الحقيقة ~

33 6 2
                                    

" وكأنه مشهد حزين يعرض أمامها ، ويحدثها عقلها انه لن ينتهي وستنتهي هي ...
يوجد حقاً شيء ما تبلد داخل جسدها ... "

_______________

أشرقت شمس يوم جديد ، معلنة بداية مرحلة جديدة من حياتها ، استيقظت ولا رغبة لها في مفارقة سريرها ، كل شيء فيها يأبى مواجهة ماسيحدث ...

نهضت بتثاقل مرغمة جسدها على الحركة ،ارتدت مئزرها ثم اتجهت نحو الحمام ...
أخذت حماما دافئا محاولة استرجاع بعض من قوتها وهدوئها ...

بعد انتهائها ، عادت إلى الغرفة ، وقفت أمام المرآة وقد لفت شعرها بمنشفة ، تأملت ملامحها الذابلة للحظات ، تنهدت بألم ، ثم اتجهت نحو النافذة ، أزاحت الستارة ، قبلت أشعة الشمس وجنتيها بدفء ، فتحت النافذة ، استنشقت الهواء العليل وهي تتأمل جمال الحديقة الصباحي ..

تركت النافذة مفتوحة ثم اتجهت نحو المكتب جالسة على كرسيه ، أخذت مذكرتها ، أمسكت القلم لتباشر الكتابة كعادتها :

"في الحقيقة كل شيء يحدث فجأة ..!
فجأة وجدت نفسي وحيدة إلى درجة مخيفة ، لحظة خروج روح والدي من جسده أصبحت مسؤولة ، عند تلك اللحظة فقط انقلبت حياتي كلها رأسا على عقب ، أجزم الآن أن ماسيحدث مستقبلا سيكون أشد مما يحدث الآن ، ها أنا أجبر على ترك أحلامي ، تحطمت الجدران المتينة التي بنيتها بحذر شديد حولها ، إن أحلامي تحتضر ...!
حسنا لا بأس بمزيد من التضحية لم يعد هناك شيء يستحق ، أجل لقد قررت ، من أجل ماذا !
من أجل تعب أبي فقط . "

أغلقت المذكرة بتعب ، أراحت رأسها على المكتب مغمضة عينيها ، انتفضت محاولة منع دموعها من الهطول ...

وقفت وهي تحرر شعرها الأسود من المنشفة ، بعثرته بإهمال مبعدة قطرات الماء العالقة عليه ، ثم توجهت  نحو الأريكة ، أمسكت تلك الآلة الموسيقية النائمة عليها والتي هجرتها منذ زمن بعيد ...
رفعت الكمان لتضعه على كتفها مسندة ذقنها عليه ، أغمضت عينيها مبحرة في عالم آخر ، يزيد إصرارها في العزف كلما أحست بالضعف يجتاحها ، لتضفي على عزفها ألحانا متناغمة ، حزينة وضاحكة ، باكية ومبتسمة ، راضية ومعارضة ...

قطع حبل أفكارها ، ولحن كمانها الحزين ، رنين الهاتف ،
تنهدت بخيبة ثم أعادت الكمان إلى مكانه ، اتجهت نحو السرير لتعلم هوية المتصل وقد كان رقما غير معروفا ..

رفعته إلى أذنها مجيبة بصوت هادئ  :

"مرحبا ، من معي !؟ "

أجابها صوت رجولي من الطرف الآخر :

"مرحبا ، أ أنتِ الآنسة ميرال يوكي ؟"

ميرال مؤيدة :

"أجل "

رد عليها قائلا :

"معكِ النائب العام ، اتصلت بكِ لإخباركِ بضرورة حضوركِ الى المخفر اليوم ،فهناك العديد من المستجدات في حادثة والدكِ التي يجب علينا إعلامكِ بها "

العــاصــفـة  الـرمــاديــة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن