الفصل السابع

31.5K 442 3
                                    

الفصل السابع

دوي صوت ريناد في الهاتف وهي تصرخ مذهولة:

ـ أسبوعين!!.. أسبوعين إيه يا يزيد؟.. مش ممكن طبعاً ألحق أخلص أي حاجة في أسبوعين, مش أقل من ست شهور..

هتف بدوره بغضب يتزايد بداخله:

ـ إيه!!.. ست شهور!!.. احنا مخطوبين من سنة ونص.. سنة ونص تبديل وتغيير في كل ركن في البيت وياريت في الآخر بترضي عنه.. خلاص.. احنا نتجوز وابقي اعملي التباديل والتوافيق براحتك واحنا متجوزين..

سألته ريناد بهدوء وقد استشعرت غضبه:

ـ هو في إيه يا يزيد؟.. احنا كنا لسه مع بعض امبارح .. الكلام ده جديد عليّ..

سألها يزيد والغضب مازال يلون صوته:

ـ أنا مش فاهم إيه اللي يزعلك في أننا نعجل من جوازنا؟..

أجابته بنزق:

ـ وإيه اللي جد عشان العجلة دي كلها؟..

ضرب سطح مكتبه بقبضة يده.. حتى شعر أنه على وشك تحطيمها..

ماذا يستطيع أن يخبرها؟.. أنه كان على وشك خيانتها.. ليس مرة, بل اثنتين.. هذا على أرض الواقع.. أما عدد مرات خيانته لها في خياله فهي لا تحصى.. ففراشته الراقصة لم تبرح خياله منذ قبلتهما في غرفته ليلة الحفلة.. يراقصها ويحتضنها.. ويقبلها كما تستحق وكما يشتهي هو.. فلم يتذوق ملوحة دموعها بأحلامه, بل شهد شفتيها الذي لا يكتفي منه.. كل تلك الخيالات انفجرت بوجهه لحظة أن لامست شفتيه وجنتها.. فلم يدري بنفسه إلا وهو يضمها.. يقبلها.. يتذوقها.. وقد اعتلت دمعته جيدها.. وما يثير جنونه.. ويأجج مشاعره.. أنها لا ترفضه.. لا تبعده أو تقاومه, بل تذوب بين أحضانه.. تستسلم له في خضوع عاشقة وكأنها ولدت لتحيا بين ذراعيه..

 لم لا تشعر ريناد به؟.. باحتياجه لها ولحبها.. لتواجدها بجواره.. يريدها أن تنقذه من خيالاته.. من أوهامه حول علياء..

نعم..

أنها خيالات وأوهام.. فوران هرمونات ورغبات جسد..

بالطبع ذلك ما يشعر به.. يجب أن يكون كذلك.. لا يهم ما شعر به منذ قليل وكلمات والده تخترق أذنيه كالخناجر السامة... كالأحجار المسننة التي تمزق تماسكه الهش وهو يلمحها تغطي بيدها فوق قبلته.. ووالده مستمر في تعداد مزايا كل زوج محتمل من الذين فتنوا بالفراشة الأثيرة..

هرب من سماع كلمات والده وخرج مندفعاً من الغرفة قبل أن يخونه تماسكه ويصرخ به.. أن ولده خان أمانة اليتيمة المعلقة بأعناقهما.. أراده أن يمتنع عن ذكر كل اولئك الرجال الذين يرغبونها.. فذلك يزيد من تأجج رغبته بها.. ويضيف إلى جنونه جنون آخر.. جنون الامتلاك.. يريدها له وحده.. ولكنه لا يستطيع أن ينالها.. فأي وجود لها في حياته كفيل بتحطيم أعز الناس إلى قلبه.. أمه.. فيكفيها ما نالها من والده.. منذ سنوات.. وكانت السبب فيه نادية والدة علياء.. تلك السيدة الرقيقة التي عجز عن كراهيتها عندما أخبره والده عنها وعرفه بها.. مخبراً إياه أنه يدين لها بالكثير.. ولم يزد عن ذلك.. فقد كانت نادية في أقسى مراحل مرضها..

متاهة مشاعر ( للكاتبة نهى طلبة مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن