#أنامثيا
#الفصل_الثالث
... كان البرق يعانق السماء كسيف اسطوري يشق صدر الليل, وكانت الاذان تصم من هزيم الرعد الهادر بينما كان زياد ينطلق بسيارته كالشهاب الثاقب بين المطر المنهمر كالسيل متوجها الي اقرب مشفي اليه لكي ينجد زوجته حنين التي اصابها نزيف حاد بجانب جرح غائر بجبهتها بينما هي في اشهر حملها الاولي, كان فزع زياد وخوفه على حنين ترتعد له اوصاله فلم يرفع يده عن بوق السيارة طوال الطريق وان نظرت الي وجهه سوف تجده كما لو كان شبحا, دقائق قليلة استغرقها زياد ليصل بحنين الي المشفي ليترك سيارته امام بابها ويخرج مهرولا من السيارة ليلتف حولها ويخرج حنين التي كانت شبه غائبة عن وعيها والدم يسيل من جبهتها ويكسو ارجلها من المقعد الخلفي ليحملها بين يديه ويشق طريقه داخل المشفي صارخا بكل اتجاه طلبا للنجدة من الاطباء, لم يكن مشهد زياد وهو يصرخ بالاطباء لنجدته وهو يحمل حنين يعطيهم اي مجال لمجادلته ولو لبرهة فما كان منهم سوي أن يجعلوه يضعها على احد أسرة المرضي المتنقلة ويهرولوا بها الي غرفة العمليات متوسلين اليه للبقاء بالخارج, كانت اللحظات في ذلك الوقت تمر علي زياد كما لو كانت دهرا وهو ينتظر خروج احدا من الاطبء ليطمئنه على زوجته وحب حياته حنين, وظل زياد واقف على قدميه امام غرفة العمليات ينظر الي ذلك المصباح الاحمر المضئ اعلاها عله يتحول للاخضر فيخرج احدا ليطمئنه, كان يقف زياد بثبات بمكانه هناك بملابسه التي يلطخها الدماء ليبدو كمن مسه الجنون حتي وصل إليه شريف يهرول وخلفه عادل يملؤهم القلق والتوتر والتساؤل عن حال حنين وما اصابها, كان جسد زياد ينتفض بقوة بينما كان العرق يتساقط منه بغزارة وهو يجاهد صوته لتخرج منه الكلمات بتلعثم من فرط التوتر الذي يطيح بعقله وهو يخبرهم عن ذلك الحادث الذي وقع لحنين عندما تعثرت قدميها عندما كانت تهبط الدرج مسرعة لاستقباله عند عودته من عمله لتسقط مصطدمة بدرجات الدرج بقوة حتي اسفله وعندما سارع لنجدتها وجد دماء غزيرة تسيل على ارجلها كما تنهمر من رأسها جراء جرح بالغ قد اصيبت به عندما اصطدمت رأسها بالدرج فلم يعمل ماذا يفعل سوي انه قد هرول بها الي المشفي, حاول شريف وعادل تهدئة زياد بأقصي ما امكانهم ولكن بئات محولتهم معه بالفشل فهم يعلمون رابط الحب القوي بين زياد وحنين وكم واجهوا من تحديات ليصبحوا لبعضهما, مرت قرابة الساعتين قبل ان يتحول الضوء الاحمر لغرفة العمليات الي الاخضر ليخرج هذا السرير المتنقل يحمل حنين فوقه مغطاة بضمادة لرأسها ويخرج من خلفها الطبيب ليحيطه زياد وشريف وعادل في تلهف لمعرفة ما حدث لحنين بعدما حاولوا ان يطمئنوا عليها وهي بطريقها لاحدي غرف العناية المركزة, حاول الطبيب جاهدا ان يهدئهم قليلا ليستطيع ان يجيبهم عن أسئلتهم المنهمرة عليه وبالفعل هدأ ثلاثتهم قليلا عن طرح الاسئلة عن الطبيب ليمتعض وجه قليلا قبل ان يخبرهم ان حنين قد اصيبت بارتجاج بالمخ ونزيف داخلي كما ان حملها قد تأثر بشكلا بالغ اثر سقوطها العنيف ومع ذلك فقد قام هو والاطباء بأقصي ما يمكنهم فعله لانقاذها هي والجنين الذي تشبث بوالدته بشكلا يشبه الاعجاز ثم عبث وجه الطبيب قليلا قبل ان يستكمل حديثه ليخبرهم بأن حنين سوف توضع بالعناية المركزة لانها لم تتجاوز هي والجنين مرحلة الخطر بعد وانه من الممكن ان تبقي بغيبوبتها لفترة من الوقت, كان ما يخبرهم به الطبيب يقع على مسمع زياد كالصاعقة تشق رأسه لتذهب بعقله أدراج الرياح او كسيف يشق صدره فينتزع قلبه ليعتصره في قسوة بالغة فنهارت الارض اسفل اقدامه وكان لا شئ هناك ليقف عليه وكاد جسده ان يهوي لولا شريف وعادل اللذين سارعا للامساك به واجلسه على احد المقاعد بجوارهم قبل ان يشكرا الطبيب الذي غادر الي مكتبه, جلس شريف وعادل الي جوار زياد في صمت كامل لا يعلمون ما يتوجب عليهم قوله وهم علي دراية كاملة ان لاشئ يستطيع ان يخفف عن زياد ما يشعر به الان, بينما جلس زياد هو الاخر صامت منكس رأسه بين راحتي يديه قبل أن تنهمر منه الدموع كطفلا صغير دون ارادة منه ما جعل شريف يحتضنه في أسي لحاله لا يجد ما يستطيع قوله سوي
- أهدأ يا صديقي, أهدأ ولا تقلق, أنا اثق أنك لن تفقد حنين مرة أخري وبالتأكيد لن تقوم تلك الحادثة البسيطة بفعل ما لم تستطع أنامثيا فعله وتفرقكما.
... رفع زياد رأسه من بين يديه منتفضا وهو ينظر الي شريف في دهشة مختلطة بحماس كما لو كان تذكر شئ لم يفكر به ونبهته إليه كلمات شريف وهو الامر الذي جعل شريف يسأله متعجبا
- ما الأمر يا صديقي؟!!!, هل غضبت من حديثي؟!!!
... حاول زياد ان يستجمع قواه رويدا رويدا ويهدأ من ملامحه قائلا
- لا شئ يا صديقي, ولكنك محق لا يوجد في هذا العالم ما يستطيع أن يفرقني عن حنين
= أنا متأكد من ذلك يا صديقي
... ربط عادل على كتف زياد مشاركهم الحديث قائلا
- لا تقلق يا صديقي فنحن معك هنا, كما ان الاطباء يفعلون كل ما بوسعهم لنجدة حنين, واعتقد ان حب حنين لك سوف يجعلها تتشبث بالحياة كتشبث طفلك بها
= أرجو ذلك حقا يا عادل
... صمت زياد قليلا بعد تلك الجملة في شرود كمن يفكر في الاقدام على شئ غامض لا يعلمه إلا هو في قرارة نفسه
#أنامثيا
#أدهم_ألجيزاوى
أنت تقرأ
أنامثيا...ج٢... بقلم أدهم الجيزاوي
Fantasiaالجزء الثاني ....أنامثيا...بقلم أدهم الجيزاوي... جميع الحقوق محفوظه للكاتب.... تجنبا للإرتباك عند ذكر بعض شخصيات الممتدة من الجزء الأول أنصح بقرائته قبلا ( لعنه حب ) ألم تفتقدني يا دهار؟ ... قالت أنامثيا جملتها لتنقض نحو زياد وهي تتبدل ملامحها الي م...