النهاية (عبق الماضي)

16.2K 705 696
                                    

- جدّي، أتُحبُّني لأنني على اسم جدّتي أم لأنّني حفيدتكَ المُفضّلة؟!
وضعت عِطر رأسها على كتِف جدّها الذي احتضنها قائلًا بحنان:
- رُبّما احببتُكِ أكثر لأنّكِ ابنة ريفال.
- هذا يعني أنكَ تُحِبُّ أُمّي أكثر منّي.
همست بشقاوة ليُقهقه مُقبّلًا وجنتيها بقوّةٍ وقال:
- هذا سؤال صعب قليلًا، لا توقِعيني بينكِ وبين ريفال، هيا لنعود الى المنزل قبل ان تلسع الشمسُ وجهكِ الصافي.

غمرتهُ بعناقٍ صادِقٍ يُعيدهُ للحياة وكأنّها محبوبته القديمة، وهمِست بنبرةٍ تميلُ الى الحُزن:
- جدّي، أنا اُحِبُّكَ للغاية، هل تعدني ان تبقى بجانِبي الى الأبد؟
- ليتني استطيعُ يا صغيرتي، لقد كبِرتُ يا قلب جدّكِ وبعد فترةٍ قصيرة سألحقُ بجدّتكِ، لقد بقيت وحدها كثيرًا.
قال مُربّتًا على شعرِها الذي تنعكِسُ عليه شمس الصيف فتعكِسُ ألوانه المُتدرّجة بين الاشقر والعسليّ لتقول برفض وعيناها الواسِعة تمتلِئُ بالدموع:
- لا تقُل هذا الحديث، لن آتي معكَ لزيارة جدّتي مرّةً اُخرى، هيّا بِنا.

ساعدتهُ على النهوض من جانب قبر جدّتِها وأمسكت بكفّه بقوّة ليسيرا باتِجاه السيّارة التي تنتظِرهُما راغِبة بإنهاء الحوار لكي لا تُفكّر بأنّ جدّها الذي اغدقها بحنانه بات رجُلًا عجوزًا قد تنتهي حياته بأيّ لحظة، جلست بجانبه على المقعد الخلفيّ وعادت لحُضنه هامِسةً بتسلُّط:
- انا سأتزوّج، وسأُنجِبُ الكثير من الأطفال وانتَ وحدكَ من ستُربّيهم.

تغضّنت عيناهُ بابتِسامةٍ حنونة وأسرّ اُمنيةً واحِدة، ان يرى حفيدتهُ الصغيرة بمنزِل زوجِها وبعدها يُمكِنهُ الموت براحة، فقد أخذ من الحياة أكثر مما تمنّى؛ تصالُحه مع أوس وريفال مهّد الطريق لشعوره بطعم الحياةِ من جديد، واطمِئنانه على بناته مع رجالٍ يُقدرونهُنّ أزاح همًّا عظيمًا على عاتِقه.

فقد تزوّجت غصون بأحد زُملاء ليليان بالعمل واستقرّت بمنزِلها القابِع بوسط المدينة برفقة زوجِها واطفالِها بينما غادرت كادي خارِج البِلاد عقِب زواجها قبل خمسةِ أعوام ولم تأتي منذُ ذلك الوقت للبِلاد نظرًا لارتِباطها وزوجِها باعمالٍ دُبلوماسيّة، فأخذ هو يزورها كُلّ عام للاطمِئنان عليها، وقد أهدته الحياة الكثير من الأحفاد، وهذا وحده يكفيه للموت براحة.

.
.

تُرسِلُ أشِعة الشمس الذهبيّة خيوطها على الأرض الحزينة لتمنحها فُرصةً للسعادة وتتلمّسُ بشغبٍ الأجساد النائمة راغِبةً ببدء يومٍ جديد قد يحملُ هديّةً من فرح او اختبارًا للصبر، وبقصر الملوك الذي ظلّ صامِدًا امام الزمن ببسالة بدأت الحركة تدُبُّ هُنا وهُناك، تذمُّر، وضحِك، وبكاء، والعديد من الأطفال.

دلفت كاميليا الى غُرفتها لتجِد أدهم لا زال غارِقًا بالنوم، وضعت ابنتها بجانب أبيها واتجهت لإزاحة ستائر الغُرفة سامِحة للشمس بالتكفُّل بإيقاظ زوجها الكسول، شرعت الصغيرةُ ذات العامين بوضع اصابِعها الصغيرةُ على عيني والدها الذي همس بانزِعاج:
- ابعدي يداكِ عني يا فينوس، ألا أستطيعُ النوم بيوم إجازتي؟! كراميل خُذي ابنتكِ واغرُبا عن وجهي.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 11 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

سُكّر غامِقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن