~ 18 ~

860 94 2
                                    

لقد كنت متوقعة أن يغضب ولا يصدقني ، هو بالتأكيد سيظن أنني أتخاذل عن عملي كمدبرة منزل .

مشيت ببطئ نحو هاري ، قلت بصوت منخفض جداً :" آسفه " .

سمعت هاري فجأةً يضحك بصوت مرتفع ، هل جُنّ للتو ؟ ماباله أليس غاضباً مني ؟

" مابكِ تحدقين في وجهي هكذا يا قطتي ؟ ثم لما يبدو مظهركِ كأنكِ خرجتي للتو من حرب الطعام ؟ " قال هاري وهو يضحك .

يجب أن أمنح نفسي دقيقة لأفكر في الأمر ..
يبدو أن لقب قطتي هذا هو للسخرية مني وليس لقباً يحبه وحسب .. كيف لم أنتبه للأمر .
ثم هل تحمست كل هذا وحضرت العشاء وحزنت لأنه لن يتذوقه ليحول هاري الموضوع أخيراً إلى نكتة سخيفة ويستمر في الضحك ؟
ألم يلحظ آثار بكائي حتى ، أم أن وجهي ألتهم كل آثار البكاء فجأة ؟

" مابالها القطة صامته ؟ ثم لما يبدو أنفكِ أحمر وعيناك أيضاً ؟ دعيني أخمن .. لقد وجدتي مصعد المشفى معطلاً وأضطررتي لإستخدام السلالم وأنتي الآن متعبة أثر الصعود أليس كذلك ؟ ولكن غرفتي في الدور الثالث أي أنها قريبة لما قد تتعبين ؟ " قال هاري ولم يمنحني فرصة لأتحدث .

هل هاري أحمق فعلاً كي لا يعرف أنها آثار البكاء ، أم أنه يدعي الحماقة لإغاضتي ، لاشك أنه يعرف كل شئ ولكنه يسخر مني الآن .

لم أنطق بكلمة واحده واكتفيت بالخروج من الغرفة ولقد كنت أمشي سريعاً في ذلك الرواق ، بينما كنت أسمع صوت هاري يناديني من الخلف ، إنها المرة الأولى التي ينطق فيها اسمي بطريقة جديّه وليس للسخرية مني .

هل ألتفت الآن ؟ أم أتركه يشعر بالندم لما فعله ؟ لربما هو يتوجب عليه الإعتذار مني ، ولكن من أنا ليعتذر مني بحق السماء !
يا ترى هل سيكتفي بطردي من المنزل والتخلص مني !! لا يجب عليه فعل هذا !!
ولكن لما الآن أنا خآئفة أن يطردني من المنزل ، سيكون بإمكاني حينها العودة لمنزلي ، لما أشعر وكأنني أريد البقاء مع هاري ، لقد جننت حتماً .

قاطعت أفكاري المتداخله يد هاري وقد أمسك بوجنتاي وأدار وجهي نحوه .

" أيمكن أن تحكي لي ماذا يحدث معكِ بالضبط ؟ " قال لي بصوت منخفض ، لقد فقدت الشعور بحواسي لحظتها ، يداه على وجنتاي جعلتني أشعر بالخجل الشديد ، وصوته الضخم كذلك ، بطريقة ما لقد تذكرت حبيبي السابق جو ، رغم أنه لا يشبهه في شئ ولكن مشاعري هي من تشابهت .

بقيت صامته أحدق في عيناه الخضراوتان .

" حسناً ، أنا آمركِ الآن بشرح كل شي ، ليس طلباً بل أمر " قال بنبرته الصارمه ، لابد وأن هاري قد عاد لشخصيته القديمة .

أخذني من يدي ومشى بي في الممر ، كنت أحدق في حذائي بينما أمشي ، لقد كان شكلي فضيعاً .

" حذائك ليس جميلاً ، كفي عن التحديق به " قال هاري وهو لم ينظر لي حتى .

لقد سمعته يقول ذلك وشعرت بسعادة في داخلي ، لقد أعتبرته إطراءً رغم أنه سخر من حذائي تواً ، لقد جننت لا محالة .

لقد حاولت إخفاء سعادتي كي لا أبدو حمقاء .

" ولكن كيف عرفت أنني أحدق به ؟ " قلت بغباء ، كيف له أن لا يعرف وهو رجل خرافي خرج من كتاب ؟

" أنا أعرف كل شئ " قال لي وهو يبتسم وينظر لعيناي مباشرةً .

ابتسمت تلقائياً عندما رأيت ابتسامته ، إنه لطيف ، ولكنه مزاجي كثيراً .

وصلنا لغرفة هاري في المشفى ، أجلسني على السرير بينما سحب كرسي صغير ليجلس هو أمامي ويمسك يداي .

" تحدثي الآن بكل ما حصل ، أنا لن أغضب أعدكِ " قال لي بنبرة طفولية وهو ينتظر حديثي .

" جهزت لك العشاء ، لقد كنت فخورة ، لقد كانت معكرونة ولذيذه وطهوتها كثيراً ثم لبست فستاناً جميلاً ، ولكن لا شئ لقد وقع وكل شئ في الأرض وحزنت " لقد ثرثرت بهذا الكلام الغير مفهوم وأنا أقوله من بين شهقاتي .

" لقد فهمت كل شئ ، توقفي عن البكاء ، سنعود غداً للمنزل ونطهو المعكرونة ، إصعدي على ظهري كي لا يرى الناس فستانكِ المتسخ " قال هاري وهو يقابلني بظهره وهو يشير لي أن أصعد .

" ولكن ما شأن فستاني المتسخ بأن تحملني على ظهرك " قلت بتعجب .

" هل ستطيلين الثرثرة أم ماذا ؟ " قال هاري ، لقد خفت أن ينفذ صبره .

صعدت على ظهره بهدوء ، استنشقت رآئحة عطره ، لقد كانت نفسها التي استنشقتها في مكتبه ، يبدو ذوقه رفيعاً في اختيار العطور .

مشى هاري في رواق المشفى وأنا على ظهره ، وخصلات شعره البنية تلامس وجهي .

وصلنا لمخرج المستشفى ، رأيت هاري يواصل المشي بينما كنت على ظهره .

" ألن نأخذ تاكسي لنصل للمنزل ؟ " سألته وأنا أخفض رأسي لأحاول رؤية وجهه .

" لماذا ؟ ألم يعجبكِ الصعود على ظهري ؟ " قال هاري ولم يتوقف عن المشي .

" بلى ، ولكن المنزل بعيد ، ستتعب إن قطعت كل هذه المسافه ، ثم مهلاً هاري ! أنت يجب أن تعود للمنزل غداً صباحاً وليس اليوم ، كيف سمحوا لك بالخروج ؟ " سألت هاري .

" اشش ، توقفي عن الثرثرة ، هذه أساليب هاري الخاصة أنتِ لا شأن لكِ ، ثم ألم تشتاقي لوجودي في المنزل ، أم أنكِ سعيدة لأنني أصبت ودخلت للمشفى ؟" قال لي هاري ويبدو متحمساً لسماع الإجابة .

" لا هاري صدقني أنا لست كذلك ، لقد حزنت كثيراً ، صحيح أنك غريب الأطوار وأنك أخذتني من منزلي ولكنك لم تؤذني " قلت له بصدق .

" حسناً يا قطتي ، إجابة مقنعة ، ولكن لأكن صريحاً انتي أيضاً غريبة أطوار ، ولا تسألي عن السبب " قال لي وهو يحاول إبعاد خصلات شعره عن وجهه كي يرى طريقه .

اخذت خصلات شعره بين يدي وأمسكتها جيداً كي يتمكن من الرؤية ، ضللت ألعب بها طوال الطريق ، بينما يمشي هاري ولا تبدو عليه علامات التعب .

" هل أنت شبح ؟ " سألته فجأه ويبدو أنه لم يتوقع سؤالي ، حسناً أنا أيضاً لم أعرف كيف سألته هذا السؤال .
.
.
.
.
.
.

ي حلوييين ❤
فوت + شير للرواية عشان تنشهر 😍
شووكراً جزيلاً لكل اللي بيعمل فوت وبيعلق .. أحبكم 🙊❤

  خُـرافـات | Mythsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن