كانت كلمات أمل في دعائها لها تأثير بالغ في نفسية عادل .. الذي فهم أخيرا ما معنى أن يحب شخص اخر دون مقابل .. بل إنه تذكر صديقه سالم .. فقد كان يحبه هو الآخر في الله .. لا يهمه ما لدى عادل وما الذي يمتلكه .. وحتى بسمة للأسف كان حبها له منقوص .. إذ إنه كان حب تملك .. فهى تحبه لنفسها .. دون أن تمنحه ما يحتاجه من حب ..
أما أمل .. فقد منحته جزءا من اسمها .. واعطته جرعة من نبل أخلاقها .. وشعر بأنه قد نالته بركة من دعائها ..
نام عادل وهو يشعر في قرارة نفسه بأن الله يريد له الخلاص مما هو فيه .. واستيقظ على صوت باب غرفته تقرع .. ثم يدخل الخدم والممرضين ليباشرون عملية تحميمه .. ولكن أين أمل ؟!!
انتهى من الإستحمام .. ثم من الفطور .. وأخرج للحديقة .. ثم أحضرت له بهجة.. كل ذلك يحدث بدون وجود أمل .. ؟!
كان عادل يلتفت يمنة ويسرة .. أين اختفت أمل ؟؟ .. كان الجميع يقدمون له الخدمات المعتادة .. وهو ينوي في كل مرة أن يسأل عنها .. ولكنه يتراجع فجأة .. ساعة بعد ساعة تمضي .. ولا وجود لأمل .. أين هى ؟! يا الله هل تلاشى الحلم الجميل .. أم أن ما مضى كان عبارة عن سراب ؟! هذا ما كان يتحدث به عادل مع نفسه .. ولم يكن يعلم بأن عمه قد استدعى أمل في الصباح الباكر .. وشكر لها انجازها في إخراج عادل من عزلته .. وكافئها عن ذلك بأن أمر السائق أن يأخذها لزيارة أهلها وتقضي معهم يوما كاملا .. لم تشأ أمل أن تزعج عادل عند خروجها فقد رأته مستغرقا في النوم .. فجهزت له ملابسه وحاجياته قبل خروجها ..
بل لم يكن عادل يعلم بأنها تتصل كل ساعة تقريبا لتطمئن عليه وتخبرهم ماذا يصنعون لأجله ..
في العصر حين كانت متصلة عند كبيرة العاملات تطمئن عليه .. قالت لها كبيرة العاملات: إنه يفتقدك كثيرا ..وطيلة الوقت يبحث عنك ..
سعدت أمل بهذه الكلمات وأيقنت بأن الله لم يضيع مجهودها معه وفي نفس الوقت ندمت إذ إنها لم تخبره بأمر ذهابها لمنزل أهلها .. وطلبت من كبيرة العاملات أن تأخذ الهاتف إليه لتحدثه .. نفذت كبيرة العاملات ما طلب منها .. قرعت عليه باب الغرفة .. ثم دخلت إليها ومدت يدها بالهاتف إليه قائلة
كبيرة العاملات: السيدة أمل على الهاتف تود محادثتك ..
أشرق وجه عادل فجأة وكأنه وجد ضالة يبحث عنها منذ زمن فتناول الهاتف .. ووضعه على أذنه فسمع صوتها تلقي عليه تحية الإسلام ثم أردفت قائلة
أمل: اعذرني .. اضطررت للخروج باكرا دون إخبارك .. اتمنى من الله أن تكون أنت وبهجة على ماك يرام .. سأعود بإذن الله بعد صلاة المغرب .
كلمات أمل هذه كانت بمثابة جرعة ماء باردة على ظمأ .. ظل بعدها عادل ينتظر غروب الشمس على أحر من الجمر ..
لقد نجحت أمل .. هذا الحديث السائد هذا اليوم في منزل السيد خليل .. فالجميع يلحظ التغيرات التي حدثت لعادل .. واخرها رفضه العودة لداخل المنزل واصراره على البقاء في الحديقة .. فعلموا بأنه ينتظرها ..
غابت الشمس .. وحل الظلام في حديقة المنزل .. وعين عادل تراقب بوابة الحديقة من بعيدة ..
وأخيرا أشرقت شمسه وبددت ظلام انتظاره .. فقد عادت أمل .. رأته جالسا على كرسيه فاقتربت منه ولم تصدق ولم يصدق من كان معه من الخدم بأنه ابتسم .. هذه الإبتسامة التي غابت منذ وفاة بسمة عادت اليوم مجددا بفضل الله ثم بفضل أمل
جثت أمل على ركبتها أمامه .. ونظرت إليه قائلة
أمل: افتقدك اليوم كثيرا ..
عادل: وأنا كذلك ..
عادل تحدث أخيرا !!! تلعثمت أمل .. كلمات عادل القليلة كانت مفاجئة بالنسبة لها .. لم يتمالك الخدم الذين كانوا بجوارهم أنفسهم .. لدرجة أن بعضهم أخذ يكبر
أدمعت عين أمل .. سعيدة .. أما عن عادل فالتفت إلى الخدم الذين كانوا سعيدون به .. ثم التفت إلى أمل ومد إليها يده .. تفاجئت من ذلك .. فمدت هى الأخرى يدها بإرتباك .. وما إن أمسك عادل بيدها حتى انتصب واقفا .. بمساعدتها .. وأصر أن يدخل المنزل ماشيا على قدميه مستندا على زوجته ..♻يتبع .....
بقلم: حفيدة النبي