بارت 28

4.9K 342 34
                                    

~ ذكريات ملك ~

-" اعتقد ان مكاننا هذا جيد يا مولاي ." نبس ذلك الشاب موجها كلامه لذلك الذي همهم بتأيد و قد اخذ يجول بعينيه في تلك الرقعة الخضراء الفسيحة من حوله حيث تناثرت الزهرات الصغيرات في الارجاء سامحات لأشعة الشمس بمداعبة بتلاتهن الرقيقات بنعومة بينما يتمايلن برقة مع كل نسيم يمر بهن يحمّلنه شذى عطرهن حتى يسحر به كل شخص يمر به بالإضافة الى نهر جار ، كانت قد انعكست اشعة الشمس على ما احتواه من حصى فبدى كما لو انه قد اكتنز بجوفه كنوز العالم من زبرجد و ياقوت و توباز ، يقطعها وصولا لتلك الغابة التي احاطتها من جهتين بالإضافة لمعزوفة النسيم الهادئ و سيمفونية خرير النهر اللتان اطربتا حواسه و جعلته يتأمل ذلك الجمال بخشوع فنفسه رغم ما تظهره من قوة و صلابة فهي تضل ميالة لحب الجمال و تقديسه حد العبادة .

بدت تلك البقعة في نظر المشاهد كحسناء ربيعية بفستانها السندسي الناعم تغوي من يراها حتى يعبث بثناياها المحرمة مستكشفا لها .

-" اطلب منهم التوقف هنا و احضر لي عدة الصيد خاصتي ." نبس الملك و هو يعيد خصلاته البنية الناعمة للخلف برجولية بعد ان ازعجته عندما اعاقت تأمله للجنة الآسرة من حوله ،  هذه ليست المرة الاولى التي يأتي فيها الى هنا للصيد لكنه و في كل مرة يكون هنا يشعر بالسكينة و الراحة التي افتقدها منذ ثلاث سنوات .

-" حسنا جلالتك ." اردف مرافق الملك باحترام ثم ترجّل من فوق جواده حيث سار باتجاه مجموعة الخدم و الذين وقفوا صفا بجوار سائسي الكلاب و الفهود المروضة و المدربة على الصيد ، و التي كانت تقف بشموخ تتفرس في المكان امامها و قد تاقت نفسها للعدو بالبراري بحرية كانت قد فقدتها منذ زمن ليس بالقصير حتما ، فامرهم  بتجهيز خيمة الملك بالاضافة الى ايقاد النار و غيرها من الامور الأخرى التي تهم رحلة الصيد .
شرع الخدم بتنفيذ ذلك بنشاط مستمتعين بجمال الطقس فليس السادة فقط من يستمتعون برحلات كهذه بل الخدم كذلك فهم يعتبرون رحلة الصيد كمنفس لهم من اسوار القصر و اعماله التي لا تنتهي .

عاد المرافق نحو ملكه الشاب مناولا اياه قوسه و نشابه باحترام شديد ثم امتطى بدوره جواده متتبعا للآخر الذي اخذ يسير بحصانه الابيض الاصيل باتجاه تلك الغابة ذات الاغصان المتشابكة و التي ازعجتهما اثناء مرورهما منها فهما و بطبيعة الحال لن يتتبعا الطريق الترابية التي تتخلل الغابة لكون الحيوانات رغم كونها ليست بالكائنات العاقلة لكنها رغم هذا تتجنب الرعي على مقربة من مكان عبور عربات الآدميين .

سارا لمدة لا باس بها دون العثور على صيد جيد فقط غراب كان قد تموضع على غصن شجرة صنوبر يراقبهما بعينين لامعتين قد ضاهتا عتمة ريشه الحالكة ، حينها اردف المرافق و هو يبعثر خصلاته الذهبية

فارسة الليل  || The knight of The night                ﴿ مكتملة ﴾ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن