جَميلتي
يتبع....عليه الآن أن يستعد لحياته التى سيحاول بكل ما إستطاع أن يجعلها طبيعية الأسرة العمل كل شئ أخذه على محمل الجد ولكن عينيه زائغة ويده ترتعش وتتعرق كثيراً وهذا لم يحدث له أعتقد أن مرض ما ألم به فنصحه دكتور أحمد بالذهاب إلى طبيب مخ وأعصاب حتى يطمئن على إرتعاش يده وتعرقها الدائم وتشتت عقله وقد فعل بالنصيحة فحتى هو وكطبيب لم يستطع أن يفهم ما الذى يحدث له وذهب إلى طبيب زميل لدكتور أحمد وطلب منه أشاعة للإطمئنان وفعل كل شئ ولكن فجأه الطبيب بما لم يكن يتوقعه يوماً
الطبيب _ الاشعة إلى قدامى يا دكتور ....
وقبل أن يكمل الدكتور كلمتها حتى بلع جياد ريقه بصعوبة وانتفض قلبه
الطبيب لاحظ تعابير جياد فأبتسم له _مالك يا دكتور
جياد بصعوبة وتوتر _مافيش يا دكتور
الطبيب _ماتقلقش يا دكتور إنت كويس جداً والاشعة ما فيهاش أى مشكلة ..
تنفس جياد الصعداء عندما سمع تلك الكلمات ولكن كلمات الطبيب لم تنتهى عند هذا الحد فأستكمل
الطبيب _بس من الواضح أن سبب الحالة إلا أنت فيها هو ضغط نفسى وأنصحك إنك تزور طبيب نفسى
ومد الطبيب يده ببطاقة لطبيب نفسى
فمد جياد يده مدهوش وهو يتمم بأندهاش _هو أنا إتجننت ولا إيه ؟
إندهش الطبيب من رد فعل جياد وقال فى إستياء _مش عيب يا دكتور دكتور مثقف ومتعلم زيك يقول حاجة زى ديه هو الطبيب النفسى للمجانين بس كلنا يا دكتور بنواجه صعوبات فى الحياة وضغوطات وأعتقد أن ده السبب فى حالة التشتت الى إنت فيها وإرتعاش إيدك وتعرقها والطبيب النفسى هيساعدك إنك تعرف السبب والمشكلة فين وتحلهاشرد ذهن جياد الآن وقد أصبحتى مشكلة ليست فقط فى قلبى وإنما فى جسدى بالكامل أنتهت جلسته مع الطبيب وقد كتب له بعض المهدئات ومنوم حتى يذهب إلى الطبيب النفسى المختص أحضر الدواء وألقاه أمام عينيه وهو ينظر إليه هل هذا الدواء قادر على حل مشكلته هل هذا الدواء حقاً سيساعده .. هل يحتاج الى طبيب نفسى فعلاً .. هل سيساعده ..هل ..وهل..وهل ..وهل .. مئات الأسئلة التى أرهقت رأسه أكثر فأخذ حبة المنوم وأستلقى على سريره ولم يشعر بأى شئ بعدها سوا بهزات قوية وصرخات ليفتح عينيه ببطأ ليجد نها تصرخ عليه فى فزع ودمعها الدافئة تتساقط على وجهه فرد عليها بصوت خافت والاندهاش على وجهه
_فى إيه
نها بصرخة وإبتسامة _إنت عايش إنت كويس
جياد ببلاهة _ليه بتقولى كده ؟
نها وقد فقدت كل أعصابه _بتقولى بقول كده ليه ما أنت مش شايف نفسك وأنت نايم على السرير بلبسك وجسمك صاقع وبتعرق عرق بارد وعمالة أنادى عليك بقالى ساعة وأنت ولا بترد عليه وفضلت أحرك فيك وأصوت وأنت ولا أنت هنا
وبدأت دموع نها تنهمر مرة أخرى عندما تذكرت الموقف مرة أخرى وبصوت متحشرج _أنا قولت أن حصلك حاجة لا قدر الله
نهض جياد من فوق السرير على صوت رنين جرس الباب بطريقة جنونية وكأنه يرن على أموات فنهضت نها بسرعة وهى تقول له _لازم دول بابا وعمو عبد الكريم
تسأل جياد فى إستغراب وهو ينظر فى ساعته التى تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل _وايه الى هيجيب عمى مكرم وأبويا فى الوقت ده ..
ثم ضرب رأسه بيده عندما إستوعب الموقف لابد أن نها من إتصلت بهم
دخل الوالدين على جياد وهما فى فزع شديد ورعب وأحتضنه والده بشده _جياد إبنى خضتنى عليك إيه إلى حصل
وكذلك فعل حماه وأجلساه فبدأ يشرح لهم بإرتباك
جياد _أبدا ده انا ما كنتش بنام كويس الفترة إلى فاتت فواحد صحبى عطانى حبة منومة بس الظاهر لانى مش متعود على الحبوب المنومة فضغط دمى إنخفض شوية عشان وخدها من غير أكل
بدا الارتياح على وجه والده وحماه ونها وقال والده بصوت متعب _الحمد لله إنى ما قولتش لأمك كانت ماتت فيها وأنت كويس وبخير
وخرج الجميع تاركين إياه ليرتاح ولكن من أين تأتى الراحة بالكذب فلا يمكن أن يخبرهم بما يحدث له ليست من شخصيته أن يبدو ضعيفاً غير متماسك والسبب لا يمكنه أن يفصح لهم به ..أيام عدة حاول أن ينام دون أن يأخذ الحبوب المنومة لأنها لا تجعله ينام وإنما يدخل فى غيبوبة يخرج منها أكثر تعباً وإرهاقاً ولكنه لم يفلح أن ينام من تلقاء نفسه أفكار تتوارد إلى ذهنه أحياناً بنبض قلبه طرباً وأحياناً بإنقباضه سخطاً وفى كل هذا هى وحدها السبب والحل
لا يدرى لها حل
.........................
مر اليوم وما بعده ومازالت لا تستطيع أن ترد على كريم حتى أنه أصابها الاعياء الشديد وحمى شديدة لا تعرف لها سبب حتى ليتصل كريم بوالدتها يسأل عن عدم ردها فعلم بمرضها وأتى مهرولاً بالطبيب ولكنها قد أخذت ما يكفى من الأدوية التى نصحها بها الطبيب الذى احضره أخوها انتاب الجميع القلق وعللوا مرضها أنه من الرحلة المشؤومة ومرت بضع أيام أجل فيها كريم سفره إلى عمله عدة مرات حتى لا يرحل إلا وهى معافاه تمثلت للشفاء بصعوبة وتمالكت نفسها ولا تعلم لكل هذا سبباً لتجد جسدها بدأ فى طفح جلدى غريب فأعتقدت أنه ربما الدواء هو السبب لتوقفه تماما وعلى كل حال لقد تحسن حالها وبعد أن سافر كريم وهو قلق على حالها ولكنها أقنعته أنها بخير وتناست الامر وتلك الرحلة المشؤومة وحاولت أن تلتهى بالعمل وقد أقبلت إمتحانات الماجيستر ولكن الطفح الجلدى لا يذهب بل يتسع فذهبت لطبيبة الجلدية تعرفها لترى الامر لابد أنها حساسية ما ولكن الطبيبة فجأتها بامر لم تكن تعرفه هنا بأن الامر ضغط نفسى
جميلة بإندهاش_ضغط نفسى من إيه ؟
الطبيبة _ يمكن يا جميلة يكون من الامتحانات مش إنتى بتقولى إنك بتمتحنى الماجيستير
جميلة _وإيه الغريب فى كده ما أنا طول عمرى بمتحن
الطبيبة _عادى خدى بس الدوا بإنتظام وإنتى تخفى
أجابت جميلة بعدم إكتراث _حاضر
شرودها لا ينتهى مستقبلها يبدو أمامها مبهم، كريم يبدو صبوراً ولكن إلى متى ؟ فهى حالياً تعطى حجج بالامتحانات وإنشغالها بالماجيستير لا تتحدث معه كثيرا وإن تحدثت يصيبها الصمت معظم الوقت فى دواخلها تشعر بالذنب بالرغم أنها لم تفعل أى شئ لتشعربهذا الشعور ولا تعلم ما الحل تستخير كثيرا لعل الله يهديها إلى حل سليم أو ينهى هذا الشعور ولكن الحال لا يتغير فسألت كريم مرة عندما شعرت بأنه ضاق بها الحال من جفاء قلبها معه
كريم _مش عارف هتفضلى تقلانه عليا كده لحد إمته
جميلة _إيه إلى مخليك مستحملنى ؟
كريم _لو قولتلك إنى حبيتك بجد هتصدقينى
لم ترد جميلة كعادتها ولم ينتظر كريم الرد وأستكمل قائلا
كريم _انا عارف إنك فاكره إن كلمة بحبك ديه سهلة أوى بالنسبة ليه وإنى قولتها كتير لكن بالرغم من طبيعة الحياة إلى أنا عايشها إلا إنى أحتفظت بالكلمة ديه الإنسانة المناسبة ولى من أول مرة شوفتك فيها قلبى قالى إنك هى ..وعلى فكرة زى ما أنتى أول واحدة قولتلها بحبك إنتى آخر واحدة هقولها الكلمة ديه لأنى خلاص مش متخيل حياتى من غيرك أو إنى أكون مع واحدة غيرك يا إما أنتى يا بلاش ..
صمت كريم للحظات كلماته كانت لها وقع الجبل على قلب جميلة أثقلتها بالهموم أكثر مما أسعدتها الآن تعلم لما تشعر بالذنب والآن تعلم أنها ستشعر بالذنب أكثر فلو كان هذا الكلام سمعته فى قصة رومانسية أو قرأته فى رواية و البطولة لم تتحرك مشاعرها لسبتها بجميع الشتائم التى تعرفها والتى لا تعرفها ولكن هى فقط التى تحتاج إلى السب وإلى أعادة ضبط قلب ...
إنتبهت لصوت كريم
كريم _هى يا أخت أنتى أغمى عليكى ولا إيه من حلاوة كلامى
إبتسمت جميلة وردت _لا مش للدرجة دى
كريم _طيب إيه بقا يا شيخة طيب سقفى حتى زغرطى ألطمى صوتى على رأى هشام عباس ما تدنيش إحساس أبو الهول
ضحكت اكثر جميلة ومن بين ثنايا ضحكتها _أعمل إيه يعنى ...
كريم بصوته المازح _خراشى منك كشفت راسى ودعيت عليكى بس بردوا بحبك يا ابو الهول ...
ما الطفه كريم أليس كذلك ؟!
...........................
يحاول أن يخفف من ضغوطات الحياة باللهو مع فتاتيه ولكن إبتسامته أصبحت شاحبة وجسده أصابه الوهن و أصبح يصمت أكثر ما يتحدث فقرر أن ينهض للخروج فيوم العطلة يبدو طويل وممل للغاية ذهب ليجلس على القهوة مع بعض الاصدقاء ولكن منهم أعتذر لاسباب مختلفة فجلس اسند رأسه على كرسى المقهى بتأفف حتى راوده إتصال إنه دكتور أحمد رد بالامبالاة وطلب منه دكتور أحمد أن يأتى لمكتبه ليجلس بدلا منه بعض الساعات حتى ينهى امر عاجل ولم يجد سبباً للرفض وهو فى طريقه لا يعلم لما أتى على ذاكرته أول لقاء لهما لقد كان فى مكتب دكتور أحمد وبعد هذا اللقاء تبدلت حياته مئة وثمانون وراودته مشاعر مختلطة بالرغم منه يعانى بما يحدث له فقد كان يحيا حياة مستقرة للغاية إلى بأبعد الحدود حتى آتت حياة كعاصفة تسونامى لتقلب حياته رأسا على عقب وبالرغم من ذلك لم يستطع أن يتمنى عدم حدوث اللقاء الذى جعله يشعر بالحياة تدب فى كل عروقه وكانت كان جثة فارقتها الحياة منذ زمن أو تمثال وهبت له الحياة فبقدر ألمها بقدر إستمتاعه دخل المكتب ووجد أن هناك حالتين فقط أنهاهم وسمح للمساعدة الذهاب الساعة لم تتجاوز السابعة بعد بقى مسند رأسه على كرسى المكتب وهو شاردة الذهن ليفكر كم شهر مر دون رؤيتها لابد أنها مشغولة بكريم تأفف وفتح عينيه ليطرد هذه الفكرة ليجدها أمامه ففتح عينيها أكثر وقبل أن ينتبه وجد لسانه ينطق أسمها بكل شوق
جياد _جميلة ...
جميلة بدهشة _دكتور جياد
جياد وقد هب واقفاً _إنتى حقيقية ....
قالها دون وعى منه فلم يكن يصدق أنه يراها فكم توهم بها وأعتقد أنها حقيقة ولكنها كانت مجرد خيال أما هذه المرة ...هذه المرة تقف أمامه وباقصى حد مسموح لقلبه أن ينبض به وبأقصى سرعة مسموح بها لقلبه وبكل الادرينالين الذى قفذ فى جسده اراد أن يهرول إليها ليحتضنها لتعود إليه روحه الذى إستودعها إليها فلقد عانى بدونها ويهمس فى إذنها بشوق _وحشتينى ...
ولكن كل ما فعله كان الثبات إلى حد الجمود لتجيبه بصوتها الذى إشتقاق إلى سماعه كأشتياق غريق إلى جرعة من الاوكسجين تتوقف عليها حياته
جميلة _إيه
جياد لم يهتم أن يفسر لها أى شئ فطلب منها فى صرامة
جياد _جميلة ..أقعدى
جلست بدهشة من صيغته الأمره _ خير يا دكتور ..
جياد _إنتى بتعملى إيه هنا ؟
جميلة بإندهاش أكبر _بشتغل كنت جايه أزور دكتور أحمد
جياد وقد بدت عليه علامات الغضب وقد أدرك إذن إنها تتفاده مازالت فى العمل ولكنها لا تأتى لزيارته يبدو أنها قرأت أفكاره محاولت أن تتحدث ولكنه قاطعها فى حدة
جياد _بتشتغلى ؟ .. أنا قولت إنك لما إختفيتى كده إنك سبتى الشغل ولا شغلك مع دكتور أحمد بس
بدا الغضب فى نبرة صوته وملامحه وعينيه التى لا يسقطها من عليها وهى مرتبكة وتنظر للاسفل وردت بعد أن اكمل كلماته الغاضبة
جميلة _لا طبعا يا دكتور أنا لسه نازلة شغل عشان إمتحاناتى
شعر بأنه يفقد السيطرة على نفسه وغضبه يزداد فأغمض عينيه وقت نفس بصعوبة وسألها محاولا تغيير الموضوع
جياد _وعملتى إيه ؟
جميلة _الحمد لله
صمت ولم يعد يعرف ما الذى عليه أن يقوله ليستمر فى سماع صوتها ويستمر فى البقاء معها ولكنه اراد فقط أن يظل ناظراً لها ولكنها قاطعته بأن تتحدث عن دواءها ولم يهتم بالأمر فكل ما كان يهمه تغيرها لم يكن يعلم هل لأنه لم ليرها منذ مدة ام إن هناك حقا قد تغير بها وأهم سؤال كان يقتله فضوله ليسأله أين ذهبت إبتسامتها الرقيقة فهى لم تبتسم له ولا مرة واحدة منذ أن جلست فقطع كلماتها دون أن يدرك حتى
جياد _جميلة فى إيه ؟
جميلة بأندهاش وإرتباك _فى إيه يا دكتور
جياد بنفس النبرة الصارمة _مالك ؟
جميلة بإرتباك وحيرة _مالى يا دكتور ما أنا كويسة أهو ؟
جياد بثقة _لأ مش كويسة مش ديه جميلة إلا أنا عارفها
رفعت عينيها أخيراً لتصطدم بعينيه كان يعلم أن عينيه تقول ما لا يستطيع أن يقول لسانه إنها بحق مرأة القلب وكان يعلم أنها تستطيع قرأت عينيه بسهولة ولكنه لم يحرك عينيه بعيداً عن عينيها أراد أن تعرف أن تقرأ لعله يرتاح من هذا الحمل الذى يثقله ولكنها سريعا ما أزاحت نظرها وردت فى إرتباك
جميلة _أنا كويسة الحمد لله
وما أنهت جملتها حتى هبت واقفة تستأذن بالإنصراف ولكنه لم يستطع ان يرها تغادر ترحل وتأخذ روحه ثانية فى هذه اللحظة بالذات .. فى هذه اللحظة إنهارت كل مقاومته إنهارت كل مخاوفه ليهب عازماً على أنه سينهى عذابه الآن
جياد _جميلة .. إستنى ..
إستدارت جميلة ثانية لتواجهه فخرج من وراء مكتبه وأقترب منها بعض الخطوات التى شعر بها وكأنه يتخطى حواجزه ومخاوفه ليقول لها فقط
جياد _أنا.................