سمع رجل في بغداد بأن أحد زهاد مصر يملك اسم الله الأعظم وهو الاسم الذي ورد في دعاء سمات: (وإذا دعيت به علىٰ مغالق أبواب السماء للفتح بالرحمة انفتحت، وإذا دعيت به علىٰ مضايق أبواب الأرض للفرج انفرجت، وإذا دعيت به علىٰ العسر لليسر تيسرت، وإذا دعيت به علىٰ الأموات للنشور انتشرت، وإذا دعيت به علىٰ كشف البأساء والضراء انكشفت).
فإنه إذا تلفظ الإنسان باسم الله الأعظم وطلب من الله شيئاً أعطاه الله ما أراده فوراً، وفي القرآن الحكيم إشارة إليه حيث قال سبحانه: ﴿قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُ عِلم مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ﴾ (66) .
وعلىٰ أي حال قصد هذا الإنسان مصر وخدم ذلك الزاهد سنة ثم طلب منه أن يعلمه الاسم الأعظم فأبى الزاهد، فخدمة سنة ثانية وهو يظهر الخشوع والعبادة والتبتل والإعراض عن الدنيا والزهد والتقشف، وبعد تمام السنتين طلب منه أن يعلمه، فأبى الزاهد تعليمه، فخدمهُ سنة ثالثة وهو علىٰ عبادته وزهده وتبتله وانقطاعه وقنوته لله سبحانه وتعالىٰ حتى صار كالشن البالي، فقال له الزاهد: لا بأس ثم إن الزاهد في يوم من الأيام أعطاه إناءً وقال له: اذهب بهذا الإناء إلىٰ المكان الفلاني وسلمه إلىٰ فلان. فأخذ الرجل الإناء وذهب به نحو المقصد وفي أثناء الطريق رأى أن شيئاً في الإناء يتحرك فتعجّب مما في الإناء وتصور أنه حيوان فلم تتركه نفسه أن لا يطلع علىٰ ما في الإناء وإنما شوقته إلىٰ الاستطلاع وأخيراً رفع غطاء الإناء وإذا بفأرة تقفز منه إلىٰ الخارج، فغضب الرجل غضباً شديداً ورجع إلىٰ الزاهد قائلاً: هل جزائي بعد خدمتك ثلاث سنوات الاستهزاء بي؟
قال له الزاهد: وكيف ذلك؟
فنقل له الرجل: أنه رفع غطاء الإناء فقفزت منه فأرة، وهل هذا إلا من الاستهزاء به؟
قال الزاهد: يا هذا إنك لا تؤتمن علىٰ فأرة فهل تؤتمن علىٰ اسم الله الأعظم فإني أردت أن أمتحنك بهذا وأثبّت لك أنك لست أهلاً لذلك، فمن قال لك أن تخون الأمانة وترفع منه الغطاء؟
ثم طرده. وذهب الرجل خائباً.ــــــــــــــــــــــــــــ
66- سورة النمل، الآية: 40.