فريدريك سميث مؤسس شركة «فيديرال إكسبرس» أول شركة بريد في العالم، مبتكر من نوع خاص، ذو شخصية مغناطيسية وساحرة، استطاعت أن تحظى بإعجاب واحترام الجمهور.
ويقول هينز آدم مدير خدمة العملاء في «فيديرال إكسبرس» لو طلب سميث من موظفيه البالغ عددهم 13 ألف موظف أن يصطفوا علىٰ أعلى جسر في الولايات المتحدة، وأن يقفزوا من أعلاه، فإن 99 في المئة منهم سيقفزون لإيمانهم الشديد بصحة ما يقوله مؤسس الشركة الفذ.
«فيديرال إكسبرس» واجهت العديد من الانتكاسات منذ تأسيسها في عام 1973 وحتى عام 1976، حيث تعرضت لكثير من الخسائر المتوالية والإفلاسات.
ويصف أحد رؤساء الشركة السابقين المرحلة الأولى بقوله: «لم يكن أفضل المتفائلين يتوقع أن تستمر الشركة لأنها ماتت فعلاً نحو ست مرات، لكن سميث رفض الاستسلام، وفي رأيي فإن استمرار الشركة كان معجزة لم تكن تتحقق لولا وجود شخص مؤمن بفكرته مثل سميث».
فريدريك سميث صرّح في إحدى المجلات عام 1986 قائلاً عبارته المشهورة: «إذا أردت أن تعيش عليك أن تبتكر باستمرار». وأضاف: «لقد وصفني الجميع حتى أقرب أصدقائي بأنني مجنون لمجرد التفكير بتأسيس شركة تقدم خدمات البريد السريع، وولدت فكرة هذا المشروع عندما كنت أحضر في الجامعة بحثاً في موضوع مشابه وحلمت به علىٰ الرغم من أن الأستاذ منحني درجة متوسطة فيه، وسخر مني، إلا أنني بدأت بتنفيذ الفكرة وطورتها كل يوم إلىٰ أن وصلت إلىٰ ما وصلت إليه».
توفي والد سميث وهو في عامه الرابع، وعمل والده علىٰ جمع ثروة طائلة من جهده وعرقه، وأسس سلسلة مطاعم ناجحة، وشركة أخرى لتسيير الحافلات، لكن سميث لم يلق بالاً لثروة والده، علىٰ الرغم من أنه وارثه الوحيد، إلا أنه كان لديه شغف التميز والاستقلال.
ولد سميث وهو يحمل مرضاً اسمه «كالفي» وقد أثر هذا المرض في حركته، وكان يسير علىٰ عكازين معظم طفولته، وتعبت أمه كثيراً لتشعره أنه طبيعي، وتحسن وضعه بعدما أصبح باستطاعته المشي والركض.
من الأحداث التي أثرت في حياة سميث رسالة تركها والده قبل وفاته يطلب منه أن يستثمر المال بشكل جيد ليخدم المجتمع بشكل أفضل، بدل أن يعيش غنياً، كما علمه حب المخاطرة ليكون مميزاً ولينفذ وصاياه.
وتعلم سميث حب المخاطرة من خلال قيادته الطائرات الصغيرة وهو في الخامسة عشرة من عمره، إلىٰ جانب ممارسة هواية صيد الحيوانات المفترسة.
بدأت المرحلة الفعلية لشركة فيديرال إكسبرس في عام 1973 عندما عانت من الديون كثيراً، غير أن سميث قرر عدم الاستسلام، إلىٰ أن أصبحت الشركة في 1983 أسرع شركة في التاريخ تحقق مدخولاً بلغ مليار دولار، واعتبرت من أعظم الشركات في العالم خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
واجه سميث فترات عصيبة من الضغط النفسي والمادي، لكنه كان واثقاً من نجاحه، وقال بعد هذه التجربة: «مرت أيام اعتبرت نفسي محظوظاً لأني ما زلت أذكر اسمي».
فريدريك سميث كان يقرأ أربع ساعات في اليوم، في التاريخ والسياسة والاقتصاد، وكان يعتمد علىٰ حدسه كثيراً في الابتكار، ويخطط باستمرار لنجاح شركته، ولم يكن مكتفياً بما وصل إليه من منصب ونجاح، لذا ابتكر فكرة كلفته خسائر تصل إلىٰ 350 مليون دولار في 1980، وبعدها صدم العالم عندما اشترى شركة طيران بالرغم من خسائره بمبلغ 880 مليون دولار مما رفع ديون شركته إلىٰ 400 مليون دولار.
واستطاع سميث أن يتغلب علىٰ خسائره بنجاح شركة الطيران بمعجزة أفكاره الجبارة، ومغامراته الإيجابية، في الوقت الذي كان مؤمناً بنجاحه من خلال وصول أسطوله الجوي إلىٰ 396 طائرة، مما خدم المجتمع وأمّن لهم وسيلة نقل للرسائل والطرود والشحن، استفاد منها الآلاف.
عندها قال سميث: «لكي تبني مؤسسة كبيرة وناجحة عليك أن تدفع الثمن غالياً، وبخاصة علىٰ الصعيد الشخصي».
أنت تقرأ
قصص اخترتها لكم 2 :- مكتمل-:
Short Storyمجموعة قصص من مختارات الشيخ عبد الرضا معاش اختارها لكم