في ذلك الصباح، استيقظتُ على خبر موت أخي، كانت الأجواء مضطربة و كئيبة... أبي كان يصرخ على أحد المحامين الذين عينهم:" كيف تسمح لشيءٍ كهذا أن يمر؟ لم يبلغ العشرين بعد ! و طبقتم القانون على أساس أنه راشد في الثلاثين ؟! "...
دموع أمي كانت تنهمر بلا توقف، فهو ابنها الحبيب بعد كل شيء، ضمتني إلى صدرها و أفرغت كل ما في نفسها من حزن، أنا لا أفهم ، لمَ يبكون و يصرخون من أجل قاتل ؟
لقد أخذته الشرطة البارحة لجريمته الشنعاء، كنت أنظر فقط ، دموعه ملأت وجهه، و صوته كاد أن يقطع من صراخه و نحيبه، بقي حوالي النصف ساعة و هو يحاول اقناعهم أنه ليس المذنب، لكن لا جدوى، أمسكه رجال الشرطة بقوة و كبلوه بلا رحمة، كان أحدهم يقول :" غيرك كان أفضل في الاقناع "، سحبوه و كأنه كلب مسعور، ألقوه داخل السيارة بكل ما أتيح لهم من قوة، هكذا يعامل القاتلون ... أليس كذلك؟
بعد ذلك المشهد بلحظات ، اشتعل غضب أبي و استدعى كل محامٍ يعرفه، أنا متأكد أنه أراد انقاذ سمعته لا ابنه ...أمي بجانبي تولول و تنحب، ففلذة كبدها مات بعد قضائه ليلة واحدة في السجن، ليس كأني لا أعرف أن أخي ضعيف، لكنه مات من قهره أكيد، حبس بين قضبان و حيطان صماء لا تواسي، نام من دون غطاء أو سرير دافئ في ليلة اجتمع فيها البرد حوله، أنا متأكد أن ما أزعجه أكثر هو صوت أفكاره و آلامه" لقد سجنت ظلماً" ...
صحيح ، لمَ أنا جامد الحركة هكذا ؟ ألم يمت أخي الذي قتل أعز أصداقه ؟ ألم يكن هو أخي الحيوي اللطيف و الرائع ؟ و صديقه الذي لا يفرقه صفاتاً ؟ الملازمان بعضهما، لا يفترقان مهما حدث، يقضيان أغلب الأوقات مع بعضهما...
اه تذكرت ، لهذه الأسباب بالذات ، كرهت صديقه ! ملازمتها لبعضهما أزعجتني، أخي نسيني بسببه ، لذا قتلته ...
![](https://img.wattpad.com/cover/96231456-288-k923319.jpg)