"أمير؟"
إلتفتت و وجدت ياسمين، أو "ميمين" كما تحب أن ندعوها و هي فتاة تدرس بمدرستي، و أحد معارفي، كانت الصديقة المقربة من حبيبتي السابقة "ألمى"، و التي إنتقلت من الجزائر نحو مدينة قسنطينة (ليس بسببي طبعا)، ياسمين كانت من ذينك الفتيات المرحات، مع الإبتسامة التي لا تفارقها أبدا .
"أهلا 'ميمين' !".
وجهت نظرهاْ للكتب التي كنت أحملها في يدي – مدينة الزجاج، تجارب السكورش، كل الأماكن المشرقة، و مع إخفائي لرواية "إلهة الورد" تحتهم إلا أنها تمكنت من أخذ لمحة من الغلاف و بناء فكرة عما كان بالداخل ثم ابتسمت .
"انه من أجل مشروعي في عطلة الشتاء عن الأدب الغربي .. " قلت و بصوتي حشرجة توحي بالكذب " ... و الرومانسيات و ما إلى ذلك، ستعجبين لكبر هذا المجال" .
ياسمين، حفظها الله، ندمت لأنها نادت اسمي في الأساس .
"هل ستمضي العطلة في المدينة؟" سألتني.
لو أجبتها بالإيجاب فمؤكد أنها ستدعوني لحفلة ما او تجمّع لرفاق المدرسة او في أحسن الأحوال، الذهاب للسينما لمشاهدة فلم 'بينجمي'، صحيح انهم يقولون أنه رائع للغاية، أعتقد أن جميع أفلام كريستوفر نولان كذلك لكنني، افضل مشاهدة هكذا أفلام وحدي على أن اشاهدها مع مجموعة من المراهقين. لكن لا، لن اجيبها بنعم فأنا من أشد المؤمنين بالمراوغة الوقائية -بمعنى آخر- اكذب الآن و لتنفذ بجلدك لاحقا .
"سأزور مدينة سطيف غدا" أجبتها.
"سطيف؟"
لم أذهب إلى هناك أبدا و لا أعرف أحدا في تلك المدينة، لذلك، رحلة عائلية إليها لم تكن شيئا في الحسبان، و بطريقة لأشرح ذلك اردفت "احب سطيف في ديسمبر، اللون الأبيض و المناظر الخلابة ... و الريف الجميل
... كل شيء مثالي هناك" و كأنني كنت هناك من قبل حقّا.
حركت ياسمين رأسها و قالت "يبدو الامر ممتعا".
ثم وقفنا هناك في صمت، كنت أعلم أنه في قواعد الحديث، قد حان دوري في الكلام، و علمت كذلك أن عدم احترامي لتلك القواعد سينتج عنه ذهاب ياسمين إلّا أن هذا ما أردته تماما.
بعد حوالي الثلاثين ثانية في ذلك الصمت، لم تستطع البقاء أكثر .
"حسنا، عليّ الذهاب" قالت.
"حسن، فلتحظي بيوم سعيد إذن" ردّيت .
ابتسمت ياسمين و قالت "فلتستمتع أنت كذلك بوقتك في سطيف" ثم ذهبت .
وضعت الكتب على الطاولة لأظهر القصاصات اللاتي كنت أحاول اخفاءها على ياسمين، ثم أعدت فتح الصفحة 156 من رواية "كل الأماكن المشرقة" و أخذت القصاصة الجديدة .
أنت تقرأ
أوراق الشتاء
Mystery / Thrillerتخيّل أن تجد قصاصة ورقية في الرفّ الذي تحب تفقّده دوما، في قسم الروايات التي تفضّل قراءتها دوما، في المكتبة التي تعشق قضاء الوقت فيها دوما، و تجد فيها ذلك النوع من الألغاز التي تحبّ حلّها دوما، فماذا ستفعل؟ هل ستطويها و تتركها في مكانها أم سيتملكك...
