الفصل السابع والعشرون
حلم جميل طاردته منذ لاح..
بعت لأجلك كل نفيس وتحديت المحال..
وتخطيت لعيونك الخطوب والصعاب..
ونسفت لوصلك التقاليد والأعراف..
وسكبت دمعي ودموعي لكِ كل صباح..
وقدمت حبي وحياتي وكل مباح..
وتغاضيت عن كثير وسكبت السماح..
وللأسف لم تكونى إلا وهماً وسراب..
طاووساً جميلاً وفي داخله غراب نواح..
أبكي على قلبي المحطم تذروه الرياح..خاطرة الفصل بقلم:
إيمان حسن
"همسات حالمة"
ارتمت نيرة على المقعد العريض بالغرفة ترمق مكان اختفاء مازن بذهول وقد تجمدت دموعها وذلك الهاجس المميت يخبرها أن مازن لم يخرج فقط من البيت, بل من حياتها بأكملها.. ستفقده مثلما فقدت كل ما هو مهم في حياتها.. وآخرهم طفلها..
أغمضت عينيها لتسمح للعبرات المحبوسة بالهبوط على وجنتيها.. فيبدو أنها لا تمتلك موهبة الاحتفاظ بأحبائها.. بداية بأمها.. ومروراً بأبيها ثم حسن.. وآخرهم مازن.. مازن الذي ابتذلت حبه لها.. وأفقدته معناه وقيمته.. وأخيراً نحرته عندما فكرت في التخلص من طفلهما..
حسناً.. لم يكن الأمر مجرد تفكير.. فهي خططت واتخذت خطوات بالفعل.. ولكنها عجزت عن التنفيذ.. لم تظن يوماً أنها تمتلك ما يسمى بعاطفة الأمومة, لذا كان قرارها حاسماً بالتخلص من طفل استقر في رحمها عن طريق الخطأ.. طفل لا تريده ولم تسعى له, بل وجوده سيزيد من تعقيد الموقف فإذا ما ماتت منى وقرر حسن العودة.. لا يجب أن يعود ليراها منتفخة بطفل رجل آخر.. طفل لا تريده في المقام الأول.. أو هذا ما كانت تظنه حتى تمددت على سرير الكشف أمام ذلك الطبيب الكريه..
لم تعرف كيف تردد بداخلها صوت نبضات صغيرها أو لعلها نبضات رعبها هي.. أو ربما هو صوت مازن تتخيله يدوي..
"هتقتلي ابننا يا نيرة؟.. هتقتلي ابننا؟"..
كان صوته يزلزل أعماقها.. وكأنه حقيقة.. عيناه احتلت المشهد تماماً حتى اختفى الطبيب ومساعدته خلف تعبيراتهما الحزينة اللائمة... وكلمة "ابننا" تتخيلها تدوي في الغرفة بأكملها.. ولم تدرك ما حدث بالفعل.. لكنها وجدت نفسها تلهث راكضة وهي تحاول الهروب من أمام الطبيب, بل أنها لم تنتظر المصعد واندفعت تركض على درجات السلم لتجد جسدها يطير في الهواء لينخفض زاحفاً متدحرجاً على سلم المبنى..
لم تشعر بآلام السقوط.. ولم تلتفت لوجع جسدها وكدماته فقط سيطر على عقلها شعورها بالسائل الدافئ يتسرب بين ساقيها لتدرك أنها لم تعد بحاجة لخدمات الطبيب.. وبالتأكيد لا داعي للقلق من وجود طفل لا ترغب به.. فالطفل نفسه أبى الاستمرار برحمها.. ولكن ما عليها القلق بشأنه بالفعل.. هو رد فعل مازن.. وهل سيصدق ما حدث؟.. هل سيسامحها؟..
أفاقها من شرودها صوت أنيسة وهي تطرق الباب المفتوح بالفعل وتسألها بتردد:
ـ مدام نيرة.. أحضر الغدا دلوقتِ.. ولا هننتظر مازن بيه؟..