الفصل الثاني و الثلاثون

26.9K 395 28
                                    

الفصل الثاني والثلاثون

تمسك يزيد بكلتا يديه بمقود السيارة بغضب مكبوت محاولاً عدم الالتفات إلى ثرثرة ريناد الجالسة بجواره والتي تعبر عن امتعاضها من الطبيب المختص الذي تركا عيادته للتو برفقة ابنهما رامي..

ثرثرتها لا تنتهي حول الطبيب وعدم كفائته وقلة ذوقه.. بالطبع فعلياء هي من اقترحته.. لذا يجب أن يكون عديم الكفاءة.. بينما الرجل كان في قمة الاحترافية وهو يفحص رامي بدقة شديدة.. وبعد عدة أسئلة لم تمتلك ريناد أي اجابة عنها, فكان يزيد يجيب بدلاً منها.. موضحاً كيف ومتى اكتشف المشكلة التي يعاني منها الطفل.. صمت الطبيب عاجزاً عن التعبير عما يجول بخاطره عندما علم بأن زوجة الأب هي من اكتشفت علة الصغير.. وأخيراً طلب منهما عدة تحاليل وفحوصات وراثية نظراً لوجود صلة قرابة وثيقة بينهما, فقد اتجهت ظنون الرجل لوجود خللاً وراثياً سبب ضعف السمع الشديد الذي يعاني منه ابنه.. واقترح بداية استخدام جهازاً سمعياً مؤقتاً حتى يتبين مدى الضعف الذي يعاني منه الصغير..

نعم.. فالحمد والشكر لله.. والفضل كان لعلياء في اكتشاف الحالة في وقت مبكر نسبياً..

"وإن كان من الممكن الاكتشاف في وقتِ بدري شوية"..

 كانت تلك كلمات الطبيب.. والتي أكسبته عدواة ريناد على الفور.. فكلماته تتضمن اتهاماً ضمنياً لها بالاهمال.. وهو ما كان موقن منه الطبيب.. وظهر جلياً من طريقته الجافة في الاجابة عن أسئلتها السخيفة والتي كان أعظمها سخافة سؤالها عن جهاز السمع ومدى توافره بألوان راقية وأحجام لا تجعله مرئياً حتى لا تلمحه صديقاتها.. ولكن تلك السخافة لم تعادل قسوة سؤالها عن وجود مؤسسات متخصصة لاستقبال حالات كحالة رامي.. لحظتها بدا الطبيب على وشك القائها خارج مكتبه بينما تكورت قبضة يزيد بالفعل وكانت معجزة بحق أنه لم يلكمها في وجهها.. كما يستحق كائن أناني مثلها..

زاد من ضغط يديه على المقود حتى ابيضت سلميات أصابعه وثرثرتها تضرب أذنيه بقسوة مطالبة اياه بالبحث عن طبيب آخر أكثر تهذيباً وأكثر قدرة على التعامل مع من هم في مركزها..

ـ احنا لازم نفكر كويس في خطوتنا الجاية.. وهنتصرف ازاي مع رامي و..

قطع كلماتها توقف السيارة المفاجئ أمام الفيلا ليصطدم رأسها بالزجاج الأمامي وتصرخ غاضبة:

ـ يزيد!.. أنت اتجننت!!..

لم يجبها بينما التفتت إلى الخلف ليطمئن على رامي فوجده مازال نائمًا.. يبدو أن فحوصات الطبيب قد سببت له الاجهاد.. داعب وجنته بحنان وقد مرت بعقله فكرة استساغتها نفسه سريعاً فاتخذ قراراً فورياً وترجمه بكلمات قليلة ألقاها نحو ريناد:

ـ ريناد.. أنا هاخد رامي يلعب مع أخواته شوية..

زمجرت غاضبة:

متاهة مشاعر ( للكاتبة نهى طلبة مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن