بين اللف والدوران

79 6 0
                                    

ينقل في أحوال أحد القضاة أن إنساناً جاء إليه وقال له: كان لي شراكة مع صديق في مال فدفنا المال معاً تحت شجرة خارج المدينة، وبعد مدة احتجت إليه فذهبنا معاً لنأخذ المال فلم نعثر عليه فظننت ظناً قوياً بأن الصديق نفسه هو الذي ذهب وأخذ المال لأن غيرنا لا يعلم بذلك إطلاقاً.
فقال له القاضي: ألك شاهد أو دليل علىٰ ذلك؟
قال: كلا سوى أنه ليس أحد غيرنا يعلم بالمكان.
فطلب القاضي صديقه وسأله عن المال والشجرة، فأنكر علمه بشيء من ذلك.
فقال له القاضي: لا بأس، اجلس هنيهة فجلس.
ثم توجه القاضي إلىٰ الشاكي وقال: اذهب إلىٰ الشجرة التي دفنت المال تحتها وانظر ماذا ترى فأخبرني به.
قال الرجل: وما فائدة ذهابي إلىٰ الشجرة؟
قال: لعل الله سبحانه وتعالىٰ يقذف في قلب من أخذ المال، فيرجعه إلىٰ مكانه، أو تجده هناك والمال معه فتأخذه منه.
فلم يقتنع الرجل بذلك لكنه ذهب إطاعة لأمر القاضي.
وبعد فترة من ذهاب الشاكي توجه القاضي إلىٰ هذا المجلس وقال له: أظن أن صديقك قد أبطأ؟
قال الرجل: لا، لم يبطئ.
قال القاضي: ولماذا؟
قال: لأن الشجرة بعيدة عن المدينة بمقدار تستدعي هذا البطء.
فتوجه إليه القاضي وقال: الآن اعترفت علىٰ نفسك قم وائت بالمال، وإلا فما علمك بالشجرة المعينة، فلم ير الرجل بداً من الإذعان وتسليم المال، فقد اعترف علىٰ نفسه من حيث لا يعلم.
ولما رجع الشاكي سلمه القاضي المال وقال له: إنما أمرتك بالذهاب إلىٰ الشجرة حتى أفتح طريق الاستجواب مع هذا الرجل وأستخلص منه الاعتراف، وكان كما أردت، فخذ المال وانصرف غانماً.

قصص اخترتها لكم 2 :- مكتمل-:حيث تعيش القصص. اكتشف الآن