غير خبير

798 143 8
                                    


بعد المكوث في فندق لمدة يومين، تجهزت لولوج السكن الخاص بالمتدربين (المهجع)، وكان على والدتي العودة الى البيت من جديد. في
اليوم الذي ذهبت فيه، بينما تودعني ، وفجأة
مرة أخيرة، نظرت لها غطت فمها، استدارت ثم غادرت. لقد بكت، لكنها لم تشأ أن أراها
كذلك. بينما ألمح خيالها من بعيد، كان هنالك إحساس نكد في قلبي، لكنني لم أبك.
أنا أعرف لم ذرفت أمي الدموع، ذلك لأنها دائما كانت تشعر بكونها أما عادية، دون قدرة تسمح لها بتقديم المزيد من المساعدة لي، بل
وكان عليها كذلك أن تتركني-في ذلك السن الصغير- أذهب الى كوريا لأحارب من أجل نفسي، لابد أنها شعرت بالحزن والأسف. لقد كان
الأمر فقط أنها لم تكن لتبوح بهذه الأمور بنفسها. في الحقيقة، لا أريد أمي أن تفكر بهذه الطريقة، منذ صغري، كانت دائما تهتم لأمري،
تساعدني، تأتي لاصطحابي من المطار، تأتي لترسلني من المطار، عند مشاركتي في المنافسات، تجارب الأداء، خضت كل شيء
ووالدتي بجانبي. لقد قامت بالكثير من أجلي من قبل، انني حقا محظوظ، لكوني أستطيع أخيرا فعل شيء ما بمفردي وباستقلالية.
في اليوم الموالي، حملت أمتعتي وتوجهت الى مسكن المتدربين، كان المسكن في مكان غير بعيد عن الشركة، كانت الغرفة مجموعة،
غرفتا نوم، غرفة معيشة، وغرفة معدات (غرفة الغسيل، حيث توضع مؤشرات الماء والكهرباء أو أدوات التنظيف). ولأنني قدمت متأخرا، أخلت الشركة غرفة المعدات ووضعت بها سريرا، عشت في غرفة المعدات.
قبل قدومي الى كوريا، ومن خلال الأنترنيت، علمت أن ظروف التدريب كانت مزرية ومخيفة، قيل إنه كان عليك الاستيقاظ في السادسة
صباحا من أجل التدريب، أداء تمارين التمدد حتى البكاء، التدرب حتى بزوغ الفجر، لذلك قدمت وأنا فعلا مستعد لمواجهة الصعوبات.
في اليوم الثاني بعد انتقالي، ضبطت منبهي على الساعة السادسة صباحا. لاأدري لما لم أستيقظ، أفقت متأخرا بساعة، كانت تشير الى
السابعة تماما. أصبت بالذعر عندما رأيت ساعة المنبه، كنت قد استفقت بالكامل، تنهدت " اوه لا" ودون أي خيار آخر، استدرت بسرعة
ونهضت من السرير، حاملا حقيبة ظهري، دون أن أقوم بالترتيب، حتى دون أن أغسل شعري، ارتديت سروال تدريب، أخذت سروالا
آخر في حقيبة ظهري، واندفعت نحو الشركة.
عندما وصلت كان النور بدأ لتوه يملأ السماء، كان الباب لايزال مغلقا بإحكام، لم يكن هنالك أي أحد اطلاقا. تعتمد الشركة على بصمة اليد
للدخول، حينها لم أكن قد سجلت بصمة يدي بعد، لذ لم يكن باستطاعتي الدخول من الباب. انتظرت في المدخل. مكثت أنتظر لوقت طويل،
ألقيت نظرة على الساعة، كنت قد بقيت هناك فقط جالسا لمدة ساعتين. كانت الشمس قد أشرقت حينها، فجأة ظهر شخص من قسم آخر
وتقدم أمامي، سألني من أكون، وقفت بسرعة مجيبا بأنني متدرب هناك. لم يضف أي كلمة بعدها، وذهب الى قسم الاستقبال (الريسبشن)
ليُجري اتصالا. لم يمر وقت طويل بعدها، جاءت فتاة من قسم التدريب، وسألتني لم أتيت في هذا الوقت المبكر، ثم صحبتني الى الداخل.
للحقا فقط، علمت أن حصص تدريبنا تبدأ على الساعة الواحدة بعد الظهر. أوه، لاحقا علي التقصي بشأن هذه الامور بوضوح ولا اصدق
الإشاعات التي أسمع. لقد كان ذلك أول يوم أتوجه فيه الى الشركة بمفردي، لقد كانت تجربة خاصة. عندما جلست بغباء وحدي في
الأسفل، تذكرت فجأة أغنية دافيد تاو "بحثا عن نفسي".
نعم لقد كنت بالفعل أبحث عن نفسي. كلا، ربما كان يجب أن يطلق على هذه الأغنية عنوان:" البحث بنفسي"، البحث عما كان يجب علي
فعله، البحث عن استديو الرقص، البحث عن قاعة تدريب الصوت. الأنا حينها لم يكن يدري ما يجب فعله، رأيت بيانو موضوعا في غرفة
البيانو، جلست ببساطة، وعزفت معزوفة من بين ما كنت أعرف سابقا. بعد الانتهاء من العزف، لم أدر ما يجدر بي فعله، فغنيت أغنية،
بعد الغناء لم أجد ما أفعل، فذهبت للرقص، بعد الانتهاء من الرقص، عدت الى غرفة البيانو للعزف من جديد... بعد امضاء ثالث أو أربع
ساعات على هذا الحال، بدأ الناس يأتون شيئا فشيئا.
من الواحدة الى الثانية ظهرا، لأنني كنت لا زلت لا أدري ما الذي يجدر بي فعله، جلست فقط جانبا ألاحظ الآخرين وهم يقومون
بتدريباتهم. بينما كنت أتجول في غرف التدريب التحت أرضية، لمحت شخصا يتدرب على الرقص في القاعة، كانت فتاة. فتحت الباب
وسمحت لنفسي بالدخول، لاحظت أنها كانت تقوم بحركات التمدد، فقلدتها، وفعلت مثلما كانت تفعل، لأتعلم حركاتها. مرونة جسمي لا يمكن مقارنتها بمرونة جسم فتاة، لذا استمررت في تعلم حركات أن أفعل، وكيف كان يجب أن أتمدد.

بينما كنت أقوم بتمارين التمدد، ضحكت الفتاة، أستطيع أن أجزم أنها لم تكن تسخر مني، لقد كانت فقط تجد الأمر مضحكا للغاية. كنت
أتساءل: هل كانت تضحك لأنني لم أعرف كيف أتمدد بشكل صحيح؟ لكن لم يكن الأمر يبدو كذلك.... لاحقا فقط علمت ما كان يجري،
يجب على غرف البيانو وغرف تدريب الرقص بالشركة أن يتم حجزها مسبقا، لم يكن مسموحا لأي كان أن يحتل المكان اأنه قدم أولا
كذلك لا يمكن للفتيات والفتيان التدرب في مكان واحد. وإذا أراد البعض أن يتدربوا معا، فلا يمكن لإلناث أن يتدربن سوى مع الاناث،
وللذكور أن يتدربوا فقط مع الذكور.
تبدوا البيئة الأجنبية دائما ضخمة وممتدة، وأي ذرة من الغبار ستجعلك تتعثر بها .

الوقوف بثبات في الرابعة والعشرين:24.而立
 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن