٢٣| بتر محتم

480 60 85
                                    




" كل القصص خادعة ولن تعرف الجواهر الأصيلة من المزيفة إلا بوضعها في النار ، أو بعد خسارة كل شئ "

ما الإحساس المناسب لوصف ما يجول في خاطره منذ أيام ؟ حدق في الهاتف الموضوع أمامه بحيرة ، لا اتصال منها أو أي إشارة على رؤيتها لرسالته ، هي تتجنبه بالتأكيد وتسد عليه أي مدخل أو رؤية لحالها

حدق في الرسالة البسيطة التي أرسلها قبل أيام دون أن يزيد عليها " كيف حالك ؟ " ، يوجد إحساس بسيط داخله بالغضب لأنه يتم تجاهله للمرة الثانية ، لكنه لا يجد وصفاً صحيحاً لهذا الغضب الطفيف الذي يعتريه والقلق ! ليس كأن هناك مشاعر بينه وبين جاكلين ، ليس كأنه يهتم حتى

هو فقط قلق عليها كما يقلق على أختيه ، كما أنه يشعر بالشفقة اتجاه إيثان الصغير بعد ما حدث لأمه من قبل أبيه ، أو اضطراره لأن يشهد بالذي فعله والده أمام الشرطي ، كل هذا يترك ندبة ذات أثر نفسي شديد لا تنمحي من روح طفلٍ صغير

عاد بتفكيره لجاكلين وكيف بدت متماسكة حتى بعد بكائها في حضنه ذلك اليوم كما عهدها لكنه يتذكر كيف بدت كأضعف من جناح عصفور صغير متشبثة بيداها في ملابسه تحتضن جسده إليها فحفرت دموعها أخاديداً على جسده ، كيف منعته بعد أن توقف بكائها من أي يشهد دمعاتها الحزينات ، كيف خجلت من أثار الضرب التي تعتلي ملامحها وكأنها عار على أنوثتها

تنهد متقبضاً ورجع ليناظر هاتفه وقال بإصرار : لا بأس يا جاكلين لا تردي لكني ذاهبُ إليكِ

لم يمضي الكثير من الوقت وكان أمام بيتها طرق الباب وانتظر لدقائق حتى فُتح الباب ، لم يقابله وجه جاكلين بل عيناها الخضراوين في وجهٍ آخر تماماً ، نظر لشعرها الأشقر ذا اللون الداكن وخمن بأنها أختها ، فقال بابتسامة بسيطة : مرحباً هل جاكلين موجودة ؟

ابتسمت جوليانا ببرود لتقول : نعم موجودة لكنها لا تريد أن تقابل أحداً

ضغط على فكيه ، هي بصراحة لا تريد مقابلته لكن الإصرار داخله لم ييأس : هل لي بأن أدخل لأطمئن عليها ؟

يد ناعمة امتدت بسرعة تمنعه الدخول فارتد بجسده قبل أن يصطدم بها ، ظل يحدق فيها مستغرباً نظراتها المنبهرة لتقول فجأة : ملامح ارستقراطية بامتياز ، عينين مكحلتين دون تدخل ، رموش طويلة ونظرة دخانية وحواجب كثيفة سوداء ، فك حاد كشفرة وشفتين رائعتين وسط وجهٍ جميل ، وجسد طويل فارع قوي كأجساد التماثيل اليونانية

غفوة على أجنحة المطر ( الجزء الثاني )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن