✯. آداب زيارة المقابر .✯

100 10 0
                                    

آداب زيارة المقابر
مَرَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم على القبور ، فوجد امرأة تبكي عند قبر ، فقال لها: (اتقي الله واصبري). ولم تكن تلك المرأة تعرف النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت له: إليك عني (ابتعد عني) ، فإنك لم تُصَبْ بمصيبتي.
فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم وتركها ، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاءت إليه وقالت: لم أعرفك. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى) [متفق عليه].
***
المصيبة تحتاج إلى الصبر ، والمسلم يتحلى بالصبر إذا أصابه شيء يكرهه ، وقد زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه ، وقال: (استأذنتُ ربي في أن أستغفر لها فلم يؤْذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها فأُذن لي. فزوروا القبور فإنها تذكر بالموت) [مسلم وأبوداود].
وقال صلى الله عليه وسلم: (نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) [مسلم].
وقال أحد الصالحين: إذا ضاقت بك الأمور فعليك بزيارة القبور ، فزيارة القبور ترقق القلوب وتذكر الآخرة ، وكان عثمان -رضي الله عنه- إذا ذُكِرت له الجنة أو النار لم يَبْكِ ، وإذا ذُكِر القبر بكى. فسألوه عن ذلك ، فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (القبر أول منازل الآخرة ، فإن يَنْجُ منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينْجُ منه فما بعده أشد منه) [أحمد].
ولزيارة القبور آداب يتأدب بها المسلم ، منها:
استحضار النية: فالمسلم يقصد بزيارته وجه الله تعالى ، وإصلاح فساد قلبه؛ والسلام على الموتى والدعاء لهم وغير ذلك.
البدء بالسلام عند دخول المقابر: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى المقابر يأمر أصحابه أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون). [مسلم].
عدم الجلوس أو المشي على المقابر: فعلى المسلم أن يحرص على عدم الجلوس أو الاتكاء أو المشي فوق المقابر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده ، خيرٌ له من أن يجلس على قبر) [مسلم].
قراءة القرآن وإهداء ثوابه للأموات والدعاء لهم: فلا بأس أن يقرأ الإنسان ما تيسر له من القرآن الكريم ، ثم يدعو الله -سبحانه- أن يتقبل منه ما قرأ ، ويُبَلِّغَ ثواب هذه القراءة للميت.
عدم التبرك بها: فلا يجوز التبرُّك بالقبور ، كما لا يجوز تقبيلها كما يفعل الجُهَّال من العامة ، وليكن رائده قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سألتَ فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله) [الترمذي].
عدم الضحك واللعب فيها: فالضحك واللهو في المقابر دلالة على قسوة القلب ، وللمقابر حرمة تجعل المسلم يبتعد عن اللهو والعبث فيها؛ لأن القبور تذكِّر بالموت ، وفيها العظة والعبرة.
الثناء على الموتى وذكر محاسنهم: فلا يجوز سبُّ الأموات أو ذكر مساوئهم ، طالما أنهم ماتوا على الإسلام ، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تسبُّوا الأموات ، فإنهم قد أفْضوا إلى ما قدَّموا (انتهوا من أعمالهم في الدنيا) [البخاري]. وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تذكروا هَلْكاكم (أمواتكم) إلا بخير) [النسائي].
عدم الصلاة في المقابر أو اتخاذها قبلة: فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في المقابر أو التوجه إليها أثناء الصلاة؛ روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي في سبع مواطن: في المزبلة ، والمجزرة ، والمقبرة ، وقارعة الطريق ، والحمَّام ، ومعاطن الإبل ، وفوق الكعبة) [ابن ماجه].
إلقاء السلام عند مغادرتها وأخذ العظة والعبرة: المسلم يعود من زيارته للقبور وقد امتلأ قلبه بالرقة والإيمان ، فيعمل صالحًا ، ويطيع الله -سبحانه- ويلتزم أوامره ويجتنب نواهيه. وهكذا فإن زيارة المسلم للقبور ، تجعل المسلم يتخفف من حياته الدنيا ، فيقف في القبور وقفة نظر واعتبار ، يتدبر أحوال أهل القبور حينما كانوا في الدنيا يتحركون ويعملون ، أما الآن فهم لا يقدرون على شيء من ذلك ، وإنما يحاسبون على ما قدموا.. ثم ينتبه المسلم ويتفكر في ذاته ، فهو عما قريب سيصبح من أهلها ، ولذلك فهو يعاهد نفسه على فعل الصالحات في الدنيا ، ليدخرها ليوم الحساب ، ثم يودع القبور ، وقد حظي بقدر من الشفافية يعينه على التزود من الأعمال الصالحة.

كن مع الله 6 (آداب إسلامية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن