تعب

8.7K 448 108
                                    

- لقد قضيتُم عليها، قضيتُم عليها!
تمتم أيمن قبل ان يسقُطُ مغشيًا عليه من هول الصدمة فسارع ابناء اخيه بحمله وطلب الطبيب بينما بقي أوس شارِدًا لثوانٍ قبل ان يهمِسُ بجنون:
- يا إلهي!

شعر برغبةٍ بلكم احدِهم الى الموت ولم يكُن امامهُ سوى كِنان، المُذنِب الأوّل والمُسبّب الأساسيّ لكُلّ ما يحدُث من حياتهم من دمار؛ فلو لم يكُن يُحبّها كما يدّعي لما ادخلها حياته لتواجه كُلّ هذه الآلام.
شهقت ليليان برُعب عندما وجّه أوس لكماته على وجه كنان الذي بدى مُستسلِمًا راغِبًا بالضرب أكثر فأكثر علّهُ يُزيل ألم قلبه في تلك اللحظة.

لم يستطِع أحدٌ إيقاف اوس الذي أخذ يصرُخُ بقهر وقد تحوّل صُراخهُ الى بُكاءٍ عالٍ راثِيًا موت روحه من العذاب؛ فمن يرقُد كسير الظهر بداخل تلك الغُرفة ليس سوى أُمّه، أُخته، وابنته، تلك المرأة التي وهبتهُ حياتها وحُبّها وكأنّهُ خرج من اعماقها.

سقطت دموع كنان وهو يتراجعُ بوجهه المكدوم للجِهة الأُخرى غير قادِرٍ على تحمُّل رؤية أوس الذي سقط أرضًا وهو ينتحِبُ كطِفل صغير، وتجمّد الدمعُ على حافّة عينيّ كاميليا التي ما ان حاولت الإقتراب من اخيها حتّى وجدت جوان تهرعُ إليه لتحتضِنهُ بقوّة وههُما يبكيان بأسى وادركت حينها ان الأمل الوحيد بقُربها من اخويها قد مات الى الأبد بفعلة كريم الشنيعة.

بالداخل كانت ريفال تنامُ براحةٍ في عالمٍ آخر أبعد عنها آلامها المُبرِحة تارِكًا من روحها ساحةً من الهدوء والسكينة.
- ريفال! صغيرتي!
داعب الصوتُ الرقيقُ مسامِعها ليخفِق قلبها بحنينٍ موجع ويترّددُ صدى صوتها الملهوف قائلًا:
- أُمّي!

- غدوت رائعة الجمال يا بُنيّتي، لقد فُقتِ القمر روعةً، آهٍ كم إشتقتُ إليكِ يا ابنة أبيكِ.
أغرق الدمعُ وجنتيها وهي تهمِسُ بعذاب:
- أُمّي!
- نعم يا قلب أُمّكِ.
إزداد الصوت حنوًّا لتشهق باكية بتعب:

- مُنهكةٌ انا يا أُمي، أرغبُ بالراحة فلم يعُد بي قُدرةٌ على الإحتمال، روحي تحتضرُ من فرط الجروح.
شعرت بيدان تمسحان على وجهها ولكنّها لم تستطِع فتح عيناها
- لا تجزعي طفلتي، لا تجزعي.
مع تردُّد صوت والدتها شعرت بلمسةٍ رقيقةٍ تتحسّسُ معِدتها فإزدادت دموعها وهمسها الوِجُلٌ يخرُجُ من بين شفتيها دون ان تعي:
- كنان!

كتم كِنان زفير ألمه وهو يلثُمُ عيناها الدامِعتان هامِسًا بضياع:
- نعم يا ابنتي!
شهقت مُستفيقةً من هذيانها وعيناها تتسِعُ بفزعٍ ترجمتهُ انفاسها المُتعالية التي إزدادت قلقًا برؤية كنان بذلك القرب الشديد وعلى وجهه دماءٌ وكدمات حديثة فوضعت يدها بتلقائيةٍ على معِدتها لتجِد انّها تلمِسُ كفّهُ الموضوع هُناك، سقطت دموعها بإنهاكٍ عندما قال بحدّة:

- لن أسمح لطفلنا بأن يتأذّى، لن يموت ما دُمتُ حيًّا.
جفّت مآقيها قارِئةً بعيناهُ حقيقة تأذّي جنينها، زمت شفتيها بشدّة كابِحة صرخات ألمها وحاولت الجلوس الّا انّه إقترب مُعيدًا إياها الى الفِراش قائلًا بقلق:
- لا تتحرّكي؛ فظهركِ مُتضرّرٌ من السقوط وقد تؤذي الطفل بأيّ لحظة.

سُكّر غامِقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن