الفصِل الخامِس و العشرون

1.8K 158 21
                                    

"أعتقد يجب علينا ان نفعل شيئاً جديداً, مُختلفاً," قالَ بينما افتح الباب الأمامي لمنزلي و دخلَ كلانا, رميتُ حقيبتي على الأرض. "بُركان, على سبيل المِثال, سيكون فكرة قديمة."

امسكتُ ذراعه السليمة و قُدته الى الأريكة. كل مرة المس فيها عضلاته, اشعر و كأنني لا شيئ بجانبه.

يستمر بالتكلم عن مشروع العلوم, و انا اقول, "نعم." او "صحيح." بين فترة و اخرى, غير مهتمة حقاً بما يقوله. هذا حتى سألني, "ما الذي تعتقدينه؟"

هزيتُ كتفي بلا مبالاة. "آآه. . . اعتقد يجب علينا فعل شيئ سهل, مثلاً. . . بُركان, كمثال."

"حسناً, اولاً, البركان ليس شيئ سهل. ثانياً, هل كنتِ مُنتبهة على ما اقوله؟" يَبتسم.

"لقد كنت منتبهة. اعتقد فقط سيكون من الجيد ان نفعل شيئ لا يتطلب عمل شاق."

"هزَ رأسه بنفي. "لا اتفق معكِ كلياً. يجب علينا فعل شيئ جديد, حتى لو كان يتطلب عمل شاق."

هزيتُ رأسي بكسل. "لكنني لا اريد فعل شيئ يحتاج الى عمل شاق!" إنتحبت.

ضَحكَ بِخفة. "يجب عليكِ ان تتعلمي حب الأشياء."

"عن ماذا تتحدث؟"

"العلوم," قالَ بسرعة. "كنتُ اتكلم عن العلوم."

هززتُ رأسي. "لا, لا, لا. اكره العلوم و سأضل اكرهه دائماً!"

"حسناً, اهدئي." قَهقه.

إبتسمت. "لنأخذ إستراحة. انا مُرهقة."

"هل تمزحين؟ لقد وصلنا للتو, لم نبدأ بعد حتى."

تنهدتُ بإرهاق. هو إبتسمَ, "حسناً, سنأخذ الأمور على طريقتكِ. لكن قبل ان نأخذ إستراحة, يجب علينا المجيئ بفكرة."

"حسناً," قُلت, افكر بأي شيئ سريعاً حتى اتوقف عن التكلم حول العلوم. "حصلتُ عليها!"

"ليس بُركان آخر," قالَ و ضَحكت.

"لا, ليس كذلك. إنها فكرة جديدة, كما قلت. حسناً, إذاً انتَ اعمى." قُلت.

"و؟"

"هذه هي."

"هذه هي؟ و ما هي الفكرة؟"

"هذه هي الفكرة. إنها واضحة للغاية. انتَ اعمى, لذا يمكننا عمل شيئ يتضمن العمى. شيئ س. . . سيساعد الاشخاص المكفوفين, على سبيل المِثال."

هو تمهل, و انا اشاهده يفكر فيما قلته. "هذه حقاً فكرة جيدة," قال, يومئ بموافقة. "لكن ما هو الشيئ بالضبط الذي سيساعد الاشخاص فاقدي البصر؟"

"لماذا يجب عليَ التفكير بكُلِ شيئ؟ لِنأخذ إستراحة الآن!" إنتحبت.

ضحكَ و قال, "حسناً." تنفستُ الصعداء و و ضعتُ قدميَّ على الطاولة امامي, مُستريحةً. "انتِ في الحقيقة ذكية عِندما تُركزين," اخبرني.

لهثتُ, "كيف تجرؤ على إهانتي؟" قُلتُ بسخرية.

ضحكَ بينما يجلس بكسل على الأريكة. يبدو انه مُستمتع بالإستراحة, ايضاً.

"إشعر بالحرية لوضع قدميك على الطاولة," إبتسمت.

"ماذا؟ هذا سيكون-"

"انا و والدتي نفعل هذا دائماً," قاطعته. "نُطلق عليها طاولة الأقدام. لا ناكل عليها على الرغم من هذا, نأكل في المطبخ," شرحتُ, إبتسامة عريضة على وجهي, و نَمت على وجهه, ايضاً.

"حسناً, إذا كنتِ مُصرة,"وضعَ قدماه على الطاولة, واحدة فوق الاخرى. ضحكت بِخفة كما ضحك هو ايضاً.

نجلس على الأريكة بالقرب من بعضنا البعض, استطيع الشعور بتنفسه. البيت بأكمله هادئ, يجب ان تكون والدتي نائمة. شعور جيد الجلوس هناك, مُتنفسةً رائحته. رائحة ديلان.

"إذا, تعزفين البيانو؟" سألَ و رفعتُ حاجبيَّ.

"نعم, كيف علمت؟"

"كيم," قالَ ببساطة. بالطبع. "هل يمكنكِ ان تعزفي شيئاً لي؟" سألَ.

"امم. . . حسناً," قُلت, واقفةً عن الأريكة ووقف ديلان ايضاً. قُدته الى البيانو و كلانا جلس على مقعد البيانو و الذي هو كبير كفاية لِكلينا اذا جلسنا مُتقاربين. تهتز يداي قليلاً, لكن هذا بالتأكيد اقل رعباً من العزف امام الصف بأكمله. اخذتُ نظرة عليه و هو يبتسم, مُنتظراً إياي ان ابدأ. "هنالك هذه المقطوعة الجديدة كنا نعمل عليها في المدرسة, لكنني اعرف المقدمة فقط," قُلت و اومأ. وضعتُ قدمي على الدواسة اسفل البيانو بينا تلمس ركبتي خاصته. اخذتُ نفساً عميقاً رائحته المثالية تملئ منخاريَّ.

بدأتُ بعزف النغمة الأولى, وبعدها الأخرى, حتى فرغ عقلي من كل الأفكار و اُستُبدِلت بالموسيقى. هذا حتى امسكت يدان عنيفتان و كبيرتان خصري و ابعدت يداي عن البيانو. ديلان يبدو غاضباً و مُتألماً, كما لو انه على وشك البكاء. لستُ متأكدة على الرغم من هذا, لا استطيع رؤية عيناه خلف هذه النظارات.

"ما الخطب؟" سألتهُ, بهدوء.

"انا فقط. . . لدي صداع مؤلم," قال. "ربما يمكنكِ العزف لاحقاً."

ازال يديه من على يديَّ ووضعهما في حضنه. "حسناً," قُلتُ, مُشوشة قليلاً. اخرجَ نفساً و اعلم ان هنالك شيئ يزعجه. "هل تود مني إحضار اي شيئ لك؟"

هزَ رأسه بنفي كإجابة. "اريد منكِ فقط ان تستمعي."

"استمع لِماذا؟"

"لِماعلى وشك ان اقوله."    

Bronze || Arabicحيث تعيش القصص. اكتشف الآن