لا تتجنبيني

298 19 1
                                    

#رواية_الإيقاع_الخاطئ
البارت العاشر
لا تتجنبيني
أخذت الشمس تتمايل بهدوء بين بعض الغيوم التي حجبت القليل من خيوطها الذهبية، بينما رنت ساعو المنبه فوق رأس جين سول التي لم تستيقظ على الرغم من ذلك.
_جيني، جيني، استيقظي انها العاشرة صباحاً ..
فتحت جين سول عينيها بتثاقل على صورة تشانيول الذي كان مهندماً على غير المعتاد في هذا الوقت من الصباح، فركت عينيها و قالت بثقل: هل أنت ذاهبٌ إلى مكان ما؟
تشانيول: أجل لدي اجتماع عمل مهم ..
جين سول بعد أن فكرت قليلاً: انتظر، أنت لن تتركني هنا وحدي مع جيمين، أليس كذلك؟!
تشانيول: و منذ متى كان جيمين يتواجد في البيت في مثل هذا الوقت ؟ لقد غادر إلى العمل منذ وقت طويل ..
جين سول: اه حسناً، لكن لا تتأخر في العودة ..
تشانيول: لا تقلقي لن يأكلك جيمين إذا ما عاد و لم أكن هنا، إنه حريص عليك أكثر مني.
جين سول: أنا لا أحب رؤيته..
تشانيول: كفي عن هذا أرجوك، يجب أن أذهب الآن، وداعاً...
و خرج دون أن يعطيها فرصة للرد ..
ذهبت جين سول إلى الحمام و اغتسلت و بدلت ملابسها، ما إن خرجت من الحمام إذا بجرس الباب يرن، احتارت إذا ما كان عليها الرد أم لا ثم قررت في النهاية أن ترد، ذهبت و فتحت الباب و لكنها صدمت لدى رؤيتها والدتها تدفع الباب بقوة و تدخل مجرد ما فتحته، تراجعت جين سول للخلف لتحافظ على مسافة كبيرة بينهما بينما بدأ قلبها بالنبض بقوة لشدة الرعب الذي أصيبت به و أخذت تتمنى لو أن أحد ما يأتي و ينقذها الآن حتى لو كان جيمين، بقيت والدتها صامتة و تقدمت قليلاً للأمام في حين تراجعت جين سول للخلف بمقدار ما تقدمت والدتها، فلما رأت كيم جين إي هذا النفور من جين سول قالت بحدة: هيا إلى المنزل...
جين سول: لا ..
كيم جين إي: هل علمك ذلك الأحمق الوقاحة؟ إذا لم تأتي معي الآن فستكون عواقبك وخيمه من الأفضل أن تأتي الآن..
صمتت جين سول للحظات لم تدري بماذا تجيب لكن استحالة عليها العودة معها لا سيما بعد الانقلاب الخيالي الذي حصل لحياتها بين هذين الاثنين حتى إنها تذكرت تصرفات جيمين الطفولية و تمنت لو أنه ينقذها من هذا الآن، أخرجها من صراعها الداخلي عندما شعرت بيدين تلتفان حول خاصرتها فتنبهت إلى أنه جيمين الذي على ما يبدو قد استيقظ من النوم للتو، احتضنها من الخلف و همس بهدوء في أذنها: دعي هذا العمل لي يا عزيزتي، و اذهبي إلى الداخل..
حالما تضاربت نظراتها مع نظراته فهمت خطته فأكملت التمثيل و قالت: حسنا حبي..
و من ثم دفعها بلطف لتكمل الطريق إلى الداخل، تنفست الصعداء حالما ابتعدت عنهما و أخذت تشهق بعمق و شعرت بحرارتها ترتفع بسبب ما حدث للتو هي نفسها لا تستطيع تصديق أنها قالت له "حبي" بتلك البساطة، يا إلهي ما هذا؟! هذا ما فكرت به، لكنها ابتسمت عندما فكرت أنه كان شعوراً رائعاً أهو بسبب انقاذه لها أم لأنه احتضنها؟ لا يهم سوى أنه كان رائعاً...
في الوقت ذاته قال جيمين بلامبالاة للسيدة كيم جين إي اللتي تقف أمامه: تفضلي يا سيدتي، أظن أنك أتيتي لرؤيتي لا لرؤيتها، لنذهب إلى المكتب و نتحدث..
فقالت السيدة كيم جين إي بتقزز: ألن تبدل ملابسك عل الأقل ؟!
نظر جيمين إلى نفسه و كان ما يزال مرتدياً ملابس النوم و قال بلا اهتمام: لا أنا أشعر بالراحة هكذا..
السيدة كيم جين إي و قد شعرت بالإهانه: اه..
دخلا غرفة المكتب فقال جيمين مبادراً: حسناً، ما الذي دفعك لتأتي لرؤيتي..
السيدة كيم جين إي: لديك شيءٌ يخصني ..
جيمين: ااه حقاً؟ لم أعلم بهذا..
السيدة كيم جين إي: اترك الفتاة و إلا سيحصل ما لا يسرك..
جيمين بتهكم: حقاً؟ مثل ماذا؟ هل تحاولين تهديدي الآن؟
السيدة كيم جين إي: لدي كل شيء يتعلق بك سوف أدمرك...
جيمين: سوف أتأكد من دمارك قبلي ..
السيدة كيم جين إي: سوف أرفع ضدك قضية اختطاف..
جيمين: اه حقا؟ لمَ لم تفعلي ذلك منذ البداية؟
استشاطت السيدة كيم غضباً بسبب أسلوب جيمين الساخر و ألقت بالأوراق التي كانت على الطاولة إلى الأرض ثم خرجت و أغلقت الباب خلفها بقوة شديدة تعبيراً عن حدة غضبها، بينما ضحك جيمين ضحكة انتصار على ما حدث تواً ..
كانت جين سول لا تزال جالسة في الصالة تفكر فيما حدث عندما دخل جيمين إلى هناك فنهضت بسرعة تريد العودة إلى الغرفة فأمسكها جيمين من معصمها و جذبها تجاهه و قال باستياء: لماذا تستمرين بتجنبي ؟ ها؟
جذبت يدها من يده و تراجعت مبتعده عنه للخلف و قالت و الخوف بادٍ بين طيات صوتها: أنت تخيفني، لا أحب رؤيتك ..
و فرت هاربة إلى الغرفة فلحق بها جيمين قبل أن تغلق الباب و دفعه بقوة و دخل و قال: إنها غرفتي ..
فصرخت جين سول: ابتعد عني، اتركني و شأني..
فقفز جيمين تجاهها و تشبث بها حتى وقع كلاهما على الأرض، و بحركه خاطفة منه قبل أن تتمكن جين سول من النهوض اتخذ وضعيته فوقها فثبت قدميها بين ركبتيه و كلتا يديها بين يديه و قال بعصبية مجدداً: لماذا تتجنبينني هكذا؟
كان جين سول مصدومة لما فعله الآن و قد بدأت اوصالها بالارتعاد خوفاً و دموعها بدأت بالانهمار بجنون من عينيها و قالت بخوف: لا تؤذني أرجوك..
اغمضت عينيها بانتظار التالي، توقعت أنه سيضربها أو شيءٌ من هذا القبيل فأخذت تحاول مقاومته لكن قبضته شديدة عليها فاستسلمت و صرَّت عينيها بشدة، لكن ما حدث كانَ أمراً آخر جعلها تفتح عينيها على وسعهما، فحالما أطبق شفتيه على شفتيها حاولت أن تشيح بنفسها بعيداً لكنه استمر بملاحقة شفتيها و قبلها بقوة و عنف حتى كفّت عن مقاومته و استسلمت لقبلاته، كان قلبها يخفق بشدة بمشاعر مختلفة من الخوف و الرهبة و الغرابة كون قبلتها الأولى سرقت الآن، كان يقبلها بهدوء و تعمق حتى شعر باستسلامها التام له فأبعد وجهه عن وجهها حتى أصبح هناك مسافة ملميترات بينهما ففتحت عينيها بهدوء و الدموع تتسرب منهما، في حين نظر هو في عينيها بصمت بلحظة هدوء سادت المكان و لم يستطع تفسير أي تعبير من تعابير وجهها، فحركت شفتيها على وشك تحرير بعض الأحرف لكنه عاد و أطبق شفتيه على شفتيها مجدداً ملجماً فمها عن الكلام، تركها بعد القليل من الوقت و قد لاحظ اندماجها معه في ذلك إذ كانت مستسلمة تماماً بكل كيانها له، و قبل أن تنطق هي بأي كلمة قال بهدوء مسكتاً لها: أنا أحبك، أحبك منذ أكثر من أربعِ سنوات، و حقاً حقاً آسف على ما حدث بيننا في السنتين الأخيرتين، أعلم أن اعتذاري هذا لا يعني شيئاً و يبدو من السخف بمكان يجعلني أذوب خجلاً لدى نطقي به لكن هذا أقل ما أملك فعله الآن و سأفعل ما تطلبين مهما كان لعلي أكفر عن ذنبي تجاهك ..
أشاحت جين سول بعينيها عنه و قد عادت دموعها للسيلان مجدداً و نظرة حزن فظيعة ترتسم على ملامحها في حين صمت جيمين بانتظارها كلماتها الفاصلة فقالت بعد وهلات: هلا أرخيت قبضتك عني؟ 
فأفلتها حالما تنبه أنه لا يزال يثبتها تحته، و جلست معتدلة أمامه دون أن تقول شيئاً، لكن ملامح القهر في وجهها أخبرته الكثير و دموعها التي ما زالت تتساقط وخزت قلبه بعنف، فاقترب منها و احتضنها إلى صدره فاستمرت هي بالبكاء بصمت، و قد توقع أنها ستقاومه إلا انها لم تفعل...
ابتعدت عنه بعدما شعرت بانتهاء دموعها فقد أهدرت الكثير بالفعل، بينما أمسك جيمين بوجهها بكلتا يديه و مسح دموعها بهدوء و قال مازحاً: هل انتهت دموعك أم لا يزال هناك المزيد؟
ردت عليه بابتسامه فتر عنها ثغرها بشكل عفوي و لم تقل شيئاً، فكسر جيمين الصمت القائم بقوله: ألا تشعرين بالجوع؟
هزت رأسها بأن نعم فقال جيمين مجدداً : لنذهب لنأكل إذن، أتريدين تناول الطعام هنا أم في الخارج؟
تكلل وجهها بالبهجة لدى سماعها كلمة "بالخارج" و قالت باندفاع: بالخارج بالتأكيد ..
جيمين و السعادة تملأه لدى رؤيته بهجتها: إذن بدلي ملابسك و انزلي للأسفل سوف أنتظرك عند السيارة ..
جين سول: حسناً، أعطني بضع دقائق..
ارتدت ملابسها على أسرع وجه و نزلت مسرعة إلى جيمين الذي كان ينتظرها عند السيارة و انطلق بها إلى أحد أفخر المطاعم..
على الرغم من نباهة جيمين إلا أن سعادته التي تذوقها أخيراً بعد وقت طويل جعلته لا يتنبه لوجود متعقب لهما، أثناء تناولهما الطعام تركته جين سول لتذهب إلى الحمام، أثناء سيرها في الرواق شعرت بشيءٍ غريب خلفها فالتفتت لكنها لم تجد أحداً فعادت لتكمل سيرها، لكن قبل دخولها الحمام مباشرة شعرت بيدٍ تطبق على خناقها لتفقد الوعي مباشرة ..

الإيقاع الخاطئحيث تعيش القصص. اكتشف الآن