الجزء الرابع-ف٢

20.4K 361 15
                                    

انهما ينتظران في الحديقة...ممسكان بيد بعضيهما....سألها ياز مجدد: الن تخبريني شيء؟
هزان : ليس بعد حبيبي...اريدك ان تقابل شخصا...و تحاول ان تتذكر من يكون!!؟
ياز: حسنا على الاقل....لكن الممرضة قاطعتهما...
الممرضة: مرحبا...اسفة لكنها اليوم بمزاج سيء لا تريد الخروج من غرفتها...ولا تريد رأية احد
هزان: يجب أن نراها...ارجوك الامر في غاية الاهمية
الممرضة : حسنا...لبعض الوقت فقط...اتبعاني من فضلكما
لما وصلا إلى الغرفة...تركت هزان ياز يدخل بمفرده و بقيت واقفة عند مدخل الباب تراقب اللقاء.....لقاء الابن بأمه...
كانت تجلس على مقعد أمام النافذة....تنظر إلى الأفق...اقترب منها ياز بخطوات مترددة...تراود ذهنه اسألة كثيرة....اهمها: من تكون المرأة التي تريد هزان ان يتذكرها...؟
جلس على ركبتيه...فنظرت إليه..
ياز: مرحبا .....
اجابته باللغة الروسية: بريفيات(مرحبا)
التفت إلى هزان...فشجعته للمواصلة و هي تهز رأسها بإصرار...قلبها يبكي الما على سخرية الحياة ...ام و ابنها...كل منهما لا يعرف من يكون الآخر...
تابع ياز الحديث معها...بلغتها...مدركا انها شخص مهم في حياته.... لكنه لم يستطع معرفة من تكون ....فخاطب هزان التي اقتربت منهما: أشعر انها شخص مهم ....لكن لا أتذكر وجهها
ركعت هزان بدورها ...لاحظت ان في كفها ورقة مطوية....فاخذتها منها برفق...فتحتها...ثم ابتسمت و أعطتها إلى ياز: هل تتذكر هذا الرسم ؟
اخذه بين يديه وهو يركز على ملامح الاشخاص بالرسم.....بعد لحظات رفع رأسه...دمعتان...تقطران من عيناه: امي ؟ انها أمي
فهزت راسها تبكي و تبتسم في نفس الوقت: أجل حبيبي انها والدتك...السيدة نتاشا
تغررغت عيناه الخضروان بالدموع ...فاجهش بالبكاء واضعا رأسه على ركبتيها مرددا: ماما( امي).....مدت هذه الأخيرة يدها..و لامست خصلات شعره.....و بدأت تغني بصوت رقيق......فتذكر ياز الاغنية التي كان طفلا يسمعها قبل النوم......

مر اليوم بسرعة...لقد حل الظلام الآن...نزلت هزان من العربة التي اوصلتها و ياز إلى السرايا.......اخبرها انه ذاهب الى منزل الدكتور فرانسوا...ليواجه كريستين و يعرف لما اخبرت الجميع انه يكون زوجها؟ و لما اخترعت كل تلك الأكاذيب عن ماضيه و من يكون ؟....
حين أقلعت العربة...اتجهت هزان إلى السرايا......تمشي في الممر ببطئ...و حزن شديد ...لم تكن ترغب أن يتركها....مجددا...لم تخبره حتى عن ابنه...؟؟...تنهدت بعمق و جلست على طرف النافورة وسط الحديقة....اغطست يدها.....تحرك بتول الورد المتساقطة...في المياه....فجأة احست بيد فوق كتفها....ولما التفتت وجدته امامها.....
ياز: لم استطع الذهاب...نزلت و هرعت إلى هنا...لا اريد ان اتركك...بعد أن وجدتك مجددا......ثم اخذها في حضنه هامسا: احتاجك حبيبتي...احتاج لأسمع كل حقيقتي منك....
ابتعدت وقبلته على خذه: هناك حقيقة لا تعلمها بعد....و لن تتمكن من تذكرها حتى وان اردت...ثم سحبته من يده.....واسرعت الى الداخل....تبعها و هو يتسأل عن سبب ابتهاجها المفاجئ....توقفت أمام أحد الابواب في الرواق...طرقت الباب برفق و دخلت ....السكون يعم المكان...اقتربت من السيدة فضيلة التي كانت تتأرجح على مقعد حاملة الرضيع بين يداها
هزان: هل نام ؟
ابتسمت السيدة فضيلة: ليس بعد......ثم الى ياز...انه ينتظر والده...
بقي ياز واقفا....مندهشا من كلامها.....اما هزان فمدت يدها و حملت صغيرها في حضنها....ثم تقدمت نحوه تحاول التقاط نظره الذي بقي صافنا في الفضاء: ياز..حبيبي .....اقدم لك طفلك قيصر .....ياز ؟
نظر اليها...ثم الى الصغير في حضنها: هل هذا صحيح ؟
هزان : اجل حبيبي.....ثم مدته اليه...خذه الى حضنك...فاخذه بحركات خرقاء...مما اضحك السيدة فضيلة: نهضت هذه الأخيرة من مكانها ....ثم اتجهت نحو ياز وقبلته على خذه : انا سعيدة بعودتك ...ثم الى هزان لقد اخبرتك انه صورة عن أبيه...دقيقي في العينين انها نفسها .....ساترككما مع طفلكما...الان
استلقت هزان إلى جانبه...بعد أن تأكدت ان صغيرها قد استسلم إلى النوم....ثم سألته: هل انت بخير ؟....اقصد ان اليوم كان حافلا والعواطف....لا اريدك ان ترهق ذاكرتك اكثر...حاول أن تنام قليلا...حبيبي
ياز: لا اريد النوم هزان ....اريدك ان تخبريني ما وقع لي كيف حدث كل هذا...تراودني مشاهد و احداث لكنني لا أستطيع وضعها بتسلسل...
هزان: حسنا و بدأت تسرد له كل الأحداث...تجيب بدقة على كل سؤال يطرحه...و عندما يخبرها عن اسم مكان او شخص تعطيه كل التفاصيل......بقيا يتحدثان ساعات طويلة....ساعات كانت كفيلة بازالة كل المبهمات في ذاكرته...اصبح يتذكر اشخاصا مثل جمال يلدز...سوزان ...ياسين و حتى المختار أمين تشامكران...
ياز: صحيح السيدة سيفينش؟ انا لم اسألك عنها ؟ كيف حالها؟
فأجابته: آسفة ياز....لقد توفيت قبل عدة أشهر ...اصابتها نوبة قلبية
تنفس بعمق واضعا يده خلف رأسه شاحبة هزان إلى حضنه: مرت احداث كثيرة في غيابي...
هزان : لقد غبت اكثر من سنة ياز.....كانت بالنسبة اليا أسوء فترة أمر بها في حياتي...خاصة ان الكل كان يعتقد انك غرقت في مياه البحر الأسود ...لم تصدقني احد عندما اخبرتهم بشعوري انك حي...ثم ابتسمت ...ظهر انني و علي المجنون كنا على حق...
انتقض ياز و انحنى لينظر في عيناها: هل قلتي على المجنون؟...
هزان : أجل ! علي ...هل تذكرته...كنت تحب الدردشة معه كثيرا في ترابزون....
ياز: نعم .. اتذكر الآن......لقد كان هو ...هو من اخرجني من المياه....كان آخر شخص رأيته قبل ان افقد الوعي...... بعدها استيقصت داخل عيادة في باريس.... و كانت كريستين الى جانبي...
هزان : اذا علي هو من انقضك؟ لكن ماذا حصل بعدها...كيف وجدت نفسك هناك مع تلك المرأة...من تكون...و لما تكذب عليك؟..سكتت قليلا و تابعت: يا الاهي ...ياز هل والدها الطبيب يساعدها ....؟
ياز: لا لا اضن أبدا....لانه أراد دائما مساعدتي...حتى انه هو الذي اصر على احضاري إلى هنا كان يقول ان التغير سيحفز على عودتي ذاكرتي....كنا سنمكث بضع أشهر في اسطمبول ثم نشد الرحال إلى سان بيتر بورغ...استلقى مجددا: سأتحدث مع كريستين لافهم كل شيء منها غدا....
بقيت تنظر اليه: انا خائفة حبيبي...لا تذهب اليها أرجوك...لا اعرف ما خطبها...لكنها مهووسة بك ...في اول يوم تعرفت عليها كانت تبكي لان نتيجة فحص حملها كانت سلبية.....ثم ابتلعت ريقها و هي تسأله: هل انت...و هي ...اعني هل انتما زوجان..اقصد هل كانت لكما حياة زوجية؟

وردة الشتاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن