#2: حديث الظلام

2.3K 102 15
                                    

فتحت عينيها ببطئ لتفاجئ بالظلام الحالك يعمي رؤيتها. التفتت حولها لتشعر بألم رهيب بامتداد رقبتها، ذراعيها و خصوصاً معصمها، كأنها مكبلة بأصفاد حديدية. أدركت بعد وصال الألم ان هناك قماشاً ناعماً يغشي الرؤية عن عينيها، و أنه ليس فقط ظلاماً بغرفة ما..
حاولت تحريك يديها و قدميها فلم تستطع، و ذلك بسبب الشيء المجهول الذي يكبّلهم ببعضهم البعض، لم تكن لتحدد نوعية المادة لعدم شعورها السليم بأطرافها!

صرخت بأعلي صوتها فلم تسمع إلا أنين مزعج، فلسانها ملجوم.. اضطربت و اختلطت افكارها، حاولت تذكر آخر شيء حصل لها أمام مركز التجميل و لم تستطع ايضاً تحديد سبب كونها هنا بالمحهول! فآثرت أن تتألم في صمت حتي يتضح لها أي شيء..

سمعت صوت وقع أقدام تقترب، صمتت و ضمت ركبتيها لوجهها حتي لامست أقمشة فستانها الشريط اللاصق علي فمها و الذي يغطي القماشة التي تلجم لسانها، فتأكدت من فكرة أنها الآن مخطوفة للمرة الألف بعد المليون.. ظلت تنتظر الشخص الذي يقف أمامها ليتكلم، لكن ساد الصمت لدقيقة كاملة، مرّت بثقل جعل لدقّات قلبها وقعاً عميقاً يغرز بصدرها، كما شعرت بأعتي درجات الحرارة لشهر اغسطس العظمي، مع موجات سقيع أول العام..

ظلت تأِن حتي تكلم الشخص..

" ازيك؟؟ "

رفعت رأسها باتجاه الصوت بذعر، و رغماً عنها رفعت حاجبيها، و كأن لسان حالها المكمّم يقول "حقّاً؟ أنا في أحسن حال شكراً لسؤالك!! "

" عارف إنك مش في أفضل حالاتك دلوقتي، بس انتِ هنا هتبقي أحسن .."

كم بدي صوته عميقاً و انسيابياً، كحركات الدخّان الغامضة المنبعثة من لفافة تبغ مشتعلة..

  سيطرت فكرة التشكيل العصابي علي عقلها؛ وهي أنها مخطوفة من إحدي المجرمين المأجورين لكي يمنع حفل خطبتها و يبعدها عن خالد .. و لكن من له المصلحة في ذلك؟؟ من استأجر الشاب المختطف؟ رفعت حاجبيها عندما عرفت الإجابة:  جميع البنات اللاتي لم يحالفهم الحظ مثلها!
فك الشريط اللاصق من علي فمها فأحدث صوتاً، لكنه لم يكن أعلي من صوت صراخها من الألم، كما تبع ذلك إزالة ما يكمم لسانها بعدها، فقالت:
" أنا فين؟؟ و انت مين؟؟ أحسنلك تتكلم علشان متروحش في داهية!! "

مسحت تلك العبرات التي تسلّلت بذعر إلي وجنتيها، فهي لا تريده أن يري خوفها، و صرخت به/

" انت شكلك مش عارف أنا بنت مين! "

ضحك، و كانت بضحكته من العمق و البطئٍ  الذي أرعبها..

" أروح في داهية؟؟ مين فينا المربوط!! "
صمت قليلاً ثم استطرد سائلاً:
" بنت مين يعني؟؟ "

بدت نبرة صوته هذه المرّة خالية من التعبير و الدهشة، نبرة ميتة.. علي عكس نبرة صوتها التي بدأت تجمع بها فتات من الشجاعة، أضافت إضافة واهنة إلي الهدوء و الخطر بها..

دِبلة الخُطوفة ! - هدي بكير (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن