الفصل السابع عشر
اضجع مازن في فراشه واضعاً ذراعه تحت رأسه ورفع هاتفه بيده الأخرى وأخذ يعبث به للحظات حتى ظهر اسم حسن على الشاشة.. أخذ يتأمل رقم شقيقه للحظات.. رقم يحفظه عن ظهر قلب إلا أن استخدامه له أصبح نادراً.. توترت علاقته بشقيقه في الفترة الأخيرة لا ينكر هذا.. يكتفيان باتصالات أصبحت رسمية وروتينية..
الغيرة شعور بشع.. ولا يملك إلا أن يعانيه بصمت.. صمت أجبره عليه شعور مميت بالخجل.. والآن تحول الخجل إلى خزي مؤلم.. كيف يواجه شقيقه وقد حولته نيرة مرتين لخنجر تنحره به؟!!..
والليلة.. الليلة تأكد من أنها مازالت تحمل له مشاعر.. حتى ولو كانت كراهية إلا أنها تظل مشاعر.. فهي لم تأبه بحفل زفافها أو الفضيحة التي افتعلتها مقابل أن تؤلمه.. وهذا لا يصدر إلا عن عاشقة ناقمة.. وهو ما لن يستطيع نسيانه أو غفرانه بسهولة...
عبث بهاتفه قليلاً.. ورفعه إلى أذنه.. ولم ينتظر طويلاً حتى وصله صوت يزيد مجلجلاً:
ـ يخرب بيت عقلك.. إيه اللي بيخليك تتصل دلوقتِ!.. عايز تعليمات ولا شرح؟!!.. أومال بتعمل إيه مع دنيا بقى لك سنة وزيادة!!
هتف به مازن بحنق:
ـ لِم نفسك يا يزيد.. أنا مش ناقصك!
ـ واضح.. إيه اللي حصل؟. دنيا طربقتها على دماغك.. ولا..
قاطعه مازن:
ـ أنت مش ناوي تسكت وتلم الدور!
ـ حصل إيه يا مازن؟
تنهد مازن وقص كل ما حدث في حفل الزفاف على يزيد الذي صمت للحظات قبل يستفسر يزيد بذهول:
ـ وحسن فعلاً قرر أنه يشتغل نقاش؟
ـ أيوه.. قرر وصمم كمان.. رافض أي مساعدة مننا.. وكمان مش عايزني أبلغ جدتي.. دماغه ناشفة..
أجابه يزيد:
ـ عايز يحقق هدف معين.. ربنا معاه..
خيم الصمت عليهما لفترة قبل أن يعاود يزيد السؤال:
ـ وموقف والدك.. سكت وهو شايف اللي بيحصل؟..
هز مازن رأسه بحيرة:
ـ مش عارف يا يزيد.. في لحظة حسيت أنه هيتدخل ويوقف المهزلة دي.. وبعدين اختفى.. مش عارف..
كانت الجملة الحائرة الأخيرة تطالب يزيد بحل.. أي حل.. فقال بحزم لا يتعامل به كثيراً:
ـ روح لأخوك يا مازن.. الزيارة اتأخرت..
زفر مازن بحزن:
ـ عارف..
عاد يزيد يردد:
ـ مش هينفع تتأخر عن كده.. وحاول معاه في موضوع النقاشة دي..
ـ هروح له بكره..
ـ سلم لي عليه..
خيم الصمت عليهما.. فسأله يزيد بسخرية: