٦| أفيون

1.7K 219 312
                                    





" إن لم تقتلني رصاصة عدوي ، فهذا الجرح سيجعلني أسقط "



خطوتها المبتعدة عنه ، يدها التي رفعتها تُبعد جسده عنها ، أخبرته بجوابها دون أن تنطقه ..

صوتها اللاهث وصله واضحاً رغم خفوته : لنؤجل هذا الأمر ، أنا لا أستطيع الآن !

تنفس بعنف قبل أن يقول بصبر : ستؤجلينه لسنة أخرى ! ابنتنا تنام في الغرفة المجاورة يا سايجين ، نحن لسنا حديثي العهد في الزواج و منعكِ إياي عن لمسك طوال هذه الفترة يمكن أن أفسره بطرق كثيرة إلا أني أنتظرك لتخبريني عما يجري معك ..

عوضاً عن أي شئ توقع سماعه منها ، وجدها تهمس بتحشرج و لكن بثبات : أتذكر يوم عرضت عليّ الزواج ؟ أتذكر ما قلته أنت لي ؟

دون أن تعطه الفرصة ليتكلم أمسكت يده بين يديها لتهمس و كلها يرتجف : أخبرتني يومها أني أستطيع الهروب من الدنيا إلى أحضانك ، أنك لا تمانع حمل حزنين .. و أنا .. أنا فعلتُ هذا هربت من الدنيا إليك ! عرفتني على عائلتك و أدخلتني عالمك ، حاولت .. صدقاً حاولت أن أندمج معهم إلا أن كل هذا يشعرني بالوحدة ، بأني دخيلة على عائلتك ، بأني ليس لدي عائلة و هذا يقتلني !

انحنت رأسها و أصدرت صوتاً كأنه كان صوت بكاء دون أن تعطف عليها دموعها لتسقط ، و يا الله كم كانت تهوي البكاء وقتها ، كم كانت تهوي السقوط و البكاء ، إلا أنها لم تستطع ، هزت رأسها لتهتف بصوت موجوع : عائلتي المتبقية لي لم تسأل عليّ يا ويليام ! أبي لم يتصل بي حتى و قد تركت له كل عناويني و أرقامي من عملي لبيتي في مكتبه خلسة قبل أن أرحل آملةً أن يطرق بابي يوماً أو يحن عليّ بمكالمة بسيطة حتى و لو كان فيها يمزق قلبي بكلماته ! آملت أن تتصل بي أمي حتى و قد بكت قبل رحيلي و لكنها لم تفعل !


ازداد هتافها جنوناً و قد كانت تكتم أوجاعها لسنتين : أخبرني ما الذي تريد مني فعله بعد كل هذا ؟! أنا لا شئ بالنسبة لهم و إلا كانوا على الأقل قلقوا عليّ ، حتى لو كلب آووه تحت سقف بيتهم كان ليكون أكثر قيمةً مني ، لسنتين و أنا أحاول أن أكون طبيعية ، ابتسم ، و أتحدث بينما أتلاشى شيئاً فشيئاً ، أحاول تعويض نفسي بك ، و لكني لا أستطيع !


تلاشى توازنها لتسقط أرضاً بينما وجدت ذراعيه تحيطان بها تشدانها لجسده الصلب المرتجف من كلماتها و قد كانت سايجين طوال السنتين الماضيتين دمية خشبية لا روح لها ، انفجارها كان يعني أمراً واحداً ، أن شيئاً سيئاً سيحدث لها ، و قد كان محقاً


لم يتكلم أو يفصح عما في قلبه بينما في لحظة حزنها ترك لها الساحة لتفضي ما في جعبتها بينما يكتفي بانحناءة احترام لأحزانها .. قالت و يدها ترتفع حيث عنقها بينما الاختناق يغزو روحها : أريد البكاء يا ويليام كما في السابق ، أريد أن يحتضنني أبي ، أريد من أمي أن تربت على رأسي ، أريد ..


غفوة على أجنحة المطر ( الجزء الثاني )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن