الفصل الثالث

1.4K 164 282
                                    

  "وانطلاقاً من واجبه المتمثّل في المحافظة على الطابع التراثي والحضاري للبلاد، يتعرّف طالب الهندسة المعمارية على محيط العلوم الإنسانية والاجتماعية (تاريخ الفنون والهندسة المعماريّة، لغة إنكليزية، علم الاِجتماع، حماية التّراث)، كما يدرس القانون المتعلّق بعالم البناء (قانون البناء، قواعـد حماية الأملاك والأشخاص، تشريع الصفقات العموميّة، ترتيب التّهيئة الحضريّة ...)"
قال بروفيسور فريمان، بينما كانت شمس بطلتنا تسجل الملاحظات من وراءه بحماقة كما يعتبر البعض.

  فبالنسبة لطلاب السنة الثالثة، كتابة كل ما يقوله البروفيسور شيء تافه و يخفض من شعبيتهم في الجامعة؛ باعتبار أن الوحيدين الذين يدونون ملاحظاتهم هم طلاب السنة الأولى؛ الأطفال أصحاب تصفيفات الشعر الخاصة بالمراهقين.

  بعد مدة وجيزة، شعرت شمسُ بيدها تكاد تنقطع من مكانها؛ لذا تركت القلم و رفعت رأسها لتواجه البروفيسور، الذي ما انفك يخبر الطلاب عن أنها تبدو مميزة و أنه يميز الطالب المثابر و المجتهد من عينيه.

   "ما الذي يدفعكم لهذا؟ ما الذي أتى بكم إلى هنا؟ كان بإمكانكم البقاء في منازلكم، او حتى دراسة مواد سهلة؟ "
سأل البروفيسور موجهاً سؤاله لكل من في القاعة؛ في بادئ الأمر لم ترتفع أي يد تجيب سؤاله، فأعاد صياغة السؤال قائلاً:

  "بمعنى آخر؛ ما الذي يدفعك لبذل جهدك في الدراسة؟"

"والدي، هما أرادا أن أدخل كلية الهندسة"
قال أحد الطلبة، ما سبب تزايد ضحكات أغلب الموجودين
  "حسناً سيد هوران، لكنك أصلاً لا تبذل جهداً ، ماذا عن الباقي؟"
أجابه البروفيسور، ما سبب تعالي صوت ضحكات هوران هذا أكثر.

  "الذي يدفعني لبذل جهدي هو ثقتي بنفسي و بقدراتي، و معرفتي التامة بأنه علي العمل جيداً و عدم التوقف إلا عند شعوري بالفخر و الإعتزاز، كما أنني أؤمن بأن الأوقات الجيدة ستتبع كل الأوقات الصعبة.

  لذلك لست خائفاً على ترك بعض اللحظات من حياتي تمضي في الدراسة، تلك التي يعتبرها بعض الشباب وقتاً ذهبياً يجب استغلاله في خوض المغامرات و عيش الحياة بطولها و عرضها".
أجاب شاب آخر، فشجع الجميع على التعبير عن رأيهم بحرية أكثر و بشجاعة؛ و كانت من ضمنهم شمس التي نالت إعجاب جميع الطلبة بعد أن تحدثت بصراحة عن الموضوع .

وجهة نظر شمس:

" اعلموا ان مهمتكم ليست في شهادة تحصلون عليها، إنما هي في أمة تحيونها، لأن هدفي لا يجب أن يكون تكديس الشهادات العلمية بلا فائدة لأمتي و لمن حولي.
  في كل مرة أشعر بالضيق و التعب من كل هذه الدراسة أتذكر أن الهندسة المعمارية هي الفن الحي و الوحيد الذي تتكلم فيه المباني عن نفسها، فالخيال الخصب هو من أهم مميزات المعماري و هو من الأشخاص القليلين الذين يحولون الخيال الى واقع ، و يجعلون العمارة حلاً  للمشكلات التي يواجهونها".
ما إن انتهيتُ من كلامي وجدتُ الجميع يصفقون لي بإعجاب و لن أكذب و أقول أنني كنت متوقعة ردة الفعل هذه؛ لذا وجدتُ نفسي أصفق معهم كالخرقاء و أوزع الإبتسامات الغبية......

انا ، هي و القمر™حيث تعيش القصص. اكتشف الآن