شهقت بعذابٍ وهي تفتحُ عيناها على وِسعهُما غير مُصدّقةٍ انّ كريم قد سمِع كلِماتها ومع أولى مُحاولاتها للهروب وجدت كفّاهُ يسحبانها بقوّة لدفئ ذراعيه مُكبّلةً مُقاومتها لتبكِ بالم الشوق والخوفِ والخِذلان، اما مرارةَ الخبر السعيد فقد مرّت كعُلقُمٍ قميئ الطعم.- إخبِريني انّكِ تحمِلين طفلنا، لا تكذبي فمثلكِ لا يعرِفُ الكذِب، انتِ فعلًا تحمِلين طفلًا صغيرًا كجواد؟!
صرخت بشوقٍ الأسابيع الماضيةِ هاتِفةً بجنون وهي تضرِبُ ظهره بقوّتها الهزيلة:
- لماذا الآن بعد هذا الألم، لماذا لا احمِلُ طفلك سوى بعد أن كرِهتُك، لماذا يا إلهي هذا العذاب؟!.لو أنّ الكلِمات تقتُلُ لأسالت دمه بنِصال كلِماتها.
- أنتِ لا تستطِيعين كُرهي، إنّني كريم، حبيبكِ الاوّلُ والأخير، لا يُمكِنكِ قتلي بهذه الطريقة.
همس بألمٍ لتُقاطِعهُ بخفوتٍ مُنهك:
- أولم تفعل أنت، لقد تركتني مُدرِكًا انّ لا أحدَ لي سواكَ بهذا الكون، إخترت المال بدلًا عن حُبّي لك، أثبتّ لي انّ الرِجالَ قد يتحوّلون بين ليلةٍ وضُحاها لاشباحًا تقتُلُ بِلا رحمة، مِثلكَ تمامًا.ابعدها عن عناقه ليأخُذ وجهها بين كفّية قائلًا بجنون:
- هانذا امامكِ، أتذكُرين عيناي، تلك التي أحبّتكِ دائمًا ألا تشتاقين إليها.
نظرت لعينيه السوداء ذات البريق الصادِق رُغم الخراب فأغمضت حدقتيها غير مُصدّقةٍ لكذبةٍ أُخرى قد تنتزِعُ روحها من جديد، هتفت مُحارِبةً قلبها الأحمق المُشتاق:
- لقد إشتقتُ لحبيبي ولكنّهُ مات، منذُ الليلةِ الأولى التي قضيتها بدونه أدركتُ انّهُ لن يعود.سقطت دموعهُ بقهرٍ ليعتصر الألمُ قلبها من جديد وكأنها تمشي على جمرٍ مُتّقِد وعندما أبتعد عنها تهشّمت روحها بقسوةٍ وهو يلتفتُ ماسِحًا وجهه لتتراجع بصدمةٍ غير قادِرةٍ على تحمُّل رؤيته مُنكسِرًا بسببها، وقبل خروجها تناهى اليها صوته المُتحشرِج هامِسةً بنبرةٍ غامِضة:
- اعتني بطفلكِ جيّدًا واخبريه انّ ابيه يُحبّهُ للغاية، فقد لا نلتقي.كتمت نحيبها بكفّيها وطعم الألمِ يغزوا حلقها لتركُض مُختبِئةً من أشباخ الخوف والعذاب اما كريم فقد ظلّ صامِتًا شارِدًا بتفكيرٍ عميق الى ان إلتقط هاتفه ليُصِدر أومرًِا قاطعة قائلًا:
- لا تُدخِلوا الحبوب باجهِزة أكبر الإلكترونيّة، لقد ألقيتُ الصفقة وسأُعيدُ إليكُم الأموال التي دفعتوها.صمت مُستمِعًا لثورة المُتحدّث الآخر ليُضيف بنبرةٍ باتِرة:
- إفعل ما يحلوا لك، لا تُهمُّني تهديداتك.
اغلق هاتفه بعد عِدّة إتِصالات ونظر لفضاء الغُرفةِ الطفوليّةِ هامِسًا بإبتِسامةٍ حزينة:
- الى اللقاء يا حُلُمي الجميل..
.حمِلت نسماتُ الصباح عبق سعادةٍ تلوحُ في الأُفُق وقد دبّت الحركة في جنبات القصر استِعدادًا لحفل المساء الذي سيُقام بالصالة المُغلقة المُطِلّة على الحديقة نظرًا لبرودة الأجواء.
وتحت إشراف جُلنار بدأ فريقُ التنظيم بتزيينها بأفخر أنواع الورود البيضاء المُتناسِقة مع اللون الأزرق الطاغي على مفارِش الطاوِلات المُخرّمة وتمّ تغيير الثريا المُعلّقة بأُخرى اكثر روعةً للنظر إضافةً للشموع التي أضفت رونقًا جذابًا زاد من دفئ المكان.
أنت تقرأ
سُكّر غامِق
Romanceذات العينان الغائمتان تحمِلُ قلباً نقيّاً بروحٍ مُشوّهة وقد ظنّت انّ الحُبّ ابعدُ ما يكون عن قلبها المُرتعِد ولسذاجة ذاك القلب الحزين لم يجِد سوى طريق الالم المُعبّد بأشواك الماضي ليمشي فيه حافياً من كُلّ كُره و حقد .. هل سيستطيعُ القلب المعطوب الس...