|1| عدالةٌ قاسيَّة

7.2K 325 565
                                    


الصلاةُ والسلام على رسول الله. استغفرُ الله وأتوبُ إلَيه.
_______






Fata viam invenient
ستجد الأقدارُ طريقةً ما

-

   يوم ذُكر اسمي في محكمة الزّمن كُتب أنّي كُنت آثمًا منذ الأزل، كنتُ خطيئةً عكَّرت صفوَّ العالم، وزُورًا غدوتُ مذنبًا، فكبَّلتني الحياةُ بأصفادِ النّكد وزجّت بي في سجنها ذو الغياهب الداميّة. عرّضت فؤادي للألم فقرّرت بتره عنّي بقتل مشاعري، ودون تردُّدٍ فعلتُ روّيدًا روّيدًا إلى أن نلتُ مبتغاي؛ غدوتُ رجلًا خشنًا لا يُكسَر، وبدل ضمّ كسراته السابقة؛ أسكَنَها! وألحَفَها الصمت فغابت عن مرأى غيره.

   ما وددتُ التعرّي من تكتُّمي عمّا يضرّني يومًا، ولا التوهّن لتتناءى لغيري محطّات ضعفي، فتوارِيَّ عقب رداء الكبريّاء لم يكُ بالعبث، لأنّي وعلى درب عُمري كنت مستعدًّا لخوض طرقٍ وعرةٍ تعيقني ثلوجها الصّردة، يساندها زمهريرٌ قاسٍ يهدف لتهشيم روحي ثم الاستمتاع بآهاتٍ استنزفها ألمي... ولم يكُن ذلك بالجديد عليّ، فوجنتي شهدت أقسى الصفعات من كفّ الواقع حين لاحت بسمتي المُرهقة مُطلَّةً على قدري.

   لكنّي وللآمال لباتِر، بسيف عزّتي وقناع قوّتي الذي تلاحم مع وجهي -فغدا منّي- آثرت المواجهة، لأشفي غليلي سأقطف من بستان التّره القائم بداخلي ثمرةً فثمرة، ولمثاليّتي التي يُبصرها الجميع على سحنتي حافظت. أقسمتُ أن أبيد ألوان التلهوق بتيّار سخطي، ثم للمصير موعدٌ مدبَّرٌ معهم لينقُل لهم ما لقَّنته إيّاه؛ استنزاف الأحمر؛ التمتُّع بسفك دماء أرواحهم، ثم النّهش من أنفسهم إلى أن تخار القِوى فينفصل العالم عنهم.

   تنهيدةٌ ثقيلةٌ ألقيتُها حين خنقني واقعي المرير بأفكارٍ مُردَّدةٍ لا تفارقني. وقتئذٍ عاد حسّي بما حولي، فشعرت بِــصَرِّ الصباح البارد يتفشّى داخل الحُجرة التي أقف فيها. ألقيتُ سيجارتي بعد أن انتهيتُ منها ثم دُستها بقدمي قبل أن تتخلَّل أناملي شعر مُلثّم الوجه القاعد أمامي؛ أسحبُ رأسهُ للخلف بعنف، استطردتُ مُتجاهلًا أنينه الواهن:

- ما رأيُك بنهاية لعبتك آدالبيرتو؟

   ما لاقيتُه كان أنين المعنيّ بالسؤال إذ أنّه لم يقدر على أن ينبس ببنت شفة؛ أُبرِح ضربًا بعد كلّ شيء. ألقيتُ رأسه بخشونةٍ ثم تمتمت:

- فلتحمد ربّك لأن نهايتك لن تكون على يدي.

طالعتُ كاي الغارق في نومه على ذاك الكرسيّ الهش... لو انهار هذا المبنى الآن على رأسه ما كان ليستفيق من نومه. شققتُ طريقي صوب مخرج الحجرة ثم بصوتٍ جهوريٍّ ناديت:

ألَّا اندمل.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن