"انتظرا حتى أمسك بكما أيّها الشقيين!" قالها ذلك البدين الذين كان محشورا في حلّته البيضاء ذات الازرار السوداء,يعصر بطنه ذلك النطاق الجلدي ذو الابزيم النحاسي اللامع,وقبعته الضخمة التي تتراقص فوق رأسه تزامنا مع خطواته الثقيلة تلك...
"اسرعي هيا!"
"لن ننجو,انه اسرع من المعتاد"
"تعاليا الى هنا! انكما في ورطة هذه المرة"
تجاهل الاثنان صرخات ذلك الضخم المرعبة وواصلا الركض هربا من بطشه, انعطفا يمينا فجأة ليباغتاه بتلك الحركة فيرتطم هو بتمثال خزفيّ في الممر ويجعل منه حطاما
"سحقا! كل هذا بسببهما...." نظر اليهما يبتعدان فانكفأ لونه وارتجفت أوصاله واكمل صارخا " سأمسك بكما!"
حاول بعض الحراس اعتراضهما لكنهما انزلقا بكل خفة من تحتهم و واصلا الركض كأن شيئا لم يحصل, بقي الحراس ينظرون لهما حتى التفتوا الى امامهم اخيرا فتعلو الصدمة وجوههم حين رأو ذلك الضخم يركض نحوهم....لحظات وقد كان الجميع مستلقيا على الأرض....وقد تناثرت خوذاتهم وسيوفهم في الارجاء جراّء ذلك الارتطام العنيف....ان الامر اشبه بتصادم ثور هائج مع مجموعة من الخرفان الضعيفة العاجزة...
قال احدهم وهو يكاد يختنق" سي....سيدي...انهض...ارجوك.....انني اختنق!"
نظر له المعنيّ باحتقار وقال"لو انكم امسكتم بهما ما كان هذا ليحصل" وقف ينفض الغبار عن حلته تلك وواصل سيره ثم قال"اغبياء!"
اما الاثنان فقد ابتعدا كثيرا عن الخطر,وقف احدهما وهتف بسخرية" ذلك الضخم يأس اخيرا"
ضحك الثاني لكنّ تلك الفرحة لم تدم فقد تناهى لسمعيهما صوته مجددا
"هيا تعال معي"
ركض الى غرفة العرش حيث فتح الباب على مصراعيه, فقال الملك:" ما الأمر?"
وقف المعنيّ مستندا بيديه على ركبتيه يلهث محاولا استجماع قواه وتمالك اعصابه " عفوك سموّك,لكن ما من تحلية لهذه الليلة أيضا"
قطب الملك حاجبيه باستغراب وسأل" ولماذا يا آكي?"
نظر ذلك المدعوّ بآكي الى الطفلين الذين كانا يجلسان حضن والدتهما ثم قال بصوت حازم وعال" أيها المساعدون,اجلبوا قالب الحلوى"
دخل اثنان يدفعان عربة كبيرة عليها طبق ضخم فارغ,فأشار الطباخ لها وقال" لقد اختفى القالب جلالتك"
تعالت اصوات ضحكات الملك وهو تارة ينظر لملامح طباخه الذي يشتعل غضبا وتارة اخرى لتلك الملامح البريئة التي تعلو وجهي الطفلين...حتى تقدم الطفل وقال بصوت خافت" كنت اريد تذوقه فحسب أبي"
اشتدت ضحكات الملك اكثر وسأل وهو يغالب تلك العاصفة الهوجاء التي ضربت فجأة:"أهذا تذوق وحسب? ماذا سيحصل لنا ان أكلت فعلا يا صغيري"
أنت تقرأ
مخلّفات ماضٍ
Fantasyنعود بأفكارنا لزماننا ونفتش بين ثنايا الضحكات عن سعادتنا، وتأخذنا الأحاسيس إلى أحلامنا، ونرى الثواني تمضي من أمامنا، ولا تزال نفس المشاعر فينا، ودفاترنا لا زالت مملوءة برسم طفولتنا ومقاعدنا لازالت تحوي دفء حكاياتنا. لكن شيئا لا يبقى على حاله...يرون...