتفى بقول, "طيب."
قلت بخوف, "دانة تتوقع هربت؟"
"لا بس حبيت اعرف شلي صاير لكن جريمة القتل جاعلة الشي غامض شوي. اهي بانت كأنها انتحار لكن لقينا بعض البصمات ونبي نتأكد."
"شون يعني تتأكدون؟"
أبتسم قائلا, "ما عليج الشغل حكنا هذا."
في هذه الاثناء دخل محمد الى الداخل لكن كان يبدو قلقا للغاية. سألته في حيرة من امري وانا احاول النظر اليه لان وليد كان يحجب الرؤية لدي وهو يجلس امامي, "محمد وين جنت؟"
قال وهو ينظر الى وليد, "ليش انت هنا؟"
ادار رأسه وليد كي يرى وجهه وقد بدى متعجبا, "كيف يعني ليش انا هني؟ عشان دانة!"
كنت اناظره محاولة معرفة ما يحدث, اجاب قائلا, "لا بس سندس بعدها تعبانة فكلت تحجي وياية احسن."
"انا اسف لكن سألت قبل لا ادش هني وخبروني انها صاحية."
وجهت الكلام الى محمد, "حبيبي لتخلي ابالك اني اريد اعرف شنو الاخبار وشصار."
اتى ووقف بجانبي من الجهة المعاكسة لوليد ممسكا كف يدي, "صرتي احسن؟"
بادر وليد, "انا اسير وبرد وقت ثاني وركمي عند محمد اي شي تبين تخبريني فيه اتصلي فيني ومن تكونين احسن انا بيي."
"مشكور بس ارجوك حاولوا تلكوها بسرعة."
قال لمحمد, "مافي شي يديد؟"
ناظره محمد وقد بانت في عينيه تلك النظرة الحزينة التي لم استطع ان اتغاظى عنها مهما حدث, "مع الاسف لا."
شعرت بكف محمد يعتصر كف يدي محاولا ان يبعث في داخلي الامان لكن كان جميع ما يحدث موجع لدرجة قاتلة.
كما لو انني كنت احتاج للامان لكن كنت على يقين حتى وجوده بجانبي لم يعد له ذات التأثير السابق فيداي اصبحت باردة ولا يستطيع هو بعث تلك الحرارة لي عندما احتاجها فحاجتي تتغير لذاك الشخص عندما اقع في مشكلة لا اعلم نهايتها.
حتى هذه الحياة بدت كخدعة كبيرة بالنسبة لي فعندما انخدع بأن السعادة سوف تستمر تأتي لي تلك الضربة القوية وايقن بأن ما حولي لم يكن الا كذبة حتى انها لم تطل واخذت وقتا قصير لاستمرارها. فأعجبني #عبدالعزيز جويدة وهو يقول, "أريد الرحيل, لارض جديدة لارض بعيدة, لارض وما ادركتها العيون, ولا دنستها ذنوب البشر." فكما لو انه كان يعزف على ناي حزين وأردت أنا الرحيل لمكانا اجهله على الحان هذا العزف, مكانا ارى فيه من احببت كي تنتهي تلك الخدعة البشعة في الحال.
في هذه الاثناء غادر وليد بينما انا اخبرت محمد في صوت متعب وانا اشعر بوجنتاي قد ابتلت, "اريد اطلع منا ماريد ابقة."
"حبيبي لازم ترتاحين صحتج بعدها مو زينة."
"محمد انت طبيب هنا وتكدر اطلعني وراح تبقة يمي. بقيتي هنا متفيد شي اريد اعرف بنتي وين."
أبتسم بوجع وقد بانت على وجهه بأنه كان متعب كتعبي انا, "اكيد حبيبي ولتكولين بنتي. دانة بتنا اني وياج وراح ارجعها اوعدج."
برغم ان الاحساس كان غريب لكن في بعض الاحيان كلماتا كهذه تجعلك قادر على ان تتجمع قواك من جديد وتواجه من حولك وتسترد ما سرق منك مهما كان.

رواية خدعة المظاهرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن