بعض الحرمان.. كثير من الحزن.. بعض الفراق.. وكثير جداً من البكاء.. قليل من لحظات السعادة.. وكثير جداً جداً جداً من الألم.. إنها الوصفة السحرية لأي قصة حب مستحيلة.. لأي قصة عشق خيالية تدور أحداثها فقط في قلوب العشاق والمحبيين.."..
كانت تلك بعض من خواطر خطها حسن بعد انتهاء حفلة خطبته وآوى أخيراً إلى عزلة حجرته.. إلا أن هاتفه ما لبث أن دق مراراً وتكراراً مظهراً على الشاشة اسم نيرة.. ولكنه يتجاهله.. ففي كل مرة يسمع رنينه يرفعه بلهفة عاشق لسماع صوت محبوبته, ولكن في كل مرة يصدمه الواقع باسم نيرة..
فقرر تجاهل الهاتف واستمر في كتابه أفكاره وخواطره.. عله يصدر بعض من الحزن الذي يعصف به إلى الورق..
أخرجه من اندماجه صوت طرقات على باب حجرته وما لبث أن دلف مازن إلى الغرفة وهو يصيح بدهشة بعدما رأى حسن جالساً على مكتبه:
ـ حسن!!.. أنت لسه صاحي!
رمقه حسن بسخرية:
ـ لا.. نمت!.. أنت شايف إيه؟!
هز مازن رأسه بأسى:
ـ أنت لسه برضوه لابس قناع السخرية دا؟
ـ ما تشغلش دماغك بيا.. كنت عاوز حاجة؟..
خبط مازن يده على رأسه:
ـ آآخ.. كنت هنسى!
ثم دفع إليه هاتفه قائلاً:
ـ نيرة بتحاول تتصل بيك بقى لها مدة.. يظهر إن تليفونك فاصل شحن.
أمسك حسن هاتف مازن في يده للحظات قبل أن يرفعه إلى أذنه:
ـ مساء الخير يا نيرة..
انطلق صوتها مرتفعاً من الجهة الأخرى:
ـ حسن.. أنت فين؟ ليه مش بترد عليا؟.. أنت كنت بتعمل إيه؟
وصل صوتها المرتفع إلى مازن الذي استأذن ليخرج من الغرفة وهو يغلق الباب خلفه بهدوء, ويخفي وجهه الذي ارتسمت عليه أقسى معالم المعاناة والألم.. بينما زفر حسن بحنق:
ـ نيرة.. أنتِ عارفة الساعة كام دلوقتِ؟.. ازاي تتصلي على تليفون مازن في وقت زي ده؟ الساعة عدت واحدة؟
سألته بلهفة:
ـ أنت بتغير عليّ يا حبيبي؟
أجابها بهدوء:
ـ أغير إيه وبتاع ايه!.. هغير من أخويا!!.. أنا بتكلم عن الأصول.
كادت أن تصرح له بعشق مازن لها.. عشقه المرتسم في نظراته.. في مراقبته لها.. في صوته.. في كل تصرفاته نحوها... ولكنها عنيدة لا تريد إلا صعب المنال.. حسن.. فلم يخلق بعد من يرفض نيرة غيث.. كانت بالفعل على وشك إبلاغه بذلك العشق, الذي لا تعلم كيف لم يتعرف عليه ولكنها تراجعت.. إنها لم تمتلكه بعد.. لا تملك السيطرة الكافية عليه حتى تحاول استخدام مازن كورقة رابحة.. لم يحن الوقت بعد..