عندما كانت الشمس قد بدأت في الولوج الى مضجعها في نهاية ذلك اليوم كانت تلك الطفله الصغيرة ذات السبع سنوات تمتطي فرس والدها البيضاء الجميلة و تسند رأسها في حضنه وقد أخذت النسمات تداعب خصلاتها الذهبية المنسدلة على كلا كتفيها بينما أخذ يتجول بها في أركان مزرعتهم ، حتى توقفا فوق هضبة صغيرة مجاورة لشجرة الكرز الكبيرة هناك و التي كانت أغصانها قد إتخذت ثوبها الوردي المنفوش كساءً لها إحتفالا بفصل الربيع الذي حلّ عليها أخيرا .
بقيا يتأملان الأطياف البديعة ذات اللون المتمازج بين الأحمر و البرتقالي و بعض اللطخات و التي لم تكن سوى بعض غيمات إتخذن أماكنهن في السماء و اللاتي أضفن لتلك الصورة من الجمال ما جعلها تبدو كما لو انها قطعة من النّعيم جسّدت على أرض الواقع ، كان بإمكانهما كذلك الإستماع إلى صوت صرصار الحقل بالإضافة لصوت الأعشاب عندما تتمايل ببهجة بمفعول النّسائم المنعشة بين فينة و أخرى مشكّلة بذلك إحدى سمفونيات الطبيعة الساحرة .
لا يزالان على وضعهما ذاك إلى أن قالت تلك الصغيرة بحماس طفوليّ تجلى من خلال نبرتها و هي ترفع كفّيها الصغيرين عاليا قدر إستطاعتها :"عندما أكبر سأصير أحد فرسان الملك سأكون فارسة قوية ومميزة "
فابتسم لها والدها و قال لها بنبرته الحنونة و هو يمسك بكفّها بخاصّته الكبيرة :
"اجل ستكونين كذلك صغيرتي و سيكون لك شأن كبير في مملكتنا ."
.
.
.
.
.بعد مرور 10 سنوات :
بخيوطها التي بدأت تخترق عتمة السّماء ، بدأت الشمس تطلّ ببطئ إزدان ببعض الخجل جاعلة من قطرات الندى ، التي كانت قد تموضعت على أوراق الشّجر و الأعشاب الخضراء النظرة ، التي إنعكس عليها ضوء الشمس تتلألأ بصورة مبهرة منافسةً ببريقها و جمالها ذاك بريق تلك الكريستالات التي ما تزال تطالب بحقّها في أن تكون محور الجمال و مبعثا للسكينة في نفس كلّ من لجأ لتأمل السماء ليلا .
استيقضت ذات العيون السماوية من نومها بسبب اشعة الشمس المتسللة لغرفتها ، بخمول كانت قد جلست في فراشها و قد تثائبت بكسل و هي تخلّل يسراها في خصلاتها الطويلة المنسابة بدلال على كل من كتفيها و ظهرها .
توجّهت بعد هذا نحو الحمّام المتواجد في غرفتها ذات الستائر الأرجوانية كحال معظم أثاث الغرفة التي تغنّت بتعدد درجاته بها ، في الحمام أين إستحمت و غيرت ثيابها إلى فستان أزرق اللون بدرجة مماثلة لبحر عينيها و جمعت شعرها الذهبي الطويل بشريطة بيضاء اللون و أسدلته على كتفها الأيسر كان الطقس باردا قليلا فاضطرت لوضع وشاح بلون حبّات الكستناء على كتفيها و غادرت غرفتها متوجهة مباشرة نحو رفيقتها ...
أنت تقرأ
فارسة الليل || The knight of The night ﴿ مكتملة ﴾
Historical Fictionفـي زمـن الـمـمـالـك و الإمـبـراطـوريـات فـي زمـن الـحـرب و الـسـلام كـانت قـصـتـنـا .... #2 في ' تاريخية ' في 23 فبراير 2019