نيران الانتقام

11.4K 579 281
                                    

فغر فمه بصدمة وطوفانٌ هادِرٌ يجتاح كُلّ خليّة من جسده فهمس بتساؤلٍ خافِت
- ماذا ؟!
تلمّست ريفال كُتلة الشعر الكثيف بنعومة قبل ان تزفِر انفاساً مُرتجِفة وتهمِس بفظاظة بالرغم مِن إحراجها
- هل تُريد ان تتزوّجني ام لا لأنني لا املِكُ وقتاً اُهدِرهُ بأحاديث فارِغة .

افلت من بين شفتيه تأوّهاً خشِناً مُرهَقاً و قلبه يقرعُ طبول الإنتِصار بعد اعوام من الهزيمة فأجاب بهمسٍ حاد
- بلى ، اُريدُكِ زوجتي مُنذ اعوام طويلة .. منذ عِناق وقُبلة بريئة بيوم ميلادكِ الرابع عشر .. اتذكُريه ؟
اغمض عينيه مُتلذِذاً بذكرى تنهشُ اعماقهُ بحنين حارِق .

ذلك اليوم انهى عمله باكِراً و ذهب على اجنحة اللهفة ليراها وهي تكبُرُ يوماً آخر يجعلها تتسرّبُ اليه اكثر من ذي قبل . فقبل اربعة عشر عاماً من اليوم جائت هديتهُ الى الارض كقطعة حلوى مُغلّفة خصيصاً لهُ .. دلف الى منزِلها بعد ان فتحت اليه والدتها الباب ، كانت إمرأة صغيرة السن تبدوا في منتصف العشرينات مع انها في بداية عقدِها الثالِث ، إستقبلتهُ بإبتِسامتها البشوشة ليدلِف للصالة البسيطة المُزيّنة بخيوط ملوّنة و بالونات كثيرة بينما تجلِس هي على الاريكة الرمادية تعقِدُ ذراعيها حول صدرها تتأفّف بتذمُّر قبل ان ترفع عيناها اليه لتزاد امارات الإمتِعاض على ملامِحها الغضّة ليبتسِم بصمت وقد تعوّد على كُرهها لهُ فدارت عيناهُ بتمعُن على مظهرها .

إرتدت فستان اسود لامِع بحمّلات صغيرة تُبرِز حبّات النمش الذهبيّة المُنتثِرة على كتِفيها الصغيرين وقد تركت شعرها الكثيف متموّجاً حول وجهها ذو القسمات الحادّة فبدت طفلة غريبة الاطوار بهالة الغموض التي تحفّها .. رمقتها والدتها هامِسة بتحذير
- ألن تُسلّمي على ابن عمّك
رمقتهُ شذراً بطرف عينها قبل ان تزفِر بضيق وتقول
- مرحباً .

مرّ الوقت سريعاً الى ان اطفأت شموع قالب الحلوى الذي صنعتهُ والدتها وبعد ان تلقّت هداياها من الجميع جاء دور كِنان الذي مدّ اليها عُلبة مُغلّفة متوسِطة الحجم وهمس بإبتِسامة
- إيّاكِ ان ترتديها خارِج اسوار غُرفتكِ .
لوت فمها الزهري بملل قبل ان تفتح العُلبة بلا حماس فيُخرِج الكاميرا الخاصّة به ليُصوّر ردّة فعلها .. إتسعت عيناها بشدّة لتبدوا كشخصيّات الافلام الكرتونيّة بينما تورّد خدّيها بإنفِعال واخرجت الخلاخيل الذهبيّة الجميلة لتتحسسها بسعادة وقد تأكد انها احبّت هديته فهي تتذمّر منذ زمن طالِبة من والدتها ان تبتاع لها خلاخيل للرقص فهي تُحبّ الانغام الشرقيّة كثيراً ووالدتها ذات الاصول البدويّة لها الكثير من الخلاخيل ولكنّها لا تسمح لها بإرتِدائها .

ولأنهُ احبّ رؤية السعادة على ملامِحها الجافّة آثر ان يُهديها شيئاً مُميزاً فلم يجد اكثر جمالاً من تلك الخلاخيل .
قفزت مُتشبّثةً بعِناقه - لأوّل مرّة منذ ان رآها - هاتِفة بصوتٍ مُتحشرِجٍ من فرط التأثُر
- انا اُحِبُّكَ كثيراً .. جِدّاً جِدّاً .. انتَ افضل ابن عمّ بالكون .

سُكّر غامِقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن