في كل صباح و كالمعتاد ، يمشي هذا الأمير و لا يرى أي شيء دون مستوى أنفه ، دخل إلى المحاضرة ، و كانت لمى تحدق به ، إنتهز الفرصة و قال بسخرية : " ما الأمر ؟ إذا كنتِ ترينني وسيماً فلتتكلمي " ، احمر وجه لمى و خبأته بسرعة في كتابها ، جلس بجانبها و كأن ما فعله ليس شيئاً ...
كالعادة يخل بجو الدراسة بتعليقاته المزعجة ، نظرت إليه لمى و قالت : " إذا كنت لا تريد الدراسة ، فلا تضيع مال والدك و تأتي للجامعة " ، ضحك كل من في القاعة و قال أحدهم : " أيتها الغبية ، ألا تعلمين أن ماله كالبحر لا ينقص مهما أخذت منه " ، تفاجأت و قالت : " ماذا ؟ " ، كان مبتسماً و يضحك بسخافة ، قالت له : " تباً لك أيعجبك أصحاب المال هؤلاء ؟ " ، نظر إليها بنظرات تساؤل : " أصحاب مال ؟ ماذا يعني هذا ؟ " ، قالت : " أنت تمزح معي صحيح ؟ كيف لا تعرف ماذا يعني ؟ " ، زادت نظرات الاستغراب على وجهه و كأنه سمع بالأمر لأول مرة في حياته ، تابعت كلامها : " جميع من حولك أصحاب مال و شهوة ، بمعنى أنه بعد ذهاب مالك و جمالك سيختفون تلقائياً من حولك " ، وجه نظره للأسفل كأن التفكير بالأمر أزعجه ...
بعد المحاضرة ، كان لا يزال يفكر بالأمر ، نظر إلى أحد أصحابه و سأله : " هل أنا جميل بالنسبة لك ؟ " ، أجابه :" بالطبع " ، نظرة صاحبه المنحرفة أقلقته و إبتعد عنه بسرعة ، كانت الأفكار ما زالت تقفز في عقله : " لم يتحدث أحد من قبل معي بهذه الصراحة " ، لاحظ أن مواضيعهم كلها عن أمواله ، حاول تغييرها بلا فائدة تُذكر ، انزعج من الأمر و قام من عندهم قائلاً : " هاها أريد الذهاب لمكان إلى اللقاء " ، بقي طوال مسيره يفكر بصحة كلامها ، اصطدم بفتاة و سقط كتابها ، دنا الى الأرض و إلتقطه لها و سلمها إياه ، و قال : " آسف لم أنتبه " ، نظر إليها كانت لمى نفسها و قالت له : " أشكرك ، يبدو أنك أصبحت ترى ما دون أنفك " ، غضب و صرخ في وجهها : " أنتِ !!! " ، ردت : " ماذا ؟ " ، تابع كلامه : " بسببك لم أعد أستطيع التفكير بهم كأصدقاء حقيقيين "
- إذاً علمت أنهم أصحاب مال و شهوة ؟
- افرضي أنهم ليسوا كذلك ؟
- ستعلم حقيقتهم عاجلاً أم آجلاً
- إذاً هل هذا يعني أنكِ منهم ؟
- بالطبع كلا أيها الأحمق أنا لن أصادق أحداً لأجل ماله أو مظهره
- متأكدة ؟
- بالطبع ، يستحيل علي أن أكون منهم
تابعت طريقها و قاطعها بسؤاله : " من أنتِ ؟ " ، غضبت و قالت : " ألا تعرف زملاءك ؟ ، اسمي لمى " ، رد بهدوء : " لمى ؟ " ، احمر وجه لمى خجلاً كان صوته رائعاً لم تسمع اسمها أبداً من شاب ، و تابع كلامه بإبتسامة : " و أنا مراد ، " ردت : " أعلم هذا " و فرت هاربة .
كان مراد يتناول طعام الغداء في قصره ، إلى أن فاجأه والده طالباً منه ترك سيارته ، إعترض مراد على الأمر المفاجئ ، و قال : " لمَ أتركها ؟ " ، أجاب والده : " لأني أريد بيعها "
- لا أريد أبداً
- بني إذا لم نبعها ستبقى الشيء الوحيد الذي نملكه
- ماذا ؟ كيف ؟
- الشركة على وشك الإفلاس
- ماذا ؟ مستحيل ؟
- مع الأسف
بعد مرور أسبوعين أعلنوا عن إفلاس الشركة ، لم يبقَ أي أحد بجوار مراد الكل رحل عنه ، حياته إنتهت هكذا ؟ ، سارت لمى من أمامه و أمسك بها و نظر إليها كأنه وحش غاضب يريد إلتهامها ، صرخت و قالت : " ماذا هناك ؟ لم تنظر إلي بهذه الطريقة ؟ " ، أجاب مراد : " كل هذا بسببك " و بدأت الدموع تنهمر من عينيه ، و تابع كلامه : " كله بسببك ، إذا فكرتُ بأمر سيء يحدث دائماً ، و أنتِ جعلتيني أفكر بهذا " ، نظرت إليه بإستغراب : " ماذا يا طويل ؟ "
- أنتِ قلتِ أنكِ لستِ من أصحاب المال صحيح ؟
- نعم و ما الأمر ؟
- إذاً عليكِ بإيجاد مكان لي للعيش فيه و تدبير أموري
- ماذا ؟ لن أفعل
- إذاً أنتِ منهم .... " ادعى البكاء بحدة "
- أنا لست صديقتك أصلاً
- لكني أعتبركِ هكذا
- ( بخجل ) حسن .. حسناً
من شدة فرحهه عانقها ، أبعدته عنها بسرعة و كان وجهها يغلي ....
بعد الجامعة بقي يتبعها و هو ممسك بأغراضه ، إلتفتت إليه و قالت : " لمَ تتبعني ؟ " ، رد بحزن : " لأنه لا مكان لي الآن و أريد غرفة للعيش فيها حالاً " ، تنهدت و قالت : " حسناً اتبعني لمنزلي " ، تبعها و الفرحة تملأ وجهه ، عندما عادت للمنزل فتحت الباب كان والداها في مكان حيث يمكنهما رؤية القادم ، ما إن رأوا شاباً غاية في الجمال واقفاً خلفها صدما أغمي على أمها ،ومزق أبوها الجريدة و بدأ بالصراخ : " ابنتي من هذاااا ؟ " ، أخذ الأمر فترة لحل الأمر و استيعابه ....
كان مراد جالساً في الصالة و إبتسامة سخيفة تعلو وجهه ، بعد معرفة القصة قال الأب : " إذاً هذا هو الأمير المفلس " ، أجابت لمى :" نعم "، تابع الأب و كأنه شرد عن الموضوع الأصلي : " إنه طويل و فائق الجمال " ، قال مراد : " أشكرك " ، صُدمت لمى : " هذا ليس الموضوع الأصلي " ، أردف الأب : " حسناً يمكنه العيش في الغرفة الإضافية ، فنحن لم نستعملها مطلقاً " ...
ذهاب أصحاب المال لا يعني ذهاب أصحاب الشهوة أبداً ، بما أنه كان طوال الوقت مع لمى شعرن الفتيات بالغيرة ، كان مراد يشتكي من الباص لأنه لم يعتد على المواصلات العمومية ، تقدمت إحدى الفتيات و سألت لمى : " هل تعيشان مع بعضكما أم ماذا ؟ " ، ضحكت لمى و قالت : " بالطبع كلا ، بعد إفلاسه أصبح يعيش في حينا فقط " ، أدارت الفتاة وجهها و قالت : " فعلاً فهو لن يخرج مع فتاة مثلك أبداً " ، جاء مراد و إجتمعن حوله و جلسن يتحدثن معه كالمعتاد ، نظر إلى لمى ليدعوها للجلوس معهم ، قالت إحداهن : " ما الذي تريده من هذه المعقدة ؟ إنها تجلس دائماً وحدها ، دعها و شأنها " ، صرخ فيها و قال : " لا تتكلمي هكذا عنها أبداً " ، قام و جلس عند لمى ، سألها : " هل يوجد عندك صديقات ؟ " ، ردت : " كلا ، صديقاتي صديقات صديقات أخريات " .... لم يفهم مراد شيئاً لكنه تابع التحدث معها ......
أنت تقرأ
أميرٌ مُفلِس
Romanceفي حياته لم ينظر لشيء دون مستوى أنفه ما الذي سيحدث لو فقد كل ماله و أصدقائه ؟ هل سيتغير ؟ أم هو فقط لا يعلم شيئاً عن أصحاب المال ؟ شابٌ في غاية الجمال و فتاة صادقة ....