ان اعثر على ذاتي

1.3K 210 3
                                    

ان اعثر على ذاتي

خلال المرحلة الدراسية الإبتدائية، برنامج قناة هونان: " الموسيقى لا تتوقف أبدا " كان البرنامج الأكثر شعبية، قالوا إن نجما كبيرا قد
أتى، وسألوني ان كان بودي أن أغني، أجبت بنعم، دعوني أنصت لما يجب على أن أغني. عندها تعلمت كيف أؤدي أغنية دافيد تاو تحت ُ
عنوان "بحثا عن نفسي"(العنوان الصيني我自己 و تعني "نفسي" ). لم أكن أعرف الأغنية بتاتا. قمت بتعلمها لمدة يومين أو ثلاثة،
بعدها ذهبت لأغني. يوم العرض، نسيت حتى الكلمات في البداية، بينما كنت أقف على الخشبة، قلت بلهجة شانغشا:" أيا، لقد نسيت......"
نظرت بندم الى أمي، لكنني وجدتها تضحك على الجانب.
لقد كانت المشاركة في ستار أكاديمي نقطة بارزة وهامة جدا في حياتي. خلالها كنت في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من العمر، لم أكن
أفهم شيئا، تعلمت الكثير من الأشياء لكنني لم أكن أحب أيا منها. كنت أحب اللعب على الحاسوب، لكن عائلتي كانت تقول إنها لم تكن أشياء من الجيد
َفعلها . لم أدرك ماذا كنت أريد تحديدا، لم أدرك ماذا توجب علي فعله ولم أكن حتى أفكر بحياتي أو مستقبلي. الدافع الذي
جعلني أبادر بالمشاركة في ستار أكاديمي كان بسيطا للغاية: كان يلزمني خمسون دولارا  لإتمام ثمن ألعاب الحاسوب خاصتي.
لقد بدى كأن أي صبي في سن الثالثة أو الرابعة عشرة سيكون مهووسا الألعاب الإلكترونية. وغير حبي لها، ان لم ألعب ألعاب الكمبيوتر،
لن يكون بمقدرتي التواصل مع أصدقائي، ألن الجميع كان يلعبها، وكانت أحاديثنا برمتها عن الألعاب. حسب ما أتذكر حتى أولئك الفتية
المتفوقون ذوو العلامات الممتازة كانوا يلعبونها سرا. بالطبع، بدون استثناء، كان الراشدون يرون أن ألعاب الكمبيوتر لم تكن بالشيء
الجيد بتاتا، لقد كانت سمة مميزة يعرف بها الأطفال السيئون وعدو في وجه أي تطور في مشوارنا ومستوانا الدراسي. وبالتالي، أن آمل
يوما أنهم سيعطونني مالا لأقتنيها كان ببساطة حلما بحتا.
ذات ليلة، صادف أبي هذه المستجدة على التلفاز. عندما عدت الى المنزل بعد لعب الكرة، وبينما أنا جالس تحت الكنبة نثنا وأتصبب عرقا ،
جلس والدي أمامي بهدوء وقال: " اذهب وشارك في تصفيات ستار أكاديمي، إذا تأهلت بالمرحلة الأولى، سأعطيك خمسين دولارا، إذا
تأهلت للدور الثاني، سأعطيك مائتي دولار، أما إذا لعب الحظ لصالحك وتأهلت للمرحلة الثالثة، سأعطيك خمسمئة دولار... ياللهول،
خمس مئة! انه حقا لمبلغ هائل! عندها، لمعت عيناي، فكرت بأن الأمر ليس سيئا على أي حال، اذهب فقط لدور واحد، أداء أغنية أمر
هين، المال الذي سآخذه من ذلك سيكون كافيا لشراء معدات اللعب التي طالما حلمت بها. حسنا، سأهدف الى خمسين دولارا!
كم كنت ساذجا وبسيطا آنذاك، بعدها، قام والدي بتسجيلي بالمسابقة، أدى خمسين دولارا كتكلفة للتسجيل، ووضع في جيبي خمسين
دولارا. كنت قد أتيت ركضا لأخذ المكافأة من والدي، لكن لم يخطر ببالي أبدا أنني سأشعر بالتوتر عند اعتالاء الخشبة. ذلك اليوم قمت
بتأدية أغنية "فتاة البلدة الصغيرة" (العنوان الصيني 小镇姑娘 )بدأت :" لا أدري، لم أعجز عن ترك الأمر يمر..." حتى أني ارتجلت
حركات تناسقت مع الأغنية. كما يقال، "الخرفان المولودة حديثا لا تخشى النمور"، لذلك لم أخف، مع أني كنت متوترا بعض الشيء.
عندها كنت قد أعطيت نفسي بعض التشجيع بصمت، قم فقط بالغناء ثم اخرج بعدها، على أي حال كانت الخمسون دولارا بين يدي. عندما
انتهيت من الأداء، وبينما كانت لجنة التحكيم تناقش ما إذا كنت أستحق تذكرة عبور للدور الموالي أو شيء من هذا القبيل، دون التريث
وانتظار قرارهم، قمت بإلقاء الشكر مرتين ثم غادرت المكان. فقط السماء من تدري الى أي حد كنت متشكرا للخمسين دولارا التي
أعطاني إياها والدي!
بعدئذ قاموا بإخباري ان جميع الحكام أعطوني حق المرور. بعد الغناء بالدور الأول، قلت لوالدي: "إذا مررت من جديد، ماذا سيحدث
حينها؟ " أضاف ابي ببساطة: " يجب على المرء أن يكون وفيا لعهده الواحد، ستكون مائتا دولار". عندها قلت لنفسي، من أجل مائتي
دوالر، سأدخل حتما ضمن الستين الأوائل.
من التصفيات الأولية وحتى أفضل ستين، مررت بكل الجولات بشكل سلس للغاية، وشيئا فشيئا بدأت أتخلص من التوتر الذي كان ينتابني.
لكن بدءا من أفضل ستين وحتى أفضل أربع وعشرين، بدلا عني صارت والدتي من يصاب بالتوتر. على الرغم من ذلك كانت ثقتها كبيرة ازائي، كانت تخبر الجميع أن ابنها سيصل حتما الى النهائيات. خالال ذلك الوقت لابد أن الناس حولها ظنوا أنها مجنونة.
في ذلك الوقت كنت في الثالثة عشرة، كنت الأصغر بين المتنافسين. طيلة المنافسة، سواء تعلق الأمر بالفتيات أو الفتيان (يناديهم بإخوتي
وأخواتي)الذين شاركوا معي، أو حتى العاملين والفريق التقني للبرنامج، كان الكل يعاملني كأخ أصغر. علموني كيف أختار الأغاني،
وجهوني لطريقة الأداء المثلى، وساعدوني على تصميم الرقصات، كذلك أرشدوني الى المكان الذي يجب الوقوف فيه على المسرح، وما
يجب القيام به على الخشبة. حينها فكرت ان هذه المجموعة من الناس كانوا يتوهجون بنور يميزهم عن غيرهم، بعدها حين أصبحت أكثر
نضجا، أدركت أن ذلك كان اشعاعا انبثق من عشقهم للموسيقى.

كل مرة ذهبت فيها الى البروفات وراء الكواليس، كان اخوتي وأخواتي قد حظروا الى عين المكان مسبقا، عندما كنت أشعر أنني أوشكت
على الانتهاء أو انتهيت بالفعل من التحضيرات وكنت أود أن أنصرف، كانوا لا يزالون يتدربون بجد. عندها أصبت بالحيرة:" ألا يتعلق
الأمر سوى بحفظ الكلمات والغناء والرقص، هل من الضروري حقا بقائهم للتدريب كل هذه المدة؟" ثم وقفت بصمت جانبا، أتأملهم بينما
يغنون ويرقصون، يغيرون تصاميمهم، يعدلون أداء الجوق والمرافقة الموسيقية مرات ومرات عديدة.
كان الجو الذي يسود حينها خلف الكواليس يعم بالبهجة دوما. أحيانا حينما يقوم الآخرون بالتدريب، وبينما ننتظر من أجل الترتيبات، كانت
مجموعة من الأشخاص تجلس فورا خارجا المكان، ويقوم أحد الفتية الذي يحمل غيتارا بعزف مقطوعة مألوفة، فيقوم جميع من في
المجموعة بالغناء بسرور.
شيئا فشيئا، بدأت أجرب نوعا من هالات العاطفة والشغف الوهاجة التي كانت تصدر منهم. هذه الهالة بدأت تنتشر حولي بداية عبر
نظراتهم المشتعلة و ُهم يغنون، راحة يدي تزداد حرارة، ثم يسقي نوع من الرغبة قلبي من تلك الحرارة ذاتها، يرافقه إحساس عارم بأن
شيئا ما في صدري على وشك الانفجار. آه، أظن أن الكلمة المناسبة لوصف هذا هو الإشتعال!

الوقوف بثبات في الرابعة والعشرين:24.而立
 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن