في بلاط الـماركيـز!!
بقلم: احكي ياشهرزاد
المقدمة
وقفت ايزابيللا تشاهد وللمرة الأخيرة جثمان والدتها قبل أن ُيواري الثرى بينما دموعها تنساب بصمت مغرقة وجنتيها الشاحبتين ويحيط كتفيها ذراع عرّابتها تيريزا التي كانت تبكي رفيقة عمرها بحزن شديد....
جلست ايزابيللا على المقعد الخشبي في الكوخ الذي عاشت فيه طوال تسعة عشرة عاماً هي عدد سنون حياتها الفتيّة معيدة رأسها إلى الخلف لتستند لظهر المقعد بتنهيدة خفيفة بينما تقدمت منها تيريزا لتجلس على المقعد المواجه لها حول الطاولة الخشبية التي تتوسط كوخها الصغير الدافئ...
مدت تيريزا يدها لتمسك بذراع ايزابيللا برفق وهي تقول بحنان أمومي فياض:
- ابنتي... اطلبي لها الرحمة... لقد عانت ماريا في فترتها الأخيرة مع المرض... لقد رحمها الله من آلام شديدة كانت تفتك بها وبنا وهي تذوي أمام أعيننا ونحن نشعر بالعجز التام عن فعل أي شيء يخفف من آلامها المبرحة.. لقد وقف الطب عاجزاً أمام حالتها فلتترفقي بها في مثواها الأخير لترقد براحة أبدية لم تجدها في دنيانا هذه!!....
زفرت ايزابيللا بعمق وفتحت عينيها الخضراوتين بلون الزرع شديد الخضرة لتنظر إلى تيريزا وقالت بهدوء يشوبه حزن قوي:
- نعم عرابتي... لقد قاست الأمرين... ولكنه الفراق... الفراق هو الذي لا أعلم كيف سأقوى عليه؟!!....
لم تستطع ايزابيللا الصمود كثيراً وانهارت باكية بين أحضان عرابتها التي شكرت الله أنه لا يوجد سواهما ليشاهد انهيار هذه الشابة، فقد رحل المعزون بعد دفن الجثمان في مدفن عائلة لوكاس بيريرا التابع لوالد ايزابيللا وعائلته بيريرا من قبله....
هدأت نوبة البكاء التي اجتاحت ايزابيللا فكفكفت دموعها ثم مررت يدها في شعرها الأبنوسي الذي جمعته فوق رأسها بمشبك عريض بينما تهدلت خصلاته حول وجهها الصغير ليكسبها جمالاً حزيناً وتنشقت عالياً فغدا أنفها أحمر كالشمندر السكري من شدة البكاء, بعد أن تمخطت في منديل ورقي نظرت إلى تيريزا عرابتها منذ مولدها.. فهذه الأخيرة ليس لها أولاد كما لم يسبق لها الزواج.
أصبحت ايزابيللا هي ابنتها التي أغدقت عليها من مخزون حنانها الفياض... نظرت إليها بعينين دامعتين وقالت بصوت تحشرج من شدة البكاء وإن كانت أضحت أهدى من ذي قبل:
- آسفة لإنهياري بهذا الشكل عرابتي...
قالت تيريزا بحب وابتسامة صغيرة تلون وجهها الأسمر البدين ذو التغضنات التي تفصح عن سنوات عمرها الخمس والخمسون وقالت:
أنت تقرأ
في بلاط الماركيز رواية غربية كاملة بقلمي منى لطفي (احكي ياشهرزاد)
Romanceفي بلاط الماركيز بقلمي / احكي ياشهرزاد(منى لطفي) الملخص: عاشت حياتها بطبيعية مفرطة .....طوال تسعة عشر عاما لم يطرأ على سمعها كلمة دبلوماسية بل انها قد لا تعلم أحرفها !! يشاء القدر ان يضعها في طريق الماركيز اليخاندرو الفونسو الدوق الاسباني العظيم ال...