و لمَ أغار ؟

653 43 23
                                    

حسناً مر شهر على كل شيء و الآن موعد إستلام الراتب ، وقف مراد أمام المدير و الإبتسامة السخيفة نفسها تعلو وجهه ، سلمه الراتب و شكره مراد لكن المدير أوقفه للحظة و قال : " ستبدل مكان عملك الآن " ، تفاجأ مراد و قال : " لمااااذا ألا يعجبك عملي ؟ " ، أجابه المدير : " بل بالعكس يا طويل ، لأن عملك رائع ستعمل في داخل المطعم " ، لم يصدق مراد ما سمعه أسرع للداخل و فاجأ لمى بإبتسامته السخيفة ، قالت له : " ما بك أيها الأحمق ؟ "، أجاب :" لقد تم تغيير موقعي إلى هنا ، و بما أنك أكثر خبرة مني يجب عليكِ أن تعلميني " ، إستسلمت لمى للأمر و قالت له إذهب للطاولة السادسة و إستلم الطلب ، " حسناً يا سيدي " قال مراد بحيوية و انطلق .....

على الطاولة السادسة كان هناك شاب إدعى أنه لا يعرف سوى الإنجليزية ، و لسوء حظه كان مراد من أخذ طلبه لذا عدل له كلامه و قال له : " إن كنت لا تجيد اللغة لا تتحدث بها خوفاً من موقف مشابه لهذا " ، رجع أخذ طلبه و ذهب و بقي الشاب بإحراجه ، أنبته لمى لأنها إعتبرت أنه أهان الزبون ، " لكن .. لكن الحق عليه إذا كان لا يعرف كيف يتكلم فليسكت " قال مراد ، " لا يهم عليك أن تحافظ على الزبائن بقدر الإمكان و الآن إذهب للطاولة التاسعة " قالت لمى ...

كانت على الطاولة التاسعة عدة فتيات جميلات ، إبتسم مراد و سأل : " ما هو طلبكن يا آنساتي الجميلات " ، ضحكن و قلن : " ما أطولك و أجملك ! ما هو اسمك و كم عمرك ؟ " ، أجاب مراد بطبيعية : " اسمي مراد و عمري عشرون عاماً ، و أنتن ؟ " ، إبتسمت إحداهن و قالت :" و أنا عمري واحد و عشرون تشرفت بمعرفتك يا وسيم " ، كانت الأجواء حولهم لطيفة لذا لم تشعر لمى بالراحة أبداً تقدمت و هي غاضبة و قالت لمراد : " إذهب لتسليم الطلب للطاولة السادسة أنا سأعتني بهن " ، " حاضر سيدي " قال مراد و انطلق ، كانت لمى تشتعل غضباً و قالت لهن : " ماذا تردن ؟ كوكتيل ؟ سيأتي حالاً ، هذا مطعم لا أريد هذه الأجواء الزهرية هنا " ، أحضرت لهن الطلب بسرعة و كأنها تطردهن ، لذا خرجن بعدها بسرعة ، أحست لمى بأن ضغط صخرة قد أزيح عنها ...

و في أثناء إنشغالهم بالعمل ، قالت لمى لمراد : " صحيح قال المدير أننا سنتأخر غداً في العمل لمنتصف الليل لذا كن على إستعداد لهذا " ، قال مراد بصدمة :" منتصف الليل يعني الساعة الثانية عشرة " ، ردت لمى :" بالطبع أيها الأحمق ، عموماً سأخبر والدتي بالأمر لذا لا تقلق " ، بهتت الإبتسامة قليلاً على وجه مراد و تغير الجو حوله ...
بعد رجوعهم من العمل ، كانت لمى تدرس و تذكرت أن مراد لم يأتي للدراسة فذهبت لغرفته ، لكنها وجدته غارقاً في النوم إبتسمت و تقدمت إليه لتضع الغطاء عليه ، كان وجهه لطيفاً للغاية و قالت في نفسها : " لا أصدق أن شخصاً بوجه ملائكي كهذا بهذا الغباء " ، عندما غطته أمسك بيدها بسرعة و قال : " كلا أرجوكِ أمي لا تتركيني ، أنا أحبك " ، سحبت لمى يدها لكنه شدها أكثر بعد معاناة سقط على الأرض و عندما فتح عينيه قال : " هاه لمى ماذا تفعلين هنا ؟ " ، ضربته لمى على رأسه و قالت : " لا شيء لقد و ضعت عليك الغطاء فقط " ، قال بكل سخف : " لم تفعلي شيئاً آخر أليس كذلك ؟" ، ارتفعت الدماء بسرعة إلى رأس لمى و إغتاظت و صرخت بوجهه : " إخرس أيها الأحمق " ، خرجت من غرفته و أغلقت الباب بأقوى ما تستطيع ، لم يفهم مراد شيئاً و تابع نومه .

في اليوم التالي ، كان المطعم ممتلأ بالزبائن و أغلبهم فتيات ، لكن من بين كل الزبائن كانت خمسة عشرة فتاة مميزة عن البقية جالسات في مكان ملحوظ و لم يخرجن بسرعة ، كل ما كن يفعلنه هو الطلب بعد الطلب و مراد الذي يستلم ، إغتاظت لمى و قالت : " يبدو أنهن جئن من أجله فقط " ، و قالت بصوت أعلى : " ما أسوأهن ! " ، سمعها مراد و قال : " من ؟ و لماذا ؟ " ، قالت :" تلك الساقطات هناك جئن من أجلك فقط ، لا تذهب بعد هذا الطلب هذا يكفي " ، قال مراد : " لكن كيف سأعمل إذاً ؟ " ، ردت بسرعة : " يوجد طاولات أخريات " ، ذهبت لمى إليهن و قالت : " و الآن ماذا تردن ؟ " ، أجابت واحدة : " لا نريدك ، نريد الوسيم !! " ، ردت لمى و الغضب واضح : " الوسيم مشغول الآن ماذا تردن بسرعة هيا ؟ " ، أجبن : " كوكتيل " ..

عندما كان مراد ينظف سأل لمى : " هل تستطيع الفتيات حب أشخاص أصغر منهن " ، ما زالت نظرات الغضب على لمى و قالت : " هؤلاء الساقطات يمكنهن أن يحببن فتاً في سنته الأولى من الثانوية " ، إبتسم مراد إبتسامة خبيثة و سحب لمى إلى المطبخ ، دفعها إلى الطاولة و حاصرها بيديه و قال لها : " هل تغارين منهن ؟ " ، أجابت لمى : " و لمَ أغار منهن أصلاً ؟ " ، أجاب مراد : " من أجلي ! " ، ردت لمى : " أمجنون أنت ؟ " ، أجاب مراد :" أجل " ، حاولت لمى دفعه لكنها لم تقدر ، " ابتعد عني " قالت و حركت نفسها قليلاً ، إقترب مراد منها أكثر لم يبق إلا بعض المليمترات بين وجهيهما ، جاء المدير و قال : " أنتما كفاكما عشقاً و أخرجا للزبائن " ، احمر وجهيهما خجلاً و خرجا بسرعة ....
الساعة صارت التاسعة و لم تخرج الفتيات بعد ، ذهبت إليهن لمى و قالت : " ألم تتأخرن ؟ " ، أجبن : " كلا لم نتأخر و المطعم سيغلق الساعة 12 " ، قالت لمى : " لكن الوسيم سيخرج بعد ربع ساعة " ، قلن : " بعد ربع ساعة سنخرج إذاً " ، بعد ربع ساعة بالضبط إنطلقت لمى لمراد و أخرجته من الباب الخلفي ، دفعته إلى الحائط بغية ألا يراه أحد ، كان وجه مراد أحمر بكامله و قال : " هذا كالأفلام لكن بالعكس " ، زجرته لمى و قالت : " أسكت سيخرجن عما قريب و بعدها سنعاود الرجوع للداخل " ، خجل مراد أكثر و قال لها :" هل يمكنني أن أسأل سؤالاً ؟ " ، قالت لمى :" تفضل ! " ، تابع مراد : " لمَ لا تبتسمين أبداً ؟ "، أجابت لمى : " لأن الحياة مقرفة "، غضب مراد و صرخ في وجهها : " الحياة مقرفة ! لهذا فقط ! عندك أهل و يحبونك و يخافون عليك و تقولين الحياة مقرفة ! ، أنا لم أحظى أبداً بهذه العائلة المحبة ، أبي هرب بباقي المال و أمي تركتني عندما كنت صغيراً ، أعمامي يكرهونني و لا أحد من أقربائي إستقبلني أبداً ، و أنتِ تقولين الحياة مقرفة ؟ " ، حزنت لمى و قالت : " آسفة أكل هذا حدث معك ؟ " ، أجاب مراد : " أجل و ما زلت أبتسم و أضحك و كأن شيئاً لم يحدث " ، أخفضت لمى رأسها و قالت : " حسناً سأضحك كثيراً من اليوم فصاعداً لكن عليك أن تحتمل فأنت من طلب هذا و ضحكتي ليست جميلة و عندما يجن جنوني لا أحد يستطيع إيقافي "، إبتسم مراد و قال : " لا بأس فأنا مجنون بطبيعة الحال و لن يؤثر هذا علي " ، بهتت إبتسامته و تابع :" هل تعلمين أنك أول شخص قلت له عن عائلتي ؟ ، أنت تعلمين من البداية أن أصدقائي كانوا أصحاب مال لهذا لم تسنح لي الفرصة بالتحدث أبداً عن عائلتي أمامهم " ، عانق مراد لمى و تابع كلامه : " أشكرك لأنك الشخص الوحيد الذي كان صريحاً معي " .....

أميرٌ مُفلِسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن