الفصل الخامس عشر
تمدد يزيد على فراشه بأحد أشهر فنادق مدريد.. فندق ذو مبني أثري يعود للقرن الثامن عشر.. قام بالحجز به خصيصاً بعد اكتشافه هوس ريناد الحديث بالأنتيكات والتحف, ولكن الغريب أنه لم يلاقِ استحسانها على الإطلاق.. ولولا وجود التسهيلات والكماليات الحديثة.. من ساونا.. وقاعات للمساج والتجميل وبعض محلات الملابس ذات الماركات المعروفة لأصرت على ترك الفندق..
انتبه لها تخرج من الحمام وقد ارتدت بنطال جينز ضيق وفوقه قميص كريمي من الشيفون المبطن.. وجمعت شعرها للخلف مع زينة خفيفة جداً.. جاهد ليلملم بعض اللهفة نحوها ويظهرها على وجهه وهي تقترب منه وتطبع قبلة خفيفة على شفتيه لتخبره ببساطة:
ـ حبيبي.. أنا نازلة عندي جلسة مساج..
ـ تاني يا ريناد.. امبارح ساونا والنهارده مساج..
هزت كتفيها بلامبالاة:
ـ وإيه يعني.. هو مش شهر العسل ده عشان الاستجمام!
زفر بضيق:
ـ أيوه نستجم سوا.. نخرج سوا.. مش كل واحد لوحده..
رمقته بنظرة قاتلة.. ثم أخبرته بهدوء:
ـ بعد المساج, أنا هروح أعمل شوبينج.. تحب نتقابل على العشا؟.. أقولك ابقى كلمني ونتفق.. باي..
وخرجت من الغرفة تتهادى بحذائها العالي الكعبين بينما ترافقها نظراته الحانقة.. فبعد ليلة زفافه المدمرة ظهرت في صباح اليوم التالي بأبهى صورة لها.. وتعاملت معه وكأن الليلة السابقة لم تمر بهما أبداً.. لم يكن بحاجة لكثير من الذكاء ليدرك أن تحولها ذاك لمحادثة تليفونية طويلة أجرتها مع والدته ووالدتها.. لم يعرف بتفاصيل المكالمة بالطبع.. ولكن وصله نتيجتها.. وهي استعدادها الكامل للاستمرار في زواجهما بكل ما تعني الكلمة من معنى..
لم يعرف لم أصابه ذلك بالقلق على علياء وخاصة من والدته التي بالتأكيد وصلتها حقيقة الزواج.. الآن هو في مدريد غير قادر على حمايتها كما يجب.. وحتى والده لن يستطيع محادثته فهو بالكاد يحادثه منذ ذلك الصباح في غرفة المكتب بالمزرعة.. ولن يستطيع مطالبته بالحفاظ على علياء وحمايتها من والدته.. فذلك كفيل بخلق مشاكل لا حصر لها بين والديه..
لذا فقد قام بالشيء الوحيد الممكن وهو مطالبة نيرة_عن طريق مازن بالطبع_ أن تقنع علياء بالإقامة معها.. لحين عودته.. وهو ما رحبت به نيرة بشدة, فهي بحاجة إلى علياء لمساعدتها في تجهيزات زفافها.. وها هو الآن يحاول الاتصال بها.. للمرة المائة أو أكثر فقد تعب من كثرة العد.. ولكن كما توقع هاتفها مغلق.. متى وكيف تعلمت الصغيرة تلك القسوة؟.. إنه فقط يريد الإطمئنان عليها.. لم تحرمه حتى من صوتها؟.. مشتاق لها بشدة.. يحتاج فقط لسماع صوتها وهي تهمس باسمه.. لا يدري تفسيراً لمشاعره.. حاول كثيراً أن يجد مسمى لما يشعر به نحوها.. أو حتى نحو ريناد.. الذي ازداد ارتباطه بها بعد اكتمال زواجهما.. ولكنه لم يجد تفسيراً لمشاعره المرتبكة..