الرابع من فبراير

246 47 20
                                    

استيقظت اليوم في غرفتي التي لم أنم فيها منذ فترة طويلة ، و بمجرد أن صحوت تذكرت بأنني قد غفوت في السيارة مساء أمس بعد أن تركنا روسينا لتذهب عبر الحافلة بينما عدت أنا وأرنست مع الشرطة ، وأذكر بأنهم قد وافقوا على اغلاق ملف القضية كما توقعت تماما .

نزلت متجها نحو المطبخ طلبا للطعام ، فأخذت بعض الخبر والعسل وبالطبع فنجانا كبيرا من القهوة ، ولم اسمع إلا صوت الهدوء حينها ، " لا بد من أن أبي يغط في سبات عميق الآن .." قلت معلقا ، ثم جلست أتناول طعامي ، وما إن أتممته حتى ارتميت على الأريكة ورحت أتنفس بعمق محاولا الإهتداء لما سأفعله في هذا اليوم الفارغ ، فقد اتفق ثلاثتنا بالأمس بأن نحاول جمع معلومات بطريقة منفردة ثم نلتقي في الغد .

الصباح لا يزال بأوله ولكني متعب حقاً  وياله من تعب نفسي عميق يخالجني و لعل سببه الأول هو مقتل ليونيد المسكين و أشعر بأني مذنب بحق كل تلك الارواح التي سُلبت في وقت كنت أستطيع فيه المساعدة .
وضعت معصمي على وجهي ليحجب عيناي التي سمحت لدموعي بالتسلل خارجا لعلها تريح تلك الأعصاب التي اعتادت الأنانية لوقت طويل ..

- صباح الخير أبرو .
رنت كلمات أبي في أذني  لأمسح دموعي مستخفيا ذلك وأرد:
- صباح النور ، أنمت جيدا ؟
- بالطبع ! هذا لأن تلك القضايا المربكة قد انتهت اخيرا ..
اكتفيت بهز رأسي فاختفى في المطبخ قليلا ليعود ومعه كوب شاي ،فجلس بمقابلتي وراح يحتسي منه القليل ثم أردف :
- اذن ، ألن تنوي كتابة شيء ما ؟
لأرد بيأس :
- لا أظن بأن لدي أفكارا كافية الآن ..
- لا بأس عليك .

ثم واصل أبي شرب الشاي بينما سألته مجددا :
- بخصوص القضية السابقة ، هل تبادلت الصحف اخبارها  أم لا ؟
- لست أدري فعلا ولكن أظن بأن المحقق رفاييل قد تواصل مع بعض الصحفيين الفضوليين صباح أمس ، ولكن لما تسأل ؟ ألا تزال مهتما بها؟
تنهدت طويلا بينما بقيت مترددا بين إخباره بما يحدث معي  وبين التكتم عن الأمر ، ليضيف قبل أن أنطق بشيء  :
- ما الذي يشغلك يا فتى؟
- لا شيء مهم ، لقد خطر ببالي ذاك السؤال فقط .
- حسنا .

رد أبي بغير اكتراث ، فأبعدت الكرسي مغادرا الطاولة بضجر ، فواصل أبي قائلا :
- أتنوي النوم مجددا ؟
- لا أظن ذلك ..
ورحت أصعد السلالم بينما أردف بصوت عال :
- أقترح عليك الخروج قليلا والتسكع مع أصدقائك ..

لم أرد عليه بل صعدت بخذر إلى الغرفة ، وجلست على مكتبي أتأمل كل تلك الأوراق التي كتبناها أنا وأرنست ، "نحن نملك فرصة أخيرة ، ولن نخسر شيئا من المحاولة " قلت في نفسي محاولا استجماع طاقتي للبحث عن أي دليل آخر ، وقد أفلحتُ في ذلك فبعد نصف ساعة كنت جاهزا ؛ إرتديت ملابس أنيقة مع معطف صوفي أحمر ، وجهزت حقيبتي واضعا كل تلك الاوراق هناك ، وأضفت المفتاح والنجمة اللذان وجدتهما مع ليونيد وبالطبع صورة الجاني .

قاتل بدون هوية - A murderer without an identityحيث تعيش القصص. اكتشف الآن