#رواية_الإيقاع_الخاطئ
البارت السادس
جروح من الذاكرة
الحاضر هو امتداد لنسيج الماضي و المستقبل لن يكون إلا امتداداً لما هو عليه الحاضر، فمن أمتن غزله من البداية لن يتفكك حتى النهاية و من جعله غثاً لا تماسك فيه فلا يلومن إلا نفسه ...
هناك حفلة صغيرة جعلت منزل عائلة بارك عامراً بالناس ذلك اليوم، جاء الجميع ليرحبو بعودة تشانيول بعد غياب طال لأكثر من سنتين بعد الوقائع التي حدثت للعائلة في ذلك الوقت، بعد انتهاء تلك الأمسية دعى تشانيول أخاه الأصغر جيمين ليتحدثا في العديد من الأمور كانا يتناقشان في العديد من الأمور لكن بعيداً عن موضوعالشركة و أحوالها فعلى الرغم من جهل تشانيول بالكثير مما حدث في ذلك الوقت إلا أنه لا يريد أن يعرف شيئاً و هذا ما دفعه للهرب لوقت طويل، بقيا يتحدثان بأمور مملة حتى قال تشانيول: آه صحيح ما أخبار جين سول؟ لقد ظننت أنكما ستتواعدان لكني لم أرها أبداً حتى الآن حتى أنها لم تأتيإلى الحفلة الليلة لقد كنت متشوقاً للقائها..
بعدما أنهى تشانيول كلامه تنبه لملامح جيمين التي انقلبت مئة و ثمانين درجة و الذي قال بعصبية: هل لا بد لك من ذكر هذه اللقيطة الآن! حسناً، في الواقع كنت أريد أن أبقى صامتاً و أن لا أشركك بهذه المشاكل بما أنك تنازلت عن كل شيء في الشركة، لكن يجب عليك أن تعلم كل شيء يجب أن تعلم من كان السبب في موت والدك قبل سنتين و من الذي حاول السير بتعبه لعدة سنواتٍ إلى الحضيض، هذه اللقيطة التي ذكرت اسمها قبل قليل هي ابنه تلك العاهرة كيم جين إي، هل تعلم ما الذي فعلته تلك الساقطة؟! حسناً أنا سأخبرك بكل شيء. في تلك الليلة عندما وصلت لوالدي الورقة الذي تفيد بحل العقد بين الشركتين، كان هناك مبلغ طائل من المال قد ذهب أدراج الرياح، جن جنون والدي و ركب سيارته و اتجه إلى بيت تلك العاهرة كيم جين إي و قد كنت برفقته عندما دخل إلى مكتبها و علت أصواتهما كنت هناك و شهدت كل شيء لم يحدث شيء عدا عن أن والدي قام بقلب طاولتها في حين أخذت تتوعده بما ستفعل ثم غادرنا، و بعدها بيوم كانت هناك فضيحه نشرتها تلك العاهرة عن أبي أنه قام بالاعتداء عليها و من ثم رفعت ضده قضية في المحكمة لقد قامت بشراء الجميع و أنا الشاهد الوحيد لقد تم إقصائي للأسف لم يكن هناك أي كاميرا مراقبة بالقرب من مكتبها و شهد الجميع أنني لم أدخل معهما فقد اشترت الجميع كما قلت لك و الأسوء من ذلك أنها رفعت قضية ضدي بأني قمت بإرسال خطاب لابنتها اللقيطة أهددها به بأنني سأعتدي عليها إن لم تصبح حبيبتي أتعرف ما الذي قمت بإرساله لها؟!
توقف جيمين قليلاً في حين بدأت دموعه بالتساقط و أما تشانيول فكان مصدوماً مما يسمع ثم عاد جيمين ليكمل: لقد أرسلت لها رسالة اعترفت بها بمشاعري اتجاهها كما نصحتني أنت في ذلك الوقت، أقسم أنني لم آتي على ذكر أي كلمة مسيئة، لقد أتت برسالة تحمل بصماتي و كذلك كان الخط مطابقاً لخطي، أتعلم ما هو الأسوء في الأمر ؟! أنها تلك اللقيطة جين سول لم تحضر المحاكمة بل أتى طبيبها النفسي و قال أنها تحت العلاج بسبب الصدمة التي تعرضت لها من صديقها المقرب و أنه على ما يبدو قد حاول الاعتداء عليها سابقاً، في غضون يومينتوفي والدي جراء جلطة دماغية بسبب الضغط الهائل الذي تعرض له و أمّا أنا فقد قضيت بضعة أشهر بالسجن تولى خلالها عمي رئاسة الشركة لأخرج بعدها على فوضى عارمة، بعد فترة من خروجي من السجن تلقيت من جين سول رسالة مقرفة تظهر فيها سعادتها بالنصر الذي حققته هي و والدتها، حقاً كانت آخر شخص أتوقع أن يصدر منها شيء كهذا، و لكن أتعلم أيضاً ما الأكثر سوءاً؟ هو أنها ما زالت تدعي البراءة و تتصرف كما لو أنها لا تعرف شيئاً، و الأكثر بؤساً هو أن قلبي الغبي ما زال معلقاً بها على الرغم من كرهي الشديد لها، حتى أنني آذيتها بشدة لكنها ما تزال عالقة هناك..
توقف جيمين عن الكلام كما لو أن شهرزاد أنهت حكايتها للملك عندما طلعت الشمس معلنة النهاية لهذا اليوم، جيمين الذي صمت لوقت طويل و ها هو الآن تحدث حتى جف حلقه، تحدث كمن علقت الكلمات في قلبه لأكثر من مئة عام، أما تشانيول اكتفت عيناه بالتحدث و امتدت ذراعاه لتحتويا أخاه الذي كبر عشرين عاما خلال عامين فما تعرض له من صعاب خلال الأيام الخالية جعلت منه صلباً لا يعرف للضعف سبيلاً لكن و كما يقال لكل فرس كبوة و لكل سيف نبوة...
لكن حتى شهرزاد روت القصة من طرف راويها و لم تدري ما كانت ستؤول إليه لو أنها روتها من طرف المروي عنه، فلكل حكاية كلمات مخفية جعلت منها شيئاً مبهماً لم يكتمل ...
كانت هذه هي أكثر مرة تتلقى فيها ضرباً بهذه الطريقة و الأكثر وحشية على الإطلاق، لشدة الألم لم تستطع الصعود إلى غرفتها و لكنها نامت في مكانها حتى الصباح في حين جفت دموعها على وجهها ....
في الصباح التالي كانت السماء شاحبةً بيضاء السحنه ليبدأ الثلج بالهطول لدى خروجها من المنزل، بدأ البرد يؤلم جسدها المنهك الذي غطته بملابسها الخفيفة فأخذت تركض إلى الكلية ركضاً على الرغم من ألمها لعلها تكسب بعض الدفئ، و على غير العادة كان جيمين و عصابته ينتظرونها قبل الكلية بمسافة ليست بالبعيدة، توقفت لدى رؤيتهم يسدون الطريق أمامها و أرادت التراجع لتهرب فرؤيتهم هنا لا تنبئ بخير، لكن أحدهم أمسك بها بشدة و غطا فمها بيده و سحبوها لمكان قريب كان عبارة عن مستودع ضخم يمتلأ جوه بصدى صوت خطواتهم مع كل حركة..
ربطوها إلى الحائط كانت الوضعية التي ربطت بها مؤلمةً جداً خصوصاً مع آثار ضربات والدتها الرطبة على جسدها فتأوهت بصوت مكتوم..
أشار جيمين للجميع بيده فخرجو تاركينه معها وحدهما، ساد الصمت أجواء المكان بعد رحيل الجميع،كانت من التعب بحيث لم تقدر على قول أي شيء، هذه المرة الأولى التي ستظهر كم هي ضعيفة حقاً، سيزول وشاح قوتها ليبرز ما خلفه من الألم و المعاناة و قلة الحيلة، بقيت ساكتة دون قول أي شيء تمنت لو انه يقتلها في تلك اللحظة و حسب فلينهي الأمر هنا لم تعد تستطيع الاحتمال أكثر لم تعد قادرة على الاستمرار، ان كان موتها سيريح الجميع فإنه سيريحها قبلهم، تنهدت بعمق و قالت بصعوبة و صوت خافت تراقص مع الصدى في المكان: اقتلني و حسب..
نظر لها جيمين بحدة الذي كان يبدو و كأنه غارق في تفكير عميق و قال: من سمح لفمك البغيض بالتحدث ؟
فقالت بقوة أكبر من السابق: إن كنت تكرهني لهذا الحد لما لا ترتاح مني و حسب، اقتلني و أنهي الأمر هنا ..
جيمين و قد اتشح بالبرود مجدداً: هل تعتقدين أن من حقك طلب الموت ؟! لا، يا عزيزتي يجب أن أعذبك و أعذب والدتك بك قبل أن أسمح لك بالموت، هل تظنين أن موتك سيسعدني؟! لا لن أكون سعيداً أبداً، فحيث أنك ستكونين مرتاحة في قبرك سأكون من يعاني هنا، يجب أن تكفري عن كل أفعالك ثم سأسمح لك بالموت...
صوته المليء بالحقد جعل الرعب يدب في جسدها مما أصمتها للحظات ثم استجمعت القليل من القوة لتقول بوهن: أريد أن أفهم كيف أخطأت بحقك ..
عندما قالت ذلك كانت كمن ألقى قنبلة جعلت أفكاره تتبعثر فاتجه نحوها و سحبها بشدة ثم صفعها بقوة على وجهها و قال بعصبية لم ترها جين سول منذ وقت طويل: أخبرتك أن تمثيلك سيءٌ مثلك، لا داعي لأن تكملي بهذه التمثيلية الحمقاء فأنا أعرف قذارتك جيداً ..
كانت جين سول تحدق به ثم بدأ بصرها يزيغ شيئاً فشيئاً لتقع في غياهب الظلام إلى عالم آخر لا تعلم أين هو لكنه بالتأكيد بعيدٌ عن جيمين و عن والدتها و الجميع....