دخل جايدن يكافح بين تلك الغيمات من الدخان الكثيف, يقفز بين كومات الصخور الضخمة تارة وينزلق على ما سال من جدران القصر تارة اخرى ( مملكة الجليد = قصور ومباني من جليد)
"اصمدي ايتها الملكة....انا قادم!" صرخ بها ذلك المغوار يشد قبضته فكأن حجم القاعة الهائل وحده لم يكن يكفي لتحوله هذه المخلفات لغابة عميقة صعبة التضاريس....
بينما وفي الجانب الاخر حاولت الملكة رفع ذراعيها قليلا علها تسهل على بطلها معرفة مكان تواجدها بالبضبط, لكن التعب والألم الذي تعاني منه حال دون ذلك....
حاولت فتح فمها والصراخ لكنها لم تقدر على ذلك فهمست بصعوبه يتخلل كلامها سعال حاد:"س....س...ساعدني....جايدن.... أنا ..."
لم تكد تكمل كلامها حتى فقدت وعيها وأعلن التعب والألم انتصارهما عليها,انها الان جثة عالقة تحت كومة من الصخور....أتنوي الرحيل فعلا?أتنوي ترك طفلين لم يريا من الحياة شيئا بعد ? أتنوي تركهما وحيدين?
هدأت الاجواء ولم يعد من اثر لا لتلك الخربشة او الزحف الذي كان يصدر من داخل القاعة, لاشيء سوى صوت مضخات الماء ترش ما تبقي من تلك النيران....
"كايتو!كايتو!" قالها راين وهو يشد على قميص المستشار ويسحبه
التفت له المدعو بكايتو ينظر له نظرات اشفاق وخوف في الان ذاته,فأكمل الصغير" أمي ستكون بخير,أليس كذلك?"
هز المستشار رأسه بنعم وشبح ابتسامة يزين وجهه,علّه يبعث في نفس الطفل شيئا من راحة البال والطمأنينة,فأمه ستكون بخير حتما, هذا ما قاله له وهو يتمنى في داخله ان تكون كذلك فعلا...
اما في الداخل, لمح قائد الحرس الاول طيف شخص بين تلك الأضرار....ان الدخان يزداد كثافة كلما تقدم,وضع يده امام فمه محاول تغطيته بكم قميصه وهو يسعل ثم صرخ" تماسك جلالتك...!"
لم يتبقى الكثير, كاد يصل .....فجأة سمع صوت صرير غريب , أجال البطل بنظره في الأرجاء لكن.....ما من شيء, قطب حاجبيه باستغراب فالصوت يزداد حدة ولكن لا شيء مريب....
"ركز جايدن,انك الأمل الوحيد لها الآن " همس بها مشجعا نفسه,ثم تقدم بكل عزم وشجاعة, تقدم خطوتين واذ باحدى دعامات السقف تسقط عليه مباشرة! رفع راسه بسرعة ورمى بنفسه للأمام...
"كان ذلك وشيكا" تنهد باضطراب ثم بدأ بحمل الصخور والخشب الذي تكدس فوق الملكة....
كان هو يعمل بجد في الداخل لاحداث منفذ لتلك المسكينة وتخليصها,بينما عشرات الاعين تترقبهما في الخارج,بعضها يترقب بنفس جامدة متأكدة من خلاص الملكة والقائد الأول ولكن البعض الاخر كان يتنفس بصعوبة وقد كانت عديد الهواجس تنهش عقله...
بعد لحظات,لاح لهم طيف ضخم, كان ذلك القائد الأول صاحب الجسم الضخم,مفتول العضلات, طويل القامة شامخا,وفيما عدا ذلك فوجهه مستطيل، شاحب اللون, وعيناه بالغتين في امتدادهما وضيقهما، فهما تكادان أن تملآ صفحة الوجه الضيقة وبمجرد إلتقاء ضيقهما شعاع الشمس بدتا مغمضتين وكأن ذلك التعب لم يكن كافيا بالنسبة له واختفى لونهما العسلي العميق...لم يهتم احد لملامح وجهه التائهة والمنهكة, ولا لملابسه المهترئة التي غطاها الفحم والغبار, بل سارع الجميع لتلك التي كانت بين يديه, تلك التي اسودّ وجهها من شدة الأتربة والفحم الذي غطاه....
أنت تقرأ
مخلّفات ماضٍ
Fantasyنعود بأفكارنا لزماننا ونفتش بين ثنايا الضحكات عن سعادتنا، وتأخذنا الأحاسيس إلى أحلامنا، ونرى الثواني تمضي من أمامنا، ولا تزال نفس المشاعر فينا، ودفاترنا لا زالت مملوءة برسم طفولتنا ومقاعدنا لازالت تحوي دفء حكاياتنا. لكن شيئا لا يبقى على حاله...يرون...