البداية السادسة.

67 2 3
                                    

وصلت إلى ذلك المطعم المعتاد الذي دائماً ماكنت اذهب إليه انا وحبيبتي,أقفلت مقعدي عند طاولة المطعم الذي قمت بحجزها وأنا انتظر وصولها متحمساً أقوم بطرقعة أصابعي بكل توتر وخوف ، ولا أعلم لمَ ذلك ..
رأيتها عن بعد ولا أعلم إن كانت هي أم إنها فتاة أخرى ، كانت تلبس ذلك الفستان الاسود الطويل اللامع ، وهي تحمل حقيبة سوداء  صغيرة وتضع أحمر الشفاه وشعرها الكلاسيكي المائل على أيمن وجهها ،
لم أكن أريد أن اتمادى في وصفها ، بل لم أصدق ما رأته عيناي ، إنها حقاً جميله ..

* ستيفاني
وصلت إلى المطعم وأنا لا أعلم كيف اسير بذلك الكعب شبه العالي ، وقفت أمام طاولة الاستقبال لكي اسأل عن رقم الطاوله ، فالمكان مزدحم كثيراً ، كان هناك صفّ طويل أمامي ينتظر انتهاء كل شخص من طاولته ، نظرت من حولي ، فإذا بعيني تلتقي به ، شهقت في داخلي دون صوت ، بل وأخذت امسك بحقيبتي بشدة دون شعور ، نظرت إليه بتمعن ، وهو يردتي البدله السوداء وشعره المصفف بأناقه شعرت وكأنني مازلت أعيش في زمن " التسعينات " ولم أعشه من قبل أبداً .. اقتربت منه بكل انوثه وهو ينتظر مني بأن أمسك بيديه لكي يقبّلها بكل نعومه. لقد شعرت بالخجل كثيراً في هذه اللحظه ، فهذه أول مره امسك بيديه الدافئتين ويمسك فيها بيدي أيضاً, تنحنح قليلاً ثم قال :
- انا اسف لأنني لا استطيع أن ازيح الكرسي لك كرجل يحترم الفتاه ..
- لا ليس هناك داعٍ لذلك .. لم أكن اتوقع بأن هذا هو المكان الموعود حقاً ، إنه مكان فخم جداً. تعجبني البدله ، وذلك الـو.. الورد الاحمر في جيبك ..
ابتسم جون بكل خجل ثم أخرج وردته لكي يعطيها إياها بلطف ،
- تفضلي ، إنها لكِ.
- إنها جميلة حقاً ، شكراً
- وبمناسبة الحديث عن البدله ، إنها بدلة زفافي ، من الفتاة التي كنت أحبّ.
حاولت ستيفاني أن تقوم بتبديل ذلك الموضوع مسرعه وهي تحاول فتح ذلك العصير ، إلى أن تناولت العشاء برفقته ، وهو لم تفارقه الابتسامه ابداً ، فمنذ ان رأته لأول مره لم يبتسم بهذه الطريقه ، ومن دون ان يشعر بذلك ، أمسك بيديها وهي تضعها على الطاوله ،
وما ان أحسّ بما فعل حتى انسحبت يداهما في نفس اللحظه ، قاطعته ستيفاني وهي تقول :
- أشعر بالرطوبة هنا ، يمكننا الخروج ، فقد إنتهينا من تناول العشاء ، هيا ، أين الفاتوره !!! سوف أذهب إلى دورة المياه.
اسرعت ستيفاني بالذهاب إلى دورة المياه وهي تطلق أنفاسها بسرعه لما حدث لها قبل قليل :
لم أتوقع أن يحصل لي ذلك أبداً ، كيف كنت بهذا الغباء ، لقد مرت عدة ثواني ويديه مازالت تمسك بيدي حتى سحب كلٌ مننا يديه عن الآخر!! لماذا أقع في ورطة كهذه ! حسناً سوف أخرج الآن ، وانا فتاة طبيعيه لم يضرها شيء ابداً ..
- حسناً ، لقد دفعت الفاتوره ، يمكننا الخروج .. يمكننا الذهاب إلى الشاطىء بالقرب من منزلي  ؟ ما رأيك
- ها !! للـ.. حسناً ، فقط لدي ساعة او نصف الساعه لكي أعود إلى المنزل ، فكما تعلم ، لدي عمل غداً ، هل نستطيع أن نستقل " التاكسي " لقد تعبت من هذا ..
- اووه . ولكن منزلي يبعد فقط بشارعين ، إنه قريب جداً ، لدي كوخ صغير بالقرب من الشاطىء ..
وصلنا أخيراً إلى الشاطىء ، اخذ جون يبحث عن مفتاح الكوخ الذي يخبئه بجانب نافذة الكوخ ذاته ، وأخذت تساعده ستيفاني أيضا إلى ان لقياه وفتح الكوخ ، وهو يخرج كوبَين لكي يعد القهوه ، وبعد عدة دقائق وضع القهوه على الطاوله وأخذ يحاول الجلوس بجانب ستيفاني ، وهي تتجرع ذلك التوتر الي يجتاحها .. اكمل ستيفاني حديثه :
- حسناً ، إلى أين وصلت الروايه أيتها الكاتبه؟
- لم تشارف على الانتهاء بعد .. فهي في بدايتها حتى الان .
نظرت إلى قدميه وسرعان مابدأت بفتح الموضوع :
- ماذا عنك؟ ماذا عن قدميك؟ هل ذهبت إلى طبيباً مختصاً ؟ أم ماذا؟
مسح جون على شعره ثم رد على سؤالها :
- نعم ، لقد ذهبت إلى طبيباً ، ولكن الاقدام الصناعيه تحتاج مبلغاً كبيراً ، مبلغاً في حياتي كلها لم أحصل عليه .
- اممممم ، وماهو المبلغ المطلوب ؟ ربما يمكنني المساعده؟
بدت تعابير وجه جون بالغضب :
- لا ، أنا اسف ، ولكن لم أقل لك ذلك لكي تساعديني ، إنه موضوع يخصني انا لوحدي .. لا .. لا يمكنك .
- إذاً هل سوف تبقى كذلك ؟ هل يمكنني المساعده جووووون؟!!!
صرخ بأعلى صوته الذي ولأول مره أسمعه منذ ان قابلته للمرة الاولى :
- لا !!! ، لن أقبل بالمساعده أبداً ، و من أنتِ ، سوى كاتبه ! تريدين المساعده الان؟ خرجنا للعشاء وإلى مدينة الملاهي .. والان !! تريدين المساعده !
اخذت حقيبتي ومعطفي بسرعه دون أن أنظر إليه ، بل حتى دون ان اتفوه بكلمه ، وقبل خروجي تحدثت وانا أشعر بغصة في حلقي :
- عندما لاتريد نشر قصتك قم بالاتصال بي ..
" حينها لم أكن أعلم إن كانت هذه نهاية القصه أم بدايتها صدقاً ، رأيته من النافذه عن بعد وهو ينظر إلي وكأنه يقول لي : انا اسف حقاً .. أكملت السير إلى أن وصلت إلى المنزل ، بدأت التفكير في ما يجري له ، لم لا أعرض عليه السفر ، فكلانا وحيدين ، لم لا نسافر إلى الدول المجاوره ، إنه نشر لكتاب !! ومن هي الفتاه التي لاتريد ان تربح في نشرها لقصة شخص كانت الحياه صعبه لديه وربما يتحسن .. وربما .... يحبني .
قررت مسرعة مسح تلك الفكره من رأسي .. وغرقت في نوم عميق . تارة استيقظ افكر به وماذا حصل له ، وتارة أغفو دون أن أشعر بنفسي.
" إلى أن بدأ يوم صبحٍ جديد ..
استيقظت وانا امسك بهاتفي ، ولكنني لم ارى منه أية اتصال او رسالة نصية ، أسرعت بالاستحمام وارتداء ملابسي وخرجت إلى منزله ، و إلى كوخه الذي بجانب الشاطىء ، ثم إلى المقهى الذي يجلس به دائماً ، بل حتى وان صاحب المقهى قد قال بأنه لم يرى جون اليوم أبداً .. حزنت لذلك ، فقد توقعت بأن شيئاً ما قد حصل له .. ربما قد قرر الانتحار !! .. سرت من ذلك الطريق الذي قد تسبب بحادث جون ، وبجانبه حديقه ، فإذا بي أراه هناك ، يجلس على كرسيه وهو ينظر إلى المكان بكل صعوبه .. ركضت إليه مسرعه وأنا أشعر بقوة الهواء بين اذنيّ. وقفت بجانبه .. وانا التقط أنفاسي من شدة البرد :
- ما بك جون! لقد بحثت عنك في كل مكان ، لم يبقى مكاناً الا وبحثت عنك فيه ..
- لا شيء .. إنني فقط اريد استنشاق بعض الهواء .
- هنا ! من الغريب أنك تستنشق الهواء بالقرب من هذا الطريق !
- كما تقولين ، أقوم بالاعتياد عليه ، أو بالاصح ، أقوم بنسيان ماحدث لي ..
- حسناً جون ، ما رأيك، بأن نذهب في رحلة سوياً ؟
- رحله؟ وما هذه الرحله ؟
- سوف نسافر ، بعيداً .. ما رأيك بأن نذهب إلى دبي !
تردد جون في ذلك ، فدبي بعيدة جداً .. ولا يدري ما قد يحصل له .. ولكنه قام بهز كتفيه :
- لا أعلم .. ولكنني خائف مما قد يحصل في هذه الطائره .
- كفاك يا جون ، لن يحصل شيئاً ما دمت بجانبي ..
عاد جون ظهره إلى خلف المقعد وهو ينظر إلى ستيفاني عندما قالت تلك الجمله .. ثم استعاد وضعه الطبيعي دون أن تشك في ذلك ،
" ذهبت ستيفاني لكي تأخذ تذكرة إلى دبي ، أما هو فقد ذهب لكي يرتب حقيبته وملابسه للذهاب برفقتها ..

قلب ونصف Heart and halfحيث تعيش القصص. اكتشف الآن