#6: آدم..؟

1.8K 76 8
                                        

كم يأخذ وقت التفكير عادةً؟ ثوانٍ؟! دقائق؟ .. ما مارّ علي نورا من لحظات تفكير تعدّي كل هذا رغم كونه وقت ضئيل حقاً، لكن كان علي عقلها المصدوم إعادة التفكير بكل شيء أكثر من مرّة، بل جمع الأفكار نفسها أكثر من مرة! فالموقف مريب و غير محتمل.. فكيف لعابر سبيل -اعتقدتي أنه لم يلحظكي حين اعجبتي بابتسامته و ذوقه باختيار الورود- أن يخطتفك!! و لم؟ ما الدافع القوي خلف هذه الخطوة الملعونة!

عينيه ثابتتين، ثاقبتين، و كأنها تنطق أمام عينيها ب "نعم إنه أنا، و أنا لم أندم لحظة علي ما قمت به، و ما سأقوم به! " .. لونهما المحيّر أدخلها دوّامة الشكّ، شكّت بمعرفته السابقة لها، ربّما أذته بغير قصد.. لا لا، فهي لا تؤذي عصفوراً، فهل ستجرح إنسان بقدر ما يجعله يخطتفها لمنزله؟ لكن.. هو يعتقد أن خطفه لها هو معروف ستشكره عليه طيلة حياتها، يعتقد أنه منقذها من زيجة فاشلة لا مفرّ .. ف هل اختطفها لأجل غرض جيّد فعلاً.. أم أن جنونه صوّر له هذا ليسكت صوت ضميره الحيّ؟!

خارت قواها بين يديه، لم تستطع دفعه و الهرب لصورة غرفتها، أو تشويهه كما كانت تريد دوماً للساعات الماضية.. ما استطاعت تمييزه من الواقع فقط؛ هو صوت لمس نصل السكين البارد أرض الغرفة.. و الذي سكنت بعده كل الأصوات..

رائحة عطر رجولي أفاقتها من إغمائها، و بدون أي لمسة علي جبينها استيقظت تفتح عينيها بحذر، تتمني لو أنها بالفعل تستقيظ من كابوس مزعج، لكن حين رأت وجه خاطفها ضمّت شفتيها كطفلة متبرّمة، و سرعان ما تكتّلت الدموع الساخنة علي حافة عينها، و بين ثانية و اخري.. أجهشت ببكاء خافت.. و نهضت لتلك التي أسماها غرفتها..

لم تكن تدرك أنه كان باستطاعته وضعها علي فراشها دون أي مجهود بدني نفسه سوي مقاومة لمس وجهها الناعم بأنامله، و لم ترَ ذلك المشهد الذي توقّعه هو للأسف، مشهد إنهيار قواها بين يديه، فما كان عليه إلا أن يضمها إليه بحذر قبل أن يمدّدها علي الأرض ببطئ و ترقًّب.. دون أن يظهر أي تعبير علي وجهه خشية أن يفقد ما تبقّي من تماسكه أمامها..

جلس أمام المرآة بشرود علي المقعد المخصص للتمرين؛ يحمل وزناً و يهبط به ليقوّي عضلات ذراعه الأيمن كما فعل مع ذراعه الأيسر منذ دقائق، بينما ينظر بالمرآة علي انعكاسه الواضح بشرود، فلم يسمع تنهيدة صديقه خلفه و الذي ظهر إنعكاسه بالمرآة قائلاً بقلق:

" خالد روّح نام شوية، أنا عارف إنك بتحاول تشغل تفكيرك عنها بالتمرين بس انت فعلاً بترهق دماغك أكتر"

و أشار إلي ما يحمله صديقه ب يده قائلاً:

" انت حتي مش مركّز "

ابتسم خالد ببساطة قائلاً:

" بالعس أنا مركّز جدّاً، محتاج اضبط الفورمة عشان فيه حاجة جديدة كده احتمال اوافق عليها.. "

دِبلة الخُطوفة ! - هدي بكير (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن