في تلك الليلة الصيفية الحارة تلألأت حديقة فيلا آل غيث بالأضواء الساطعة, وكأنها تنافس سماء يوليو المغطاة بآلاف النجوم.. حيث تعالت ضحكات الحضور.. واختلطت الهمهمات المختلفة.. مَن افتتن بألوان باقات الورود المنتشرة في كل مكان داخل وخارج الفيلا, والتي تم استيرادها من هولندا خصيصاً لتلك الليلة الموعودة.. ومَن شغل نفسه بتفحص أنواع الأطعمة التي وصلت تواً من أشهر مطاعم باريس وروما... وبالطبع تنافست سيدات الحفل في ارتداء أحدث صيحات الأزياء وأغلى وأندر أنواع المجوهرات.. فكُن كإعلان حي عن مدى ثراء أزواجهن, بل كانت الليلة بأكملها تصرخ بمدى الرفاهية التي يعيشها رواد الحفل..
التفت الجميع بانتباه عندما ظهرت نجمة الحفل.. فاتنة حمراء الشعر تتباهى بجمالها الفتان بثوب ناري اللون لا يضاهي جرأة لونه سوى تصميمه, الذي أظهر بالتصاقه بجسدها منحنياته المثيرة, كما خطفت ساقيها المرمرتين عيون الرجال من تحت تنورته القصيرة جداً.. هذا بدون الكلام عن فتحتي الصدر والظهر اللتان أظهرتا بشرة وردية غاية في النعومة, وتكاد تغطي بلمعتها على تلألأ حبات الألماس المنتشرة على صدر الفستان.. وكانت تلك الحبات ما لفتت نظر سيدات الحفل فاختلطت أصواتهن وشهقاتهن لتأكدهن أن ما يزين الثوب هو حبات من الألماس الحر المطعم أحياناً بحبات لؤلؤية صغيرة..
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي نيرة المطليتين بالحمرة القانية وهي ترى تأثير ظهورها على الحضور.. فتهادت بخيلاء تستمتع بشهقات النساء ونظرات الرجال التي تلتهم جسدها التهاماً.. تعشق الشعور بالتمييز والانفراد.. وهذا ما حققته الليلة بارتدائها ذلك الثوب لتحتفل بخطبتها.. اختيار لم تكن تجرأ عليه إلا.. هي.. "نيرة غيث"..
استمرت في خطواتها المتراقصة والابتسامة معلقة على شفتيها تعبر عن سعادتها الغامرة, سعادة تنبع من تحقيقها لأغلى أحلامها الليلة بعد أن تمت خطبتها على حسن.. حسن حلم طفولتها وصباها.. تحبه, بل تعشقه بكل سنواتها العشرون.. وأخيراً الليلة وضع خاتمه في إصبعها.. أخيراً أصبح خطيباً لها.. مِلكاً لها وحدها..
وصلت بخطواتها إلى حسن الذي كان يقف شارداً وكأنه في عالم منفصل تماماً عمن حوله.. وقفت تتأمله للحظات, بطوله المهيب الذي يقارب السبعة أقدام ومنكبيه العريضين وشعره الأسود الحالك, والذي قصه ليكون قصيراً جداً.. فأظهر معالم وجهه التي تنبأ عن رجولة وعنفوان يبرزها عيناه شديدتا الخضرة واللتان كانتا تنظران إليها في برود شديد, لم تهتم هي ببروده وهي تقترب منه وتضع يدها على كتفه ببطء:
ـ حسن.. حبيبي, يلا علشان نرقص أول رقصة..
أجابها بهدوء وهو لم يتخلَ عن بروده:
ـ اتفضلي..
ألقت بنفسها بين ذراعيه بلهفة ليفتتحا الرقص معاً.. ابتعد عنها قليلاً جاعلاً بينهما مسافة مناسبة بينما هي ضمت جسدها إليه أكثر وهي ترفع وجهها الفاتن إليه وتسأله بشغف: