الفصِل العاشِر

2.9K 225 11
                                    

يقف في مُقدمة باب غرفتي. عيناه عليَ. يبدو كما كانَ تماماً. مُتألم, غاضِب, و بريئ. ينظر إلي و كأنه مُستعد للهجوم. بدون أية حركة, بدون كلمةٍ واحدة. صدره لا يرتفع و يهبط حتى, هو لا يتنفس. بعدها رأيتهما, عيناه الزجاجية. في هذه النقطة, لا أعلم أينَ أنا. لا أستطيع رؤية نفسي. هو هنا, و انا هنا, و هو ينظر إليَ, مباشرةً في عيناي, لكني لا ارى نفسي. هذا غريب. غريب بأنني ارى ذنبي. لا, هذا ليس إنسان, هذا شعور, شعورٌ قوي من الذنب استطيع في الحقيقة رؤيته. من الصعب الشرح, لا تستطيع الشعور بألمي حتى يحدث لك,او على الاقل تعرف حقيقة ما حدث.

إعتقدتُ بأنَ اسوء شعور هو أن تكون غير محبوب, وحيد, مرفوض. لكنني كنتُ مُخطِئة جداً. إنه الذنب و الندم.

بعدها سمعتُ كلماته ترنُ في إذني مرة بعد اخرى. "أنتِ السبب في عدم كوني موجود هنا."

كلماته تكسرني الى نصفين, صرخت. لكنني لا استطيع سماع صوت صراخي. اما ان اكونَ صامتة او لا استطيع فتح فمي. إذا كان في الحقيقة لدي فم. لا استطيع السيطرة على نفسي. اشعر و كأنني أبكي, لكنني لا استطيع إيجاد الدموع. لا استطيع إيجاد اي شيئ في داخل جسدي. انا خالية من الداخل, حرفياً. إختفى قلبي. أختفت روحي . أشعر ببقاء بعض الدم, لكنه بارد. لا, إنه متجمد. انا لستُ هنا, لكن في نفس الوقت, انا هنا أحدق بهِ. هل هذا منطقي بالنسبة لك؟

اريد التكلم معه, لكنني لا امتلك صوت. تكلمَ مجدداً" اعلم أنه ليس خطأكِ كلياً, لكنني وثقتُ بكِ."

سوف انفجر باكية لو كنت استطيع. يداي و قدماي قد تهتز من الخوف, إذا كان لدي يدين و قدمين. سأركض لو كان لدي قدمين. لكنني لا استطيع فعل اي شيئ, لكن الشيئ الوحيد الذي لا استطيع حقاً فعله حتى لو كنتُ على قيد الحياة, هو إسترجاعه(جايسون). الحصول على مسامحته. إزالة كل الذنب. لكنهُ ذهب.

"لقد وثقتُ بكِ!" صوته يرنُ في أذني, يذيب قلبي, إذا كان لدي واحد من هذه الاشياء في هذه اللحظة ليس لدي دليل عن ماذا انا ومن انا.

وَثِقَ بيَ, وخذلتهُ. حرفياً.

"انتِ و دُماكِ السخيفة (الالعاب)," قالْ "انتِ و دُماكِ السخيفة!" سأغطي إذناي من صراخه. إذا كان لدي يدين, إذا كان لدي إذنين.

بعدها فجأةً كل شيئ اصبح اسود.لا اضواء, لا اشياء, لا ارض, لا شيئ. أشعر و كأنني اطفو في الهواء.

"كاميلا, إستيقظي." سمعتُ صوت صديقي المفضل. "يبدو و كأنكِ حصلتي على حلمٍ سيئ."

"نعم,"تمتمتْ. "رباه, شكراً لكَ على إيقاظي, جايسون."

"على الرحب و السعة. لكن, اه, لكن عيناكِ ليستا مفتوحتان بعد. إنهضي قبل أن تنامي مجدداً," قالْ.

"لكن. . . عيناي مفتوحتان. . . " قطبتُ حاجباي معاً من التشويش. كيف تكون عيناي مفتوحتان, و ليستا مفتوحتين في نفس الوقت؟ لكنني استطيع الشعور بهما مفتوحتان, و في نفس الوقت كل شيئ اسود؟ كيف يكون ذلك. ..

اوه لا.

"جايسون, ماذا يحدث؟ انا-"

"لا تستطيعين الرؤية؟" أنهى الجملة من اجلي. "نعم, أنتِ عمياء الان. لا شكر على واجب."

"إنتظر, ماذا؟ انا. . . عمياء؟ هل فعلت ذلك؟" سأنظر له بعيون مُتسِعة لو كنتُ أستطيع.

"أخذتُ إنتقامي," قالْ, وفجأةُ شعرت بالغضب يُبنى بِداخلي. فجأةً, شعرتُ بِأنَ هناك شيئ مفقود. "تستطيعين صفعي إن اردتِ, او حتى ركلي. لكن لِلأسف ليس لديكِ يدين او قدمين." استطيع تخيله يبتسم.

اوقفتُ مضمار الموت.

هذا ليس صوت جايسون بعد الان. إنه صوت ديلان.

"ما الذي تتحدث عنه, ديلان؟" صَرَختْ.

"اوه, انا متفاجئ بأنكِ عرفتِ صوتي, مُنذ إن كان لديك أذن واحدة," قالْ "قطعتُ الاخرى."

"ماذا؟" صرخت. لكنني بالكاد اسمع صوتي, بأذن واحدة.

بعدها قال, وهو مُستمتع, "اوه, إذاً أنتِ خفتِ عِندما قلتُ لكِ بأنني قطعتُ إذنكِ. لكنكِ لم تخافي عندما قلتُ لكِ بأنني قطعتُ يديكِ و قدميكِ؟"

بالكاد استطيع الشعور بنفسي. لم يبقى لدي شيئ. لهثتُ و تشنجتُ في الوقت نفسه, مكسورة القلب.

"اوه, و فكرتُ ايضاً بأنه يجب عليَ ان اعطيكِ قصة شعر و اعتني بأسنانكِ, لِذا انتِ الان صلعاء و بدون اسنان. لا شكر على واجب."

سأقتله و اقتل نفسي لِهذا. لا استطيع العيش هكذا, سأعاني. من الافضل ان اقتل نفسي بسرعة.

"لا عزيزتي, لا تستطيعين قتل نفسك لأنكِ لا تسطيعين المشي او النظر, أتتذكرين؟" قالَ لي, يعاملني كطفلة.

"لماذا-" إبتلعتُ ريقي, إنكسر صوتي. "لِماذا تفعل هذا بي؟"

"لأنني سمعتكِ تتكلمين في نومكِ," قالْ, هذا صوت جايسون مُجدداً. "قلتِ بأنكِ لا تستطيعينَ إسترجاعي,  بأنكِ لا تستطيعين الحصول على مسامحتي,  بأنكِ لا تستطيعن إزالة الذنب من داخِلك. لكنكِ كنتِ مُخطِئة. هذا هو إسترجاعي(إنتقامي). انتِ لا تمليكينني بعد الان. اخذتُ إنتقامي, و اسامحكِ. قلتِ ايضاً بِأن اسوء شعور هو الذنب و الندم. لِذا الان انتِ لا تشعرين بهما. بدلاً مِن ذلك, تشعرين بالألم الذي شعرتُ بِه دائماً. لذا, لا شكر على واجب. الان نحن متساويان." ضحكْ.

هو مُحق. الان لا اشعر بالذنب او الندم. لكن الان انا اعيش ميتة. لا اعيش, انا فقط موجودة.

-
صرخت.
بعدها واخيرا استيقظت.
 

Bronze || Arabicحيث تعيش القصص. اكتشف الآن