الحلقة الثامنة عشر {18}

3.6K 17 7
                                    


لم يتحمل عادل أن يرى أمل بذلك المنظر .. وتضايق كثيرا من تلك الكلمات القاسية التي كان عمه يوجهها لها .. لذا اندفع نحوهما قائلا
عادل: عمي لو سمحت ..
إلتفت كلا من خليل وأمل لعادل الذي أردف قائلا
عادل: لقد زوجتني هذه المرأة .. مكرها .. وجعلتني تحت الأمر الواقع .. وتقبلتها دون إرادتي .. لأنني كنت شبه ميت
نظر إلى أمل وكانت هناك دمعة حبيسة في عينه ثم إلتفت إلى عمه مجددا قائلا
عادل: هذه المرأة أعادت لي روحي .. وأعطتني أمل جديد للحياة .. لذا من الصعب علي أن اتخلى عنها .. فقرار الإنفصال عنها الآن هو قراري أنا
تغيرت ملامح خليل حين سمع هذه الكلمات من عادل وانفعل قائلا
خليل: هذه .. ( مشيرا إليها مستصغرا إياها ) لم تفعل ما فعلته معك عن محبة .. لقد كان ذلك بمقابل المال
عادل ( واثقا ): لقد اضطرت لهذا الزواج كما اضطررت أنا له .. ولكني واثق بأن ما فعلته معي لم يكن محركه المال ..
خليل ( ساخرا ): ماذا إذن الشفقة ؟!
عادل ( وقد جرت دمعته الحبيسة على خده ): جزاها الله خيرا حين أشفقت علي .. واشركتني في دعاؤها من باب الشفقة ودعت لي بالشفاء حين كانت تدعو لأمها
تفاجئت أمل بما سمعت .. فدعائها له كان في عتمة الليل البهيم .. وكانت ترسل تلك البرقيات العاجلة لرب البريات وهى متأكدة بأنه لا يسمعها غيره .. ولكنها اليوم تتفاجئ بأن عادل كان يستمع لتلك الدعوات .. خليل قطع عليها حبل أفكارها حين قال
خليل: عادل يا بني .. إذا كنت بحاجة إلى زوجة .. فأنا مستعد أن أزوجك بمائة فتاة من مستواك .. يغنينك عن هذه الحثالة
كانت هذه العبارة مؤلمة كثيرا لأمل وعادل .. هنا لم يتمالك عادل نفسه وقال بنبرة حادة
عادل: لماذا لم تزوجني إذن بالمائة فتاة من البداية .. لماذا اخترت .. هذه .. ( صمت قليلا ) الحثالة على حد تعبيرك ؟
لزم خليل الصمت ولم يجب على سؤال عادل الذي قال بنبرته الحادة
عادل: كنت تخشى على مالك أليس كذلك ؟
انفعل خليل وقال صارخا فيه
خليل: احترم نفسك يا عادل وتحدث معي بأدب
تراجع عادل عن حدته قائلا
عادل: معذرة يا عمي .. ولكنك استفززتني .. لقد كان لدي قبل تلك الحادثة ما يقارب المائة صديقة وصديق .. كلهم تخلوا عني .. لأني لم أعد قادرا على أن اغدق عليهم مالا .. أما هذه .. ( مشيرا إلى أمل ) فقد دخلت عالمي بهذه الهيئة وعلى هذه الحال .. لم تأخذ مني فلسا واحدا .. لم تترك ملابسها التي جائت بها من منزل والدها .. لم تستخدم تلك العطور الفاخرة ولا حتى الفراش الوثير .. كل ما أخذته منا تلك النقود التي عولجت بها أمها .. أما دون ذلك فلا
غضب خليل من كلمات عادل وقال وهو يهم بالخروج
خليل: هذه المرأة لعبت بمخك .. سوف اتحدث معك في وقت لاحق ..
وخرج من المنزل بعدما صفع بالباب .. كانت أمل مطأطأة رأسها حزينة .. تشعر بالذنب لما حدث بين عادل وعمه .. أحس بها عادل وقال لها
عادل: أمل مؤكد بأن كلام عمي كان مزعجا كثيرا .. ولكنه الواقع الذي لابد أن نعترف به أنا وهو .. الواقع الذي يقول بأني مديون لك بحياتي
لم تعلق أمل على كلامه ، بل ظلت مطأطأة رأسها .. أمسك عادل بذقنها ورفع رأسها بأصابعه ونظر إليها بنظرة طمئنتها ثم قال لها
عادل: أمل .. تزوجنا رغما عنا .. وما يزال في الوقت سعة لتصحيح المسار .. لذا أود أن أسألك سؤالا يفترض أن أسألك عليه مسبقا
اكتفت هى بنظرات الإستفسار .. فواصل عادل كلامه عادل: هل تقبليني زوجا لك ؟!
أدمعت عين أمل وقالت: نعم أقبل ..
ابتسم عادل ابتسامة عريضة وشعر بأنه قد ملك الدنيا بحذافيرها .. وقال لها
عادل: إذن أعينيني بقوة ..

وكانت الإعانة التي أراد .. واستمرت أمل في عملية صناعة إنسان جديد .. إنسان متعلقا بربه محبا له .. وكان عادل سريع الإستجابة لها كيف لا وقد بدأ بالفعل يتذوق طعم السعادة التي حرم منها سنين .. ألا إن سعادته لم تدم طويلا فقد عمل عمه خليل على التنغيص عليه .. فقد أصبح شديد الكره لأمل ينظر إليها بأنها سرقت قلب عادل من ابنته الميتة .. بل كان السبب الحقيقي خلف ذلك الكره هو التدين الذي تعيشه أمل .. الذي يذكره دائما بإجرامه بحق ربه.. فيعمل جاهدا لإسكات شعور التأنيب والتذكير بالتنغيص عليهما ..
كان عادل يحاول جاهدا أن يشتري ود عمه .. يتعلم من أمل فن التعامل معه .. فقد أوصته أن يقبل يده ورأسه يوميا .. وأن لا يرفع صوته فوق صوته حتى وإن أساء إليها وشجعته هذا اليوم أن يعود للعمل في الشركة ..
كانت سعادة خليل لا توصف حين عاد عادل للعمل .. لذا رافقه هو ومدير أعماله أسامة حين قام بجولة على أقسام الشركة .. ألا أن تصرفات عادل الغريبة كانت تزعجه .. فهو لا يمازح النساء كما كان معتادا .. بل يكتفي بالوقوف أمام الباب لثواني إذا كان المكتب به فتيات .. إضافة إلى استمراره في تكرار تحية الإسلام في كل مكتب وفي كل قسم .. وكانت الضربة القاضية عليه .. حين لمح عادل العم صالح وهو يفرغ سلال القمامة في كيس القمامة الكبير .. ابتسم عادل له وناداه بصوت عالي لفت انتباه كل من كان متواجد عنه حين قال
عادل: عمي صالح
ثم اسرع بالخطى إليه وخليل ومن معه يشاهدون الموقف .. وما إن وصل إليه حتى قبله على رأسه قائلا له
عادل: لا أعرف كيف اشكرك .. فقد اعطيتني كنزا عظيم
جن جنون خليل بعد هذا الموقف .. وأقسم أن يؤدب أمل التي سحرت ابن أخيه ..

♻يتبع ...

بقلم: حفيدة النبي

اني مغلوبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن