الفصل التاسع

157 25 5
                                    


لم يكن منزلنا بعيدا جدّا، فقررت الذهاب إلى هناك لأضع الكتب و أتفقد اللغز الذي وضعته "لينا" في هدوء داخل غرفتي، فتحت هاتفي و وصلت سماعات الأذن به و شغلت الموسيقى ثم انطلقت في طريقي .

مشيت على طول شارع ديدوش مراد بإتجاه محطة تيليملي، قطعت شارع كريم بلقاسم، ثم صعدت إلى مرتفعات العاصمة  مرورا بحديقة تيفاريتي، قاطعا تلك الطرق الملتوية بإتجاه شارعنا البائس، لولا سماعي لأغاني "شون مينديز" و "تايلور سويفت" في الطريق و تفكيري المنصبّ على اللغز الجديد، لا أعلم إن كنت سأستطيع إكمال الطريق إلى هناك ... إلى شارع أشجار اللوز أو كما يسمّى بشارع الديزامونديي أين كان يتموقع منزلنا.

وقفت أمام الباب، وضعت المفتاح و أدرته حينما سمعت صوتاً خفيفاً ينادي من ورائي يقول :

"هاي يا رجل ... هاي !!" نزعت السماعات من اذني و أدرت رأسي و إذا به يردّد :

"ألا تسمعني ... كنت أناديك منذ دقائق".

"آسف ... كنت أضع السماعات و لم أسمعك" أجبته .

"مرحبا يا عبقور، لم أرك طوال الأسبوع الأول من العطلة، أين كنت؟" سألني و هو يصافح يدي – نعم لقد سمعتموه جيّدا .. عبقور - ... هو و بعض من أصدقائي ينادونني بذلك الإسم منذ سنوات المدرسة الإبتدائية ، و هذا هو أقدمهم و يدعى "سمير"، فتى لامبالي يعشق العطلات و الصيف لذلك نحب أن ندعوه بـ"سامر" نسبة إلى فصل الصيف، يحب اللعب بألعاب الفيديو كثيرا لدرجة أنه يستطيع استبدال أخيه الصغير بجهاز "إكس بوكس 1S" لو أمكنه ذلك و بلا تردد، ضع عنده مجموعة من أقراص الألعاب و أجهزة محاكاة و تلفاز و مؤونة و لن يتحرك من عنده حتّى لو إندلعت الحرب العالمية الثالثة.

كانت يداه باردتا الملمس من الخارج و لاكن كفه كان دافئ، يمكنك الإحساس بالبشرة السميكة أسفل رسغه من الإستخدام المكثف لفأرة الحاسوب، و كذلك الزرقة أسفل عينيه من قلة النوم و كثرة الإشعاعات.

"نعم، كان علي الاهتمام ببعض الأمور .." أجبته .

"لم نلعب 'كول اوف دوتي' منذ مدة معا يا أخي ... لقد اشتقت إلى هذا" أرفق بكلامه .

"أجل، أنا كذلك، كنت انجز في مذكّرة الآنسة سعداني لذلك لم يكن عندي وقت للعب كثيرا"

"ماذا؟ هل أعطتنا الآنسة سعداني مذكّرة للقيام بكتابتها؟" -متعجّبا و خائفا في نفس الوقت – سألني بلهفة .

"كلا، كلا لا تقلق، إنها خاصة بمجلّة المدرسة فقط" أجبته مبتسما .
و كانت كذلك، دائما ما كانت الآنسة سعداني تضع مذكراتي في مجلّة المدرسة الشهرية و حتى المجلّة الحائطية الأسبوعية .

"ما الذي تحمله؟ كتب جديدة؟ هل كنت في المكتبة مجدّدا أيها السخيف؟" .

"أنت السخيف ... لا تخرج من أمام الحاسوب إلا للأكل، و هذه الكتب من أجل المذكّرة و أشياء أخرى" .

"ها أنا أمامك في الخارج، و لم أخرج للأكل أو ... " ردّ بفخر و كأنه قام بإنجاز ما .

"حتما من أجل شراء قرص لعبة جديدة" قاطعته قائلا .

"تبّا لك، من قال لك هذا، اخرج من رأسي"

"أنت مبتسم، و أنت تبتسم إلا في ما يتعلق بالألعاب و كذلك ..."

"ارحمني من استنتاجاتك السخيفة ... سأذهب لأشتري القرص و إلا سأندم ... سلام" قاطعني غاضبا، ثم أكمل طريقه .

فتحت الباب و كان صوت الصمت الجميل يخيم على المنزل، لم تكن أمي هناك، دخلت غرفتي ثم أوصلت هاتفي بمكبرات الصوت و شغلت تطبيق سبوتيفاي و وضعت فرقة "اوديوماشين" على لائحة التشغيل، ثم سحبت الجريدة من الكيس و جلست على كرسي الدوار و تفقدت صفحة الكلمات المتقاطعة .

كنت أتوقع أرقاما أو كلمات مبهمة و لكن لا، لم يكن شيئا من هذا أبدا و كانت كالتالي:

▄┘ý Ô Þ Í È ß

®ß Î Ó Ï ▄ Ó ª

  ú ª ú« ¿ ¿ ¬ ¬

 Û Ï Î│ñ¿½¿

ú È Ó í ▄ þ µ Ó

▄ý ı Î È ý ı Õ 

ß┌ Ó ý┌ ▄ ┘þ

جيّد، لقد اضافت بعض الصعوبة و لكن ما هذا؟ هذه ليست لغة روسية و لا لغة نافي و لا كلمات من لغة ما، لو كانت ابجدية لقمت بتغيير الحروف إلى أعداد حسب ترتيبها إلا أن هذا النظام ليس كالأبجدية ... أقربها هو تشفير الأسكي على ما أظن .
فتحت حاسوبي المحمول و قمت بتحميل جدول شفرات الأسكي و عند استبدال الشفرات حسب قيمتها العددية ظهرت التركيبة التالية :


236 226 232 214 212 225 217 220
225 215 224 216 220 224 166 169
170 167 168 170 170 167 166 163
170 165 164 234 216 215 179 164
163 212 224 161 220 231 230 224
236 213 215 212 236 213 229 220
225 218 224 236 218 220 217 231

قمت بتحويل هذه التركيبة من صيغة أرقام الأسكي إلى نص لكن لم يكن هناك شيء مقنع، أعدت تركيب الأرقام من مجموعات ثلاثية إلى ثنائية و حاولت مجددا و لكن بلا جدوى، جربت هذا في عدة لغات موجودة و لكن ليس هناك أي فائدة .

طوال الساعتين التاليتين جربت عدة أنواع من الشيفرات التي أعرفها و حتى التي لا علاقة لها بالأمرلكن بلا فائدة .

هل يمكن أن يكون هذا اللغز بلا حل، هل تحاول التخلص مني أم ماذا؟ أعدت تفقد القصاصة لعل هناك مفتاح يدلني على الحل، لكن لا... لا شيء إطلاقا.

***

لو أعجبتكم الرواية حتى الآن و تريدون مني الإستمرار في الكتابة أعملوا تصويت او
كومنت نقد أو إعجاب ... و ايا كان المهم أتركوا دليل على مروركم الطيب


أوراق الشتاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن